توقيت «الإتفاق الإطار» أبعد من شكله ومضمونه

توقيت «الإتفاق الإطار» أبعد من شكله ومضمونه!؟

توقيت «الإتفاق الإطار» أبعد من شكله ومضمونه!؟

 لبنان اليوم -

توقيت «الإتفاق الإطار» أبعد من شكله ومضمونه

جورج شاهين
بقلم : جورج شاهين

ليس من السهل تبرير مسألة الاعلان عن «الاتفاق الإطار» لإطلاق المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود مع اسرائيل من عين التينة. وما يصعّب المهمّة، ان يعلنه احد طرفي «الثنائي الشيعي»، وهو ما قاد ديبلوماسياً عتيقاً الى اعتباره خطوة اولى في الطريق الى اتفاق مع اسرائيل، بمعزل عمّا سيؤدي اليه. وعليه، ما الذي يقود الى هذه القراءة في التوقيت والشكل والمضمون؟

رغم حجم ما سال من حبر تناول مسألة ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل منذ اكثر من 20 عاماً، فإنّ كثيراً من الحبر سيسيل بعد اليوم، بمعزل عمّا ستحمله الآراء في ما يجري من زوايا وجوانب مختلفة، وعلى قواعد جغرافية وسياسية متشابكة. فالعنوان مطروح منذ الانسحاب الاسرائيلي في 25 ايار عام 2000 ، والذي عُدّ إذعاناً من دولة الاحتلال بتطبيق القرار 425 بعد 22 عاماً على صدوره في 19 آذار عام 1978. فمنذ ذلك التاريخ، بدأ الحديث ينمو ويخفت من وقت لآخر عن مسألة ترسيم الحدود، على وقع تعدّد الخطوط التي باتت تتحكّم بخريطة المنطقة، بدءاً من خط اتفاقية الهدنة الموقّعة بين لبنان واسرائيل 1949، وتزامناً مع مجموعة اخرى من اتفاقات الهدنة التي وقّعت بين الدولة العبرية والدول المجاورة، والتي استندت الى ما قالت به قرارات الامم المتحدة، عن الخطوط الدولية المرسّمة منذ العام 1923 بين لبنان وفلسطين، قبل عقدين ونيف من قيام دولة اسرائيل، وصولاً الى ترسيم الخط الأزرق بموجب القرار 1701 الصادر في 12 آب عقب حرب تموز 2006.

وبعيداً من العودة الى تلك المراحل التاريخية، فقد جرت محاولات ترسيم الحدود والبحث عن طريقة تأمين وضمان الاعتراف الاسرائيلي النهائي به، ضماناً لحدود لبنان الدولية ولحقوقه في البرّ والبحر. وهي عملية عبرت محطات عدة. فباستثناء حرب حزيران العام 1967، يمكن التوقف عند محطة اولى تلت الإجتياح الاسرائيلي للبنان في 4 حزيران من العام 1982، انطلاقاً من جنوبه وصولاً إلى عاصمته بيروت، والذي قاد انسحابها الى مفاوضات معقّدة جداً تنقّل فيها وفدا البلدين بين الاراضي اللبنانية والاسرائيلية، توصلاً الى ما سُمّي اتفاق 17 ايار عام 1983، حيث فشلت كل المساعي لترسيم الحدود بنحو ضامن للحقوق اللبنانية. كان ذلك مطروحاً قبل ان يرفض رئيس الجمهورية في حينه الشيخ امين الجميل توقيعه، نتيجة عدم حصوله على أي ضمانات اميركية كافية للاطمئنان الى اطماع اسرائيل، وهو ما اشار اليه في كتابه «الرئاسة المقاومة»، ونشر الجميل الرسالة التي تلقّاها من الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغن، وجاءت «خالية» من اي ضمان اميركي جدّي وصارم لحماية لبنان ولشكل العلاقة مع اسرائيل مستقبلاً ومنعها من أي عمل عدائي لاحقاً.

بقيت الأمور مجمّدة منذ تلك المحاولة وحتى العام 2007، فأُثير الملف مجدداً عقب التفاهم اللبناني ـ القبرصي على ترسيم الحدود البحرية بينهما، والذي استندت اليه اسرائيل في وقت لاحق لترسيم حدودها البحرية مع قبرص، فاستغلت خطأ ارتكبه الجانب اللبناني في تلك الاتفاقية، ففُتح الملف مجدداً. ومن بعدها انطلقت مفاوضات قادها الموفد - الوسيط الاميركي فريدريك هوف الى المنطقة، في جولاته المكوكية بين تل ابيب وبيروت، الى حين توصله الى ما عُرف لاحقاً بـ «خط هوف» الذي رفضه لبنان ولا يزال، بسبب اعتراضه الثابت على التوزيعة الأميركية النسبية للمنطقة المُختلف عليها، والتي اعطت لبنان ما نسبته 63 % منها وترك لاسرائيل جزءاً آخر منها، ما خلا منطقة «وسطية» تقع بين الحصتين، يمكن ان تتقاسم الدولتان مردودها المالي عبر صندوق اممي خاص يُنشأ لهذه الغاية، إن وجِد النفط والغاز فيها.

وعليه، لم تفلح الجهود التي بذلها خلفاء هوف، فجاء عاموس هولكشتاين من بعده، واستقال او أُعفي من مهماته في ظروف غامضة، وقيل يومها انّ اللوبي اليهودي قاده اليها بسبب اصراره على «تكبير» حصّة لبنان من «توزيعة هوف». وبعده جاء ديفيد ساترفيلد، وصولاً الى المهمة التي يقوم بها منذ اقل من سنة آخر الموفدين في هذا الملف ديفيد شينكر.

على ما يبدو، يعترف احد المتعاطين بالملف، انّ شينكر حقّق ما لم يحقّقه احد قبله، وهو توصل في زيارته للبنان الى نوع من التفاهم على وضع اتفاقية الاطار للمفاوضات في نيسان الماضي، تأسيساً على نتائج زيارة وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو لبيروت، وعلى المفاوضات التي اجراها وفد نيابي لبناني وأحد مستشاري رئيس مجلس النواب نبيه بري في واشنطن، وتلك التي جرت في الكواليس بين بيروت وواشنطن لإحياء المفاوضات بين الدولتين، في ظروف قيل انّها زرعت «ثقة مخفية» بين الاميركيين وبري.

وبمعزل عن هذا العرض التاريخي الذي لا بدّ منه، وجب العودة الى ما جرى امس الاول في عين التينة، لقراءة ما يوحي به اعلان بري عن هذا الإتفاق، في ظلّ الظروف التي يعيشها «ثنائي» حركة «امل» و»حزب الله»، وعلى وقع العقوبات الاميركية التي طاولته بعيداً، من مضمون النصوص الدستورية التي اناطت برئيس الجمهورية صلاحية المفاوضات لعقد المعاهدات الدولية، وهو ما توقف عنده ديبلوماسي عتيق في الشكل والمضمون والتوقيت فقال:

- في الشكل، لا يمكن تفسير ما حصل سوى على الطريقة اللبنانية، فملف المفاوضات كان مع بري منذ عشر سنوات تقريباً قبل وصول عون الى بعبدا، وهو ما كان موضوع ثقة اميركية قبل ان تكون لبنانية لأكثر من سبب.

- في المضمون، يبدو الاتفاق غامضاً، فوضع اطار المفاوضات يعتريه كثير من الالتباسات، نتيجة الخلافات التي كانت قائمة حول شكل المفاوضات، وهل ستكون عبر فريق عسكري ام ديبلوماسي، الى ما هنالك من حديث عن اولوية الترسيم في البر على الترسيم في البحر او العكس، وقد حسمها الجانب الأميركي، باعتقاده انّ اي تقدّم في جزء منهما يؤثر على الجزء الآخر، فانتفت الحاجة الى اعطاء الاولية لجزء على آخر.

- اما في التوقيت، فتتعدّد القراءات وتتوسع، لأنّه يبدو الاكثر اهمية، وقد حُدّد في توقيته لخدمة جميع اطرافه. فبعد تأجيل الاعلان عنه في نيسان او في تموز الماضيين، لم يعد مهمّاً، لأنّ التوقيت اليوم هو الاهم بالنسبة اليهم. بدءاً بتطور موقف الثنائي الشيعي تجاه الادارة الاميركية، قبل صدور الدفعة الجديدة من العقوبات الاميركية في حق قيادات حليفة له، وبإبراز نيته بالمفاوضات مع اسرائيل، ولو بصورة غير مباشرة، والقبول بإعلان يتلى من عين التينة، يتضمن اشارة الى «حكومة اسرائيل» في النصوص المُتفق عليها، وهو امر يعني كثيراً بالنسبة الى الجانبين الاميركي والاسرائيلي، على ابواب الانتخابات الرئاسية الاميركية، وفي ظل انطلاق موجة التطبيع بين تل ابيب والدول الخليجية والعربية.

وعليه، يختم الديبلوماسي نظريته بالقول: «طالما انّ الدفاع عن الخطوة قائم في الجانب المؤيّد للثنائي وحلفائه في لبنان، لا يمكننا سوى القول، ولو مبكراً، انّ لبنان مشى الخطوة الاولى نحو اتفاق مع اسرائيل، يستذكر آخر المشاريع التي لم تنضج، سواء سُمّي «17 ايار» جديداً او اي عنوان آخر. ففي كل الحالات، تقول الكواليس السياسية والديبلوماسية، انّ المسيرة انطلقت «رائدها شيعي» على قاعدة «نحن قاومنا ونحن حرّرنا، ونحن نحمي ونحن نعطي الإشارة بالمفاوضات». ألم يقل بري امس «انّ دوره انتهى هنا»، وهو يعني انّ البقية يجب ان تأخذ شكلها القانوني والدستوري.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توقيت «الإتفاق الإطار» أبعد من شكله ومضمونه توقيت «الإتفاق الإطار» أبعد من شكله ومضمونه



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon