الرياض «لبنان أولاً» ولكن

الرياض: «لبنان أولاً»... ولكن!

الرياض: «لبنان أولاً»... ولكن!

 لبنان اليوم -

الرياض «لبنان أولاً» ولكن

راجح الخوري
بقلم - راجح الخوري

في 25 مارس (آذار) الماضي بدا واضحاً أن هناك رغبة في زج المملكة العربية السعودية، في معمعة الخلاف المتصاعد بين الرئيس ميشال عون، والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، والذي بدا أنه قرر أخيراً أن يضرب يده على الطاولة رافضاً أي محاولة للقائه مع جبران باسيل، صهر عون، بعدما تردد قبل أيام أن هناك محاولات فرنسية جرت لترتيب لقاء بينهما في باريس، وبعدما قيل إن هناك محاولة أخرى من الرئيس نبيه بري في هذا السياق، انتهت برفض الحريري أي لقاء مع باسيل، «لأن عملية تشكيل الحكومة مسألة يُفترض أن تتم بالتفاهم مع رئيس الجمهورية لا مع صهره».
في أي حال كان من الواضح أن الإفاضة في تسويق الحديث عن دعوة فرنسية ممكنة تُوجَّه إلى باسيل، هي مجرد عملية مفتعلة تقريباً، ليتم توظيفها في مواجهة العقوبات المفروضة عليه أميركياً، واستطراداً في سياق السعي الذي يحاول دائماً تصوير العقبات التي تواجه تشكيل الحكومة ورفض عون توقيع الصيغة التي قدمها له الحريري، كأنها محاولة لاستعادة حقوق المسيحيين من خلال الالتفاف على نَص الدستور الواضح في هذا الشأن.
محاولة استعمال البُعد الفرنسي في سياق الخروج من الأزمة، رغم أن الرئيس إيمانويل ماكرون جاء إلى بيروت مرتين بعد انفجار المرفأ، وقدّم مبادرته تشكيل «حكومة مهمة» تمنع انهيار لبنان، وافق عليها الجميع ثم تنكر لها تحالف «حزب الله» وعون، وهي تماماً مثل محاولة استعمال البُعد السعودي، في رهان واهم على أن تمارس الرياض دوراً في الضغط على الحريري ليستجيب لشروط عون، ولكنّ المملكة العربية السعودية كانت منذ البداية أكبر وأبعد من الخلاف على تشكيل الحكومة اللبنانية، وإن كانت ترغب عميقاً في أن يتجاوز اللبنانيون خلافاتهم ويشكّلوا حكومة توقِف انهيار لبنان البلد العربي، الذي تحاول إيران علناً ربطه بما يسمى محور المقاومة، وقد كان هذا واضحاً منذ البداية.
فمع وصول ماكرون إلى بيروت في السادس من أغسطس (آب) الماضي بعد انفجار المرفأ وقبل إعلان مبادرته، في لقاء جمع كل الأفرقاء في قصر الصنوبر، كان محمد جواد ظريف ينتقد «التدخل الفرنسي» في الشأن اللبناني، ومنذ ذلك الوقت بدا واضحاً أن الشروط التي يضعها عون ويباركها «حزب الله»، هي التي أفشلت التوصل إلى تشكيل حكومة اختصاصيين لا تتضمن ثلثاً معطلاً يطالب به عون، إلى أن أعلن حسن نصر الله قبل أيام، أنه لا بد من حكومة تكنوسياسية بما يعيد الوضع إلى الحكومة المستقيلة.
بالعودة إلى الموقف السعودي، كان حديث وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان مع شبكة «CNN» الأميركية قبل أيام واضحاً وصريحاً، عن الطبقة السياسية في لبنان، مشترطاً إجراء إصلاحات جوهرية لمواصلة دعم المملكة له، وعندما قال: «إن مستقبل لبنان في يد اللبنانيين»، كان من الواضح أنه يعبّر عن رغبة أخوية في الرياض، بأن تقوم القيادة اللبنانية والهيئات السياسية اللبنانية بإلقاء نظرة جادة وحقيقية ومسؤولة على الوضع في البلاد، داعياً إيّاهم إلى التوحّد في سبيل تبني إصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية، من شأنها أن تتصدى للتحديات التي يواجهها البلد، وأن تقدم حلولاً مستدامة للمستقبل.
كان واضحاً من خلال حديثه أنه يخشى من أن يتجه لبنان إلى ظروف أكثر خطورة من أي وقت مضى، وفعلاً لم يعد الوضع اللبناني قابلاً للتطبيق، «ولا تشعر المملكة بأنه من المناسب الاستمرار في دعم الوضع الحالي الذي قدّم لاعباً غير حكومي، أي (حزب الله)، يتمتع بحكم الأمر الواقع وحق الفيتو على كل ما يجري في البلد ويسيطر على بنيته التحتية الرئيسية، بينما لا تفعل الطبقة السياسية سوى القليل للتعامل مع التحديات التي يواجهها المجتمع اللبناني سواء كان فساداً أو سوء إدارة».
وبدا الأمير فيصل كأنه يكرر الشعار الذي يضجّ في قلوب اللبنانيين، عندما قال ما يعني حرفياً «بالنسبة إلى السعودية لبنان أولاً»، وجاء ذلك عندما سُئل، عطفاً على معمعة عون والحريري، عمّا إذا كانت السعودية مستعدّة لدعم رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، لكنه شدد على أن المملكة مستعدة لدعم أي شخص في لبنان سيتمكن من تبني أجندة إصلاحية، وأن «السعودية لا تقف مع أفراد في لبنان وسنكون مستعدين للوقوف خلف لبنان ما دامت الطبقة السياسية تتخذ خطوات حقيقية لمعالجة المشكلات التي يواجهها البلد».
والحديث عن «اللاعب غير الحكومي» بدا رداً غير مباشر على المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني حسن أمير عبد اللهيان، الذي كان قد اتهم الولايات المتحدة وفرنسا ومعهما السعودية باتّباع سياسة عدم وجود حكومة قوية في لبنان وأنها «تعمل على الانقسام، وإضعاف المقاومة». وكان السفير السعودي في بيروت وليد البخاري قد رد على هذا الافتئات بالقول: «إن لوثة القوى الظلامية تقتات على إلقاء مسؤولية خياراتها السياسية على جهات خارجية هروباً من الفشل»، مشدداً على عروبة لبنان! وإذا كان الأمير فيصل بن فرحان واضحاً في تأكيد الموقف السعودي الذي يدعو المسؤولين اللبنانيين إلى البدء بتنفيذ أجندة إصلاحية حقيقية، فإذا فعلوا ذلك فإننا سوف نقف هناك لدعمهم»، فإنه يذكّرنا دائماً بما يكرره الفرنسيون وأصدقاء لبنان الحقيقيون من «أن عليكم أن تساعدوا أنفسكم لنساعدكم»، كما يذكّرنا بما قاله السفير البخاري الذي زار عون والذي غرد بأن زيارته إنما جاءت تلبيةً لرغبة متكررة ثلاث مرات من بعبدا، بعدما حاول البعض توظيفها في عُقدة تشكيل الحكومة، ذلك أنه قال ما معناه إن العودة السعودية والخليجية الحقيقية إلى بيروت مالاً وسياحة واستثمارات وتعاوناً، لن تتحقق إلا إذا انتفضت الدولة لكرامتها وتحررت الشرعية

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرياض «لبنان أولاً» ولكن الرياض «لبنان أولاً» ولكن



GMT 18:19 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

كرة ثلج شيعية ضد ثنائية الحزب والحركة!

GMT 17:28 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

مقتطفات السبت

GMT 17:26 2022 السبت ,22 كانون الثاني / يناير

سؤالان حول مسرحية فيينا

GMT 08:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مجلس التعاون حقاً

GMT 08:28 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم هي «الحفرة اللبنانية»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon