الجدولة

الجدولة

الجدولة

 لبنان اليوم -

الجدولة

بقلم :سمير عطا الله

كنت في صدد وضع سلسلة من الزوايا حول المرأة عند العرب. أو نساء العرب. وكيف كانت النظرة إليها عند قدمائهم. واكتشفت سريعاً أن هناك أطناناً مما كُتب في هذا الباب منها ما يُنشر ومنها ما لا يُنشر، ومنها ما لا يُقرأ مهما كان الإنسان متقدماً في السن أو في القراءات أو في النضوج. ولعل قدماءنا الأعزاء كانوا بين الأكثر إباحية في الشعوب. لكن ضع هذا الجانب جانباً، وسوف يظل للمرأة اهتمام كبير، خصوصاً عند الكبار من الأدباء. وسوف تجد بحثاً كثيراً ووصفاً ثرياً لخصائص المرأة عند الجاحظ وابن حزم الذي ترك لنا، في أشهر ما ترك، كتاب «طوق الحمامة»، إضافة إلى أربعمائة مؤلف آخر. أما كيف وجد الوقت والعزم والصبر على كل ذلك، فالمرء لا يستطيع أن يستوعب كل هذه الغزارة والتنوع. وقد أذهل هذا الأندلسي قراءه الإسبان، فيما أذهلهم المسلمون الآخرون خلال ثمانية قرون من الإبداع والفكر والفنون والفلسفة.
ولولا بلاغة الجاحظ لخُيل إليك أن ما تقرأه دليل عن أدلة جمعيات ملكات الجمال، وليس نصاً أدبياً من نصوص العصور الأولى. ويبدو، خلافاً للأدباء الآخرين، أنه كان مختلف الذوق في نظرته إلى مقاييس الجمال. وقد انتقد التشابيه التي لجأ إليها مجايلوه. واتفق مع الذين قالوا إن المرأة الأجمل هي «المجدولة»: «ورأيت أكثر الناس من البصراء بجواهر النساء الذين هم جهابذة هذا الأمر يقدمون المجدولة. والمجدولة من النساء تكون في منزلة بين السمينة والممشوقة، ولا بد من جودة القد وحسن الخرط واعتدال المنكبين واستواء الظهر. ولا بد من أن تكون كاسية العظام بين الممتلئة والقضيفة، دائماً يريدون بقولهم مجدولة: جودة العصب وقلة الارتخاء وأن تكون سليمة من الزوائد والفضول.
ولذلك قالوا خمصانة وسيغانة وكأنها جان، وكأنها جدل عنان، وكأنها قضيب خيزران. والتثني في مشيتها أحسن ما فيها، ولا يمكن ذلك الضخمة والسمينة وذات العضول والزوائد، على أن النحافة في المجدولة أعم، وهي بهذا المعنى أعرف، وهي بهذا المعنى تحبب على السمان الضخام وعلى الممشوقات والقضاف، كما تحبب هذه الأصناف على المجدولات. وقد وصفوا المجدولة بالكلام المنثور فقالوا: (أعلاها قضيب وأسفلها كثيب)».
لم يترك الجاحظ شأناً لم يكتب فيه. كذلك فعل معظم كتاب تلك المرحلة، فيما بقي الشعر وحده في إطار ضيق نسبياً، سواء في الجاهلية أو ما بعدها. فقد تشجع الكتاب على تنويع أعمالهم بعدما اكتشفوا المصادر لذلك، واطلاعهم على الآداب والفلسفة اليونانية والفرنسية. ولذا، نلاحظ أن العصر الجاهلي ظل خالياً من الآفاق العلمية والأدبية الأخرى. وبلغ الأمر بالجاحظ أنه عدد أساليب التجميل التي عرفتها المرأة، ومنها العطر والصبغ والخضاب والكحل والنتف والقص والتحذيق والحلق وتجويد الثياب وتنظيفها... ثم ذكر الوسائل المستعملة للمحافظة على المرأة وخدمتها. الحيطان الرفيعة والأبواب الوثيقة والمسور الكثيفة والخصيان، والظؤورة والحشوة والحواضن.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجدولة الجدولة



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon