تعويض

تعويض

تعويض

 لبنان اليوم -

تعويض

بقلم :سمير عطا الله

«القرى الصغيرة تكثر فيها الشخصيات». قول لا ينسى، لكنني للأسف نسيت اسم قائله. هكذا يحدث مع الوقت. يبقى القول ويضيع القائل في سراب النسيان. من دون جهد يضيع. والناس تواطأت من زمان على تخفيف حمل الذاكرة: القائل ليس مهماً إلا في الفروض المدرسية وامتحانات الدخول. تلك هي مهارة الذاكرة، أهم البراعات في العقل. هي تقرر: الأهم والمهم والمنسي. الدائم والعابر والمستبقي.
وزال من الذاكرة صاحب ذلك القول. والحقيقة أن الأمر غير مهم على الإطلاق، لأنه قول شاعري بغير دقّة. الصحيح أن الشخصيات والطباع موجودة في كل مكان وكثيرة في المدن، لكننا نعرف بها في القرى لأن القرى صغيرة. وهل المدن إلا قرى تجمعت مع السنين بعضها على بعض؟ وماذا كانت لندن سوى قرى؟ لكن «الشخصيات» تضيع في المدن. ولولا صنايعية عباقرة مثل نجيب محفوظ لما تذكرتَ أن المدن معرض للطباع. لكن توفيق الحكيم اتبع المدرسة القديمة دون عناء: ذهب إلى الأرياف وعاد منها بيوميات جاهزة وما عليه سوى أن ينسخ ويسجل: القاضي والشرطي والأفندي واللغة والحوار والعمدة والأسطى والشاويش.
اللوحة جاهزة في القرى: صيّاح القرية، والفتوة والبقّال الموالي للحكومة. ولعله مُخبِرُها أيضاً. ويقدم لمؤيديها معاملة خاصة يمنعها عن المعارضين، كما يستقبل المؤيدين بالابتسامة والتأهيل وبالكاد يرد تحية المعارضين، أو يسألهم عن أبنائهم. مزعجة الأمكنة الصغيرة. وتهدّئ الناس أعصابها بتمضية الوقت في الحقول، حيث لا تفل الوحدة إلا بالوحدة، كما لا يفل الحديد إلا بالحديد. وهذا أيضاً قول لا أعرف صاحبه، لكن لا بد أنه واحد من اثنين: فيلسوف أو حداد. والأرجح أنه القائل أيضاً: «ما بين المطرقة والسندان». وله فضل عظيم على الكسالى وخاملي العقول ومداومي «قهوة النشاط»: يرددونه مثل «إف» و«تبّاً» وعلى قول المثل، ويكرر خاملو الصحافة العناوين والكليشيهات طوال الأيام والسنوات، ثم العمر. ثم يكررها من بعدهم ورثة الخمول والتنبلة وذبابة تسي، تسي، مسببة النوم الطويل.
واللوم في الصحافة ليس على عبقري «المطرقة والسندان»، بل على المسؤول الذي يمسك برأس كل من يستخدم هذه التعابير، ويفقعها مطرقة من هنا وسنداناً من هناك ويطلب تعويضاً عن الضرر الذي ألحقه بهما.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعويض تعويض



GMT 18:19 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

كرة ثلج شيعية ضد ثنائية الحزب والحركة!

GMT 17:28 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

مقتطفات السبت

GMT 17:26 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

سؤالان حول مسرحية فيينا

GMT 08:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس التعاون حقاً

GMT 08:28 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم هي «الحفرة اللبنانية»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon