هل هي الحرب

هل هي الحرب ؟

هل هي الحرب ؟

 لبنان اليوم -

هل هي الحرب

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

أقلّ من شهر بقي على المدة القانونية، لخروج الرئيس دونالد ترامب من البيت الأبيض، ما لم تقع تطورات خارج السياق التقليدي بعد الانتخابات الرئاسية.
تتسم هذه الأيام بكثير من الخطر، وربما باحتمال اندلاع صراعات حربية من المرجح أن يكون الشرق الأوسط ميدانها.

تتلاقى ظروف كل من ترامب وبنيامين نتنياهو، من حيث أن كليهما يواجه مصيراً متشابهاً، من حيث مستقبله السياسي، ومن حيث إن كليهما، يتمتع بمواصفات غريبة، أبرزها الأنانية ولو على حساب المصالح العامة للبلاد. حتى الآن يرفض ترامب التسليم بالهزيمة، حتى بعد أن فشلت حملاته القضائية، إذ بدأ يتداول مع مستشاريه، إمكانية اللجوء لإعلان الأحكام العرفية بذريعة جائحة «كورونا».

فشله في استمالة والحصول على موافقة مستشاريه بخصوص مسألة إعلان الأحكام العرفية، لا يعني أن الرجل سيعدم الوسائل لتنفيذ ما يفكر فيه، أو لإحباط عقليته الانقلابية، بكل ما تنطوي عليه هذه العقلية من تداعيات خطيرة على الأوضاع الداخلية الأميركية وعلى التقاليد الديمقراطية.

الرجل كان قد فكر قبل ذلك وخلال الانتخابات، في شن حرب على إيران، ومن دون ذرائع مختلفة عن الخطاب الأميركي التقليدي بهذا الخصوص، لكنه لم يجد تأييداً من مستشاريه.
هذا يعني أن الرجل لم يفقد القناعة، والأمل في تعطيل نتائج الانتخابات التي فشل في تحقيق الفوز فيها، وأنه يمكن أن يركب أعلى أمواج المغامرة والخطر كحل أخير لتبرير أفكاره الانقلابية المجنونة.

صحيح أن إيران لا تزال تطلق التهديدات للانتقام من عملية اغتيال العالم فخري زادة، ولكن الكل على قناعة بأنها لن تلجأ لخطوات انتقامية تضعها أمام إمكانية اندلاع حرب واسعة، بالتأكيد لا ترغب فيها دول الخليج، ولكن قد يتحمس لها ترامب، وشريكه نتنياهو. إيران أمام وضع محرج جداً، فهي لا يمكن أن تتخلى عن حقها في الرد على آخر عملية اغتيال مؤلمة، لكنها عالقة إزاء تحديد الهدف، وإزاء الوقت.

إذا بادرت إيران للرد خلال ما تبقى من أيام لترامب فإنها تعرف، أنها قد تتلقى ضربات، لا تقوى على التعرض لها، أو احتواء آثارها. أما إذا أجلت الرد إلى ما بعد دخول بايدن البيت الأبيض، فإنها ستكون قد غامرت بالتأثير سلبياً على موقف الإدارة الجديدة من الاتفاق بشأن برنامجها النووي، والذي تنظر له بإيجابية.

في الواقع فإن ترامب لم ينتظر ردا إيرانيا انتقاميا، وليس لأسباب دفاعية قام بإرسال طائرات بي 52 العملاقة إلى الشرق الأوسط ثم أتبع ذلك بإرسال حاملة طائرات وعدد من القطع الحربية البحرية. قد يبدو أن إرسال هذه المعدات الحربية الهجومية يهدف لحماية دول الخليج، أو تنفيذاً لتعهدات رافقت التوقيع على ما تسمى اتفاقات السلام مع إسرائيل، لكن ما تم إرساله من هذه المعدات الهجومية لا يمكن أن يكون فقط لإثبات مصداقية الموقف الأميركي من عمليات التطبيع، ولتشجيع آخرين على إعلان تطبيع علاقاتهم بإسرائيل.

قبل أيام قليلة كانت بعض الميليشيات العراقية قد أطلقت صواريخ بالقرب من السفارة الأميركية في «المنطقة الخضراء» في العاصمة العراقية بغداد وهي ليست المرة الأولى.
لكن الإدارة الأميركية أعلنت على الأثر أنها ستتخذ قرارا بإغلاق سفارتها في بغداد. غير أن سقوط الصواريخ وإمكانية إغلاق السفارة الأميركية، قد لا يكونان مبررين كافيين لتحريك آلة الحرب الأميركية في المنطقة ضد إيران، خصوصا أن الأخيرة لم تعلن مسؤوليتها عن إطلاق الصواريخ.

في الواقع من غير الممكن أن تقدم إيران على فعل إطلاق الصواريخ على السفارة الأميركية، لأن ذلك لا يلبي الغرض ولا ينسجم مع جوهر التهديدات الإيرانية.
بموازاة ذلك، ترتفع عقيرة إسرائيل، بالتهديد، والحديث عن مخاوف من أن الرد الإيراني قد يأتي من العراق واليمن، وفي اتجاه إسرائيل بما أنها المسؤولة مباشرة عن اغتيال زادة، وعديد عمليات الاغتيال وسرقة الأرشيف النووي الإيراني.

إسرائيل تقحم نفسها في ملف التهديدات الحربية ضد إيران، وتعتقد أن لديها ما يكفي من المبررات لإرسال غواصة ومعدات حربية أخرى لمنطقة الخليج. حتى لو لم تكن هناك أسباب وجيهة للحديث عن احتمالات اندلاع حرب في الخليج، فإن الإكثار من الحديث عن الخطر الإيراني، يوفر لإسرائيل الفرصة، التي ترضى عنها دول الخليج، للتمدد والتواجد العسكري في منطقة الخليج.

ومرة أخرى فإن التواجد العسكري الإسرائيلي في الخليج قد يكون واحدا من التعهدات التي تضمنتها اتفاقيات التطبيع، التي من غير الممكن الإعلان عنها، والتي تثير شبهة الحلف السني الأميركي الإسرائيلي الذي سبق للولايات المتحدة أن تحدثت عنه في سنوات سابقة.

في الواقع فإن نتنياهو هو الآخر يواجه أزمة حقيقية تتعلق بمستقبله السياسي، فهو لم ينجح في الحفاظ على الحكومة، ولا يرغب حقيقة في الذهاب إلى انتخابات رابعة غير مضمونة النتائج.
عشية إغلاق ملف الحكومة، كان الليكود قد تعرض لانقسام كبير حين خرج منه جدعون ساعر ليعلن تشكيل حزب جديد ولحق به عدد من قيادات الليكود.

استطلاعات الرأي، لا تعطي لليمين، الذي يمكن أن يتحالف معه الليكود، العدد الكافي من المقاعد لتشكيل حكومة بنتيجة الانتخابات التي ستجرى في آذار القادم. علاوة على ذلك، تتواصل التظاهرات الاحتجاجية، التي تطالب باستقالة ومحاكمة نتنياهو على خلفية ملفات الفساد. وفي الواقع، لم تحقق اتفاقيات التطبيع مع أربع دول عربية آخرها المغرب، أي ضمانة لحمايته من خلال البقاء في الحكومة.

في مثل هذه الحالة نتنياهو أيضاً، يدرك أن السبيل الوحيدة للتغلب على أزماته، تكمن في جر البلاد إلى حرب، وإن كانت تنطوي على مغامرة، فلا «كورونا» ساعدت ترامب ونتنياهو على تنفيذ سياساتهما الانقلابية، ولا الإنجازات التي حققاها من خلال عمليات التطبيع. الرجلان من مواقعهما الحالية يملكان الصلاحيات لاتخاذ قرارات من هذا المستوى، ما يدخل المنطقة بأكملها في حالة فوضى وصراع.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هي الحرب هل هي الحرب



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon