الذكر الأثير

الذكر الأثير

الذكر الأثير

 لبنان اليوم -

الذكر الأثير

بقلم :سمير عطا الله

فيروز وطه حسين ودوستويفسكي ومحمود السعدني، أسماء يجمع بينها موعد الولادة في شهر واحد. هناك ألوف أخرى ولدوا في مثل هذه الحقبة أيضاً، لكنهم لا يُذكرون إلا في دفاترهم. جميع الخلق تتداولهم الأيام، لكن بعضهم يمر مثل علامة فارقة، يترك في الذاكرة الجماعية شيئاً من جماليات الحياة، كلمة أو لحناً أو تحية.
ولد دوستويفسكي منذ مائتي عام. ولا يزال أهم أدباء روسيا وأحد أهم الأسماء في تاريخ الأدب العالمي. ولماذا لا ننسى ذكرى وفاة أو ميلاد طه حسين؟ وهل لو لم يكن بصيراً لما كان له كل هذا المجد، أم أن عماه زاد من هالته؟ وهل يتكرر محمود السعدني؟ أو بالأحرى لماذا لم يتكرر بعد كل هذا الغياب. لماذا الكتابة الساخرة صعبة إلى هذا الحد؟ لماذا عندنا مائة كاتب كبير وسعدني واحد؟ لماذا عباقرة السخرية نادرون في كل البلدان؟ تشرشل واحد، وبرنارد شو واحد، وموليير واحد، وشارلي شابلن واحد في أميركا التي تضم 300 مليون شخص؟ لماذا لا يمزح الألمان؟ لماذا الأدب الإنجليزي مليء بالدعابة والمرح والهزل والسخرية وشكسبير، بينما الألمان كآبة وفلسفة بلا نهاية وجدية بلا نهايات؟
يولد الناس بالملايين لكنهم يتذكرون فقط أهل الأثر المحفور. أولئك الذين تركوا في رحلة العبور ابتسامة أو طيباً أو لحناً أو عمقاً أو علماً. أما لماذا تولد هذه العبقريات في حقبة واحدة فمجرد مصادفات وأقدار. وبعدما يحدث هذا التصادف يجلس المحللون ويحللون. ويوزعون الأسباب في دقة. ويكتشفون في نهاية المطاف أن ليس للعبقريات مواسم ولا فصول. سيل جارف هي الحياة، يترجل منه على الطريق صاحب ميزة، هو نفسه لا يدرك لماذا صار روائياً لا يجاريه أحد، أو عالماً يخترع الذرة للقتل والجرثومة للقاح، أو ما هي المصادفة التي تجعل في عائلة واحدة، فيروز وعاصي ومنصور وزياد.
قبل أيام كتب السفير عبد الله بشارة في «القبس» عن بلوغه السادسة والثمانين، مستعرضاً حصاد السنين. يذكرك ذلك بالجبل الدبلوماسي الذي يمثله عبد الله بشارة، وجيل الصحافة الذي تمثله «القبس»: الحماس في التروي والهدوء في المعارضة والعقل في كل شيء. يستخدم الكويتيون كلمة «عدل» في كل كلام. وهذا جيل «العدل» ولاء ومعارضة. لكن بعض المعارضة تحول إلى «مطاردة» فقد أصحابها كل المقاييس. ولا تزال الكويت، مثل جميع الدول «الملكية» تمارس العفو حيال الخارجين عن كل مقياس وطني. وهو تقليد لا تقر به الدول الأخرى، حيث يمضي السجين السياسي عمره في السجن ويخرج قبل أسبوع واحد من وفاته لكي يتمكن من حضور جنازته.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذكر الأثير الذكر الأثير



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon