بقلم: عبد المنعم سعيد
عندما أصدر عالم الفلسفة السياسية «فرانسيس فوكوياما» كتابه عن «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» عام 1992 كان حدثا مهما فى الفكر الإنسانى سواء لمن تحمسوا أو اعترضوا. كانت الحرب الباردة قد وصلت إلى نهايتها مع سقوط حائط برلين والاتحاد السوفيتى وبات مفهوما التوصل إلى استنتاج أن الفكرة الديمقراطية الليبرالية الرأسمالية لم يستقر لها المقر على قمة العالم، وإنما باتت مصيرا للإنسانية.
ولكن الواقع كان أكثر تعقيدا مما هو متخيل وقتها؛ وجاء التحدى من داخل المظلة الأمريكية عندما أصدر «صمويل هنتنجتون» كتابة عن «صراع الحضارات».
لم يمض عقدان حتى كان «فوكوياما» يسلم بأن هنتنجتون كان أكثر حكمة عندما كان أكثر حساسية لما سوف يصل إليه العالم من تناقضات فجرت ما حدث فى التاسع من سبتمبر 2001 ومن بعدها حربا عالمية ضد الإرهاب وتصاعد العداء بين الأديان حتى ظهرت «الإسلاموفوبيا» ومعها معاداة السامية سواء كانت لليهود أو العرب.
كل هذا لم يمنع خروج مليار من البشر من دائرة الفقر نتيجة التقدم الذى جرى فى بلدين هما الصين والهند؛ وبرز أن إنتاج الحضارة الغربية الليبرالية حفز وجود الحضارة الآسيوية التى خلقت نموذجا آخر يصل بالبشرية إلى الفضاء الخارجى.
الخلاصة أنه لا توجد نهاية للأفكار الكبرى فى الفلسفة والفنون والآداب وتطبيقاتها فى العالم؛ ومع ذلك فإننا فى مصر والعالم العربى يكاد الزمن يتوقف ويصل إلى نهاية لا تعلن ولكن الفكرة سائدة أنه بعد الخمسينيات من القرن العشرين فإن العيش توقف عن إنتاج ما يدفع التغير والتقدم.
فى مصر فإن «المحتوى» فى الكتابة والحديث والتفكير توقف عند منتجات النصف الأول من القرن العشرين وبات فيه من الطغيان ما يجعل إدراك القرن الحادى والعشرين عصيا على القبول. فى الفلسفة والأدب والفنون والصحافة توقفت عند الشخصيات التى أنتجت وعاشت بيننا حتى ما قبل الربع الأخير من القرن الماضى وكأنه لم تولد أجيال جديدة ولا إبداع جديد.