عنوان في البحرين

عنوان في البحرين

عنوان في البحرين

 لبنان اليوم -

عنوان في البحرين

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

عشنا سنوات نتابع ما يكتبه المفكر البحرينى، الدكتور محمد جابر الأنصارى، فى مجلة «الدوحة» أيام عزها القديم، وكذلك فى مجلة «العربى»، التى بقيت منارة للقارئ العربى يستضىء بها عند مطلع كل شهر، وقد كان الرجل ولا يزال وجهًا من وجوه الثقافة فى بلاده، وربما كان هو الوجه الثقافى الأبرز فى البحرين المعاصرة.

كان عقلًا إصلاحيًّا كبيرًا، وكان يملك مشروعًا وطنيًّا فى الذهاب ببلاده وبالعرب إلى مستقبل يليق بهم بين الأمم، وفى كل مرة زرتُ فيها العاصمة البحرينية المنامة كنت أبحث عما يكتبه فى الصحافة، وخصوصًا فى صحيفة «الأيام»، لصاحبها الأستاذ نبيل يعقوب الحمر.

كان متفردًا فيما يكتب وفيما يقول، وكان الملك حمد بن عيسى قد اتخذه مستشارًا له للشؤون الثقافية والعلمية، وكان الأستاذ الحمر مستشارًا ولا يزال لشؤون الإعلام. ولكن الدكتور الأنصارى احتجب فجأة عن الناس قبل سنوات قليلة، وكان احتجابه عائدًا إلى مرض أقعده عن أن يواصل مشواره الطويل، ورغم ابتعاده عن الأضواء فإنه بقى عنوانًا من عناوين البحرين المضيئة. كان وجود الرجلين إلى جوار ملك البلاد أقرب إلى وجود الدكتور أسامة الباز والدكتور مصطفى الفقى إلى جوار الرئيس مبارك لسنوات.

كنت كلما ذهبت إلى البحرين فى السنوات الأخيرة أسعى إلى لقاء معه، ولكن الإجابة كانت دائمًا أنه لا يستقبل أحدًا، وأنه يتمنى لو يستطيع غير أن الظرف الصحى لا يسعفه. وكنت أراه مع المفكر الكويتى الراحل خلدون النقيب، وكأنهما فارسان اثنان للرهان فى أرض العرب، وكان من حُسن حظى أنى جلست إلى الدكتور النقيب فى حوار تليفزيونى دام ساعة كاملة وأُذيع فى وقته على قناة دريم، وكان حديثه معى هو آخر ما قال فى الشأن العام.

وعندما نعى الناعى الدكتور الأنصارى فى آخر السنة الماضية، أحس أهل العقل فى عالمنا العربى بأنهم قد خسروا ركنًا من أركان الفكر والثقافة.

ورغم الزمالة بينهما فى العمل فى القصر الملكى، فإن الحمر عاش يرى نفسه تلميذًا من بين تلاميذ نشأوا على يدى الأنصارى وتعلموا منه، وحين رحل الرجل آخر ديسمبر تلقى تلميذه مكالمة تقول «الدكتور عطاك عُمره»، فكانت لحظة من أصعب لحظات العُمر، كما ذكر صاحب «الأيام» فى مقالة كتبها عن رحيل أستاذه الكبير.

ترك الأنصارى من ورائه مؤلفات مهمة، وكان فى المقدمة منها كتاب «مساءلة الهزيمة» عن ١٩٦٧ وما بعدها، وكان فى كتابه يؤسس لثقافة المراجعة ويدعونا إليها بكل قوة، وكان تقديره أن ثقافة المراجعة لا بد أن تكون هواءً يتنفسه الناس على كل المستويات فى المنطقة، وكان حماسه لها راجعًا إلى أن ثقافة كهذه كفيلة بأن يصحح العرب خطواتهم أولًا بأول، فلا يستيقظوا على هزيمة ثانية. ولو أننا أخذنا عنه ذلك فقط فهذا يكفينا ويزيد.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عنوان في البحرين عنوان في البحرين



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon