عقد على غيابه جحش لا حمار الحكيم

عقد على غيابه: جحش (لا حمار) الحكيم

عقد على غيابه: جحش (لا حمار) الحكيم

 لبنان اليوم -

عقد على غيابه جحش لا حمار الحكيم

بقلم :سمير عطا الله

... بل ربما شارك التابعي في لقب سيد الحكائين. المعلم الأول في الحكاية المفصَّلة المستطردة، الأنيقة مثل أناقته، والأنيس في الحكاية القصيرة الحادة مثل حدّته، وأحياناً جعدة مثل شعره الأجعد. كان مؤنساً في الكتابة وفي الحضور. وعندما كنا نلتقي في مجلس الأمير عبد العزيز بن فهد، كان الأمير يقول له، هات يا أنيس حدّثنا. وكان أنيس أغنى من ألف ليلة وليلة، وكاشف أسرار وعارف بتحضير الأرواح. وذات مرة كان يروي لي كيف دخل إلى مكتبه وشاهد فيه زائراً لا يعرفه، حيّاه، ثم خلع سترته يريد أن يعلقها بالمشجب، ولما استدار كان الزائر اختفى. وعندما سألته ألم يعرف من هو، أجاب متبرماً، الجنّي.
كان هيكل يرسم الرجال بالتفاصيل المسهبة، وأنيس يرسمهم بالقطرات. أو بالرشقات. يحكي ويمضي، ليس أهم عنده سوى العمل الصحافي. أغضب أم أفرح، هكذا كان هيكل: الصحافة أولاً، غضب من غضب ورضي من رضي. بهاء كان العكس: أولاً رضا الله وكرامة الناس، والصحافة ليست في أهمية المشاعر والمودات.
هيكل كان يرسم الناس بالزيت. كل التفاصيل والألوان والعشب والمروج وفي خلفية الصورة سيارة أو باخرة. وبهاء كان يحدِّث صاحب الصورة باحترام وعمق. وأنيس كان يخدم دائماً ريشة رسام الكاريكاتور: فقط خط الملامح ثم إبراز النافر منها.
في الوجوه التي رسمها أنيس، كان هناك دائماً إضافة إلى ما هو معروف. كل الناس كانت تعرف أن توفيق الحكيم كان فائق البخل. فقط مع أنيس نعرف إلى أي مدى. ووحده يروي أنه ترافق مع الحكيم لحضور فيلم. اشترى الحكيم تذكرة لنفسه ودخل الصالة، تاركاً ضيفه في الخارج. ومن أنيس نعرف أن الحكيم المشهور بحب الحمير اشترى جحشاً من أحد المعارض ووضعه في حديقة «الأهرام». إلى أن عثر على مكان له.
ها ها ها. تلك علامة التعجب التي يرددها في حكاياته. وخصوصاً، على لسان الرئيس السادات. وحكاية اغتيال الرئيس على منصة 6 أكتوبر (تشرين الأول) لم تستغرق أكثر من زاويته اليومية في «الأهرام». فقد روى أن الرئيس اتصل به صباح ذلك اليوم وسأله إن كان قادماً لحضور العرض العسكري. فاعتذر، لكنه كرر ما كان يقوله له منذ أيام، هو والسيدة جيهان: لا تنسَ الصديرية المضادة للرصاص يا ريّس! بهذا الأسلوب الدرامي وكلمات قليلة، يروي أقرب الصحافيين إلى أنور السادات، قصة تلك المنصة الدامية في تاريخ مصر.
وأنيس منصور فقط يسمح لنفسه أن يروي أن العقاد قال له عن عبد الرحمن بدوي إنه جاهل. فلما اعترض تلميذه ومريده، قال له «بل هو حمار». ولم يستطع أنيس أن يجيب بشيء. فالعقاد أستاذه أيضاً. وهو كل أسبوع في «صالونه» يدّون عبقريات الأحاديث التي صدرت في أشهر كتبه «في صالون العقاد».
تقرأ في كتابات أنيس عن شخصيات مصر ما لا تقرأه عند سواه. في السياسة وفي الأدب وفي الفلسفة. وتقرأ كاتباً عشق القراءة وأحب الكتابة. وتطلع إلى مصر من كل النوافذ، علّها في نهاية الأمر، يكون لها أهمية بلدته، المنصورة.
إلى اللقاء...

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقد على غيابه جحش لا حمار الحكيم عقد على غيابه جحش لا حمار الحكيم



GMT 18:19 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

كرة ثلج شيعية ضد ثنائية الحزب والحركة!

GMT 17:28 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

مقتطفات السبت

GMT 17:26 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

سؤالان حول مسرحية فيينا

GMT 08:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس التعاون حقاً

GMT 08:28 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم هي «الحفرة اللبنانية»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon