عبقرية السادات

عبقرية السادات

عبقرية السادات

 لبنان اليوم -

عبقرية السادات

بقلم: سليمان جودة

لو عاش العقاد إلى سبعينات القرن العشرين لكان قد أضاف عبقرية جديدة إلى عبقرياته المنشورة، ولكان قد جعل عنوانها: عبقرية السادات.

ففى عبقرياته من أول عبقرية محمد عليه الصلاة والسلام، إلى عبقرية المسيح عليه السلام، إلى عبقرية عمر رضى الله عنه، إلى عبقرية الإمام على كرم الله وجهه، كان العقاد يبحث عن مفتاح لشخصية الرجل الذى يكتب عنه. فما هو يا ترى المفتاح الذى كان سيجده طريقًا إلى فهم شخصية السادات العظيم بأبعادها الغنية الثرية؟

تقديرى أن صاحب العبقريات كان سيهتدى إلى مفتاح السادات بسهولة، وكان هذا المفتاح سيتمثل فى إيمان بطل الحرب والسلام بالأرض باعتبارها عنصرًا من عناصر ثلاثة تقول العلوم السياسية إنها تشكل كيان أى دولة مستقرة فى إقليمها. هذه العناصر الثلاثة هى الأرض، الشعب، ثم الحكومة التى تقوم على إدارة الشعب والأرض معًا.

روى لى الدكتور على السمان يرحمه الله، أنه زار السادات ذات يوم فى ميت أبو الكوم، فأدهشه أن يجده قد أخذ كرسيًا يجلس عليه تحت شجرة بعيدة فى الحديقة الخلفية للبيت، تاركًا الاستراحة المجهزة بوسائل الراحة. ولم يكن قد فعل ذلك إلا لأنه فلاح كما عاش يفتخر دائمًا، وكما عاش يقول إن الفلاح هو أصل هذا البلد. فلقد كان يحن إلى الأرض دائمًا، ويجد نفسه فى نوع من الحوار الخفى المباشر معها. وربما هذا هو ما يفسر أنه كثيرًا ما كان يغادر بيت الجيزة على النيل، وبكل إطلالته على النهر الخالد، إلى استراحة الرئاسة فى القناطر الخيرية حيث البشر والشجر، وحيث الأرض هى ثالثة البشر والشجر.

وقد كانت الأرض هى أساس تفكيره منذ دخل القصر فى ١٩٧٠، وكانت هى التى حكمت حركته فجعلت استرداد سيناء هدفًا لا ينافسه هدف آخر فى عقله، وقد نجح فى ذلك بكل معيار، واستردها بالحرب مرة، وبالسلام مرة، فاستحق أن يعيش وأن يموت بطلًا للحرب والسلام معًا.

ولو رجعنا إلى المذكرات المكتوبة عن نصر أكتوبر العظيم، ثم عن الفترة السابقة عليه والتالية له، فسوف نجد فيها ما يجسد مدى إيمان السادات بالأرض. سوف نقرأ فى مذكرات الوزير محمد إبراهيم كامل مثلًا، تفاصيل الحوار الشهير بين السادات والدكتور نبيل العربى، أحد الدبلوماسيين المرافقين له فى مفاوضات كامب ديفيد. ففى حوارهما يسمع العربى من السادات أنه فلاح من المنوفية، وأن الفلاح هناك يحب أن يدق حديدة عند أول أرضه وعند آخرها، وأن هذا ما يريد هو أن يفعله بالنسبة لسيناء.

لو أنصف المصريون لأقاموا تمثالًا للسادات فى كل ميدان وفى كل بيت، لا لشىء إلا لأنه مسح عار ١٩٦٧ الذى أذلنا وأذل العرب. إن إسرائيل إذا كانت فى ذلك العام الأسود قد احتلت سيناء، وغزة، والضفة، والقدس، والجولان، فإن رجلًا عظيمًا اسمه أنور السادات هو مَنْ أعاد سيناء كاملة، بينما بقيت المناطق الأربع الأخرى محتلة إلى هذه اللحظة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبقرية السادات عبقرية السادات



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon