الفرنسيون والعرّافون نجم نابليون

الفرنسيون والعرّافون: نجم نابليون

الفرنسيون والعرّافون: نجم نابليون

 لبنان اليوم -

الفرنسيون والعرّافون نجم نابليون

بقلم :سمير عطا الله

لم يكن ميتران الرئيس الوحيد الذي اعتقد بأن «قوى خارقة» تحدد قدره وقدر الأمة الفرنسية، بل إن سلسلة طويلة من الحكام والزعماء آمنت بذلك أيضاً. وأشهر هؤلاء كان الرجل الأكثر رعباً وعنفاً في الثورة الفرنسية، ماكسيمليان روبسبيير. ونشأت من حوله طائفة تعتبره مسيحاً. أما نابليون بونابارت فكان أقل إيماناً بالعرافات من زوجته الإمبراطورة جوزفين، التي كانت تلجأ باستمرار إلى العرافة الشهيرة، مدام لوتورمان. غير أن الإمبراطور نفسه كان له أيضاً «نجمه الجيد» الذي يتفاءل به. وقبيل معركة واترلو، التي أنهت حياته العسكرية والسياسية، شعر أن الأمور تسري عكس تياره، وذهب إلى قصر مالمزون قرب باريس، يتأمل السماء عبثاً في البحث عن نجمه السعيد.
لم يضع عصر الجمهورية الديمقراطية، ابتداء من أواخر القرن التاسع عشر، حداً لشغف أتباع النجوم والاتحاد الميتافيزيقي مع الحياة الآخرة، بل على العكس. فمن المعتقد أن أعظم شخصيات الجمهورية الثالثة استعانت بخدمات العرافين، من بينها ريمون بوينكاريه وجورج كليمنصو. واستمرت هذه النزعة حتى بعد الحرب العالمية الثانية، لا سيما في الأوساط السياسية، مع شخصيات مثل الرئيس الاشتراكي فانسان أوريول، ورئيس الوزراء المحافظ أنطوان بيناي. ولعل أغرب مثل من أحدث الشخصيات، بالإضافة إلى الرئيس ميتران، هو اسم شارل ديغول، قائد المقاومة ومؤسس الجمهورية الخامسة. فمن غير المعروف أنه كان يستشير المنجم موريس فاسي سراً طيلة فترة رئاسته. وكان فاسي رائداً في الجيش الفرنسي، التقى ديغول لأول مرة في طولون في أغسطس (آب) من العام 1944، وكان ديغول يشيد بفاسي مسمياً إياه «جندياً جيداً ومنجماً جيداً». ولعل هذه المعلومة تضفي معنى جديداً على الجملة الختامية لمذكرات الحرب الخاصة بالجنرال ديغول، التي يقول فيها «محدقاً في النجوم، أستوعب بعمق قلة أهمية الأشياء»؟
منذ أواخر القرون الوسطى، ابتداءً من تنبؤات نوستراداموس حول نهاية العالم التي نشرت على مراحل في أواسط القرن السادس عشر، كان هناك اهتمام فرنسي مستمر في دمج مراقبة النجوم بالسحر والتاريخ بهدف كشف معاني الكون المستترة. وفي العام 1954 يقدر عدد العرافين في فرنسا بنحو 50.000 شخص. وما زال هذا الاعتقاد بنوع من الماورائيات شائعاً: فمن المقدر أن نحو 10 ملايين فرنسي وفرنسية يزورون منجماً كل عام. وتتضمن المكتبات الفرنسية الكبيرة، أقساماً غنية خاصة بكتب التنجيم. وبحسب أرقام المبيع الرسمية، تم طبع أكثر من ستة ملايين نسخة من هذه الكتب في فرنسا العام 2011، وهذا الرقم يفوق عدد نسخ المطبوعات الدينية، ويكاد يوازي عدد نسخ المطبوعات التاريخية. وقد حاول السوسيولوجيون تفسير هذه الظاهرة بأنها تأتي جواباً على الانعزال الذي أنتجته الفردانية المعاصرة، وبقاء الاعتقادات الخرافية.
إلى اللقاء...

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفرنسيون والعرّافون نجم نابليون الفرنسيون والعرّافون نجم نابليون



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon