بقلم: عبد المنعم سعيد
تصحيح توازنات القوة فى المنطقة يبدأ من مصر. ولكل جيل من أجيال مصر الحديثة كانت هناك مهمة كبرى عليه تحقيقها من أجل وطن عظيم. مهمة المرحلة المقبلة هدفها تجاوز تحديات وعقبات استكمال مسيرة جرت منذ 30 يونيو 2013. وإذا كان ممكنا التلخيص، المهمة لا تقل فى تحديها عن تحقيق انطلاقة مصرية تتجاوز معضلات المرحلة الخارجية والداخلية إلى معدلات نمو عالية فى الاقتصاد، وأكثر من ذلك أن يكون الإنسان المصرى فى مستوى العصر. ما يُقال عنه «بناء الإنسان المصري»، لم يَجْرِ له كثير من التحرير فى المعنى والمبنى، وفى الأصول والفروع، والكيفية التى ينتقل بها الإنسان من حال يتعايش مع الفقر والتخلف إلى آخر يعيش فيه الغنى والتقدم.
والمثال هو تلك الحالة من الفوران الكبير فى دول شرق وجنوب شرق آسيا، التى دارت فى المدارين الصينى واليابانى فى عصور قديمة؛ ثم دخلت عليها نوبات الاستعمار الفرنسى والبريطانى والهولندي، والحروب العالمية، وكل حالات الفقر والوباء والمجاعة. الأمثلة اليابانية والصينية فى التقدم وبناء الإنسان كثيرة، ولكن آخر ما لفت الأنظار كان استعداد كوريا الجنوبية لاستعمار القمر.
التجربة الفيتنامية حاضرة ومُلِحّة، وكان النضال الفيتنامى ملهمًا، ولكن المناسب هو درس انتقال فيتنام من صفوف الدول النامية إلى قلب الدول البازغة؛ وعندما وصلت صادراتها إلى أكثر من 264 مليار دولار سنويا فإن «التجربة النضالية» كانت فى البناء والتعمير، جنبا إلى جنب مع بناء الإنسان الفيتنامى، لكى يتناسب مع دولة متقدمة قادمة مثل تلك التى قامت فى كوريا الجنوبية من قبل.
هذه الحالة الآسيوية تشكل مرجعية ناجحة للخيارات المصرية خلال المرحلة المقبلة، وتحدد بوضوح ما يجب النضال من أجله ألا وهو بناء الإنسان المعاصر. الهدية التى تأتى من الجيل السابق للجيل الحالى هى أن مصر قد باتت مُحرَّرة من كل احتلال وحضور أجنبى لأربعة عقود كاملة، وهذه لم تتحقق منذ ما قبل ثلاثة آلاف عام.