لا ديمقراطية دون توافق

لا ديمقراطية دون توافق

لا ديمقراطية دون توافق

 لبنان اليوم -

لا ديمقراطية دون توافق

بقلم:د. وحيد عبدالمجيد

للتوافق الوطنى على مقومات وركائز الدولة والمجتمع أهمية مركزية فى أى ممارسة يُراد لها أن تكون ديمقراطية لسببين. الأول أن هذا التوافق يتحقق عبر حوار وطنى جاد لا يمكن أن يستمر ويثمر دون التزام أطرافه بالديمقراطية. فالسعى إلى بناء توافق وطنى ليس سهلاً، بل ربما يجوز القول إنه أصعب حلقة من حلقات التطور نحو الديمقراطية لأنه يتطلب استعدادًا لتقديم تنازلات متبادلة بين من قد يعتبر كل منهم أن ما لديه خيرُ مما عند غيره. وقد يكون بينهم من قد يظن أن الحقيقة المطلقة طوع يديه.

والحال أن الحوار الوطنى على هذا النحو تعبير مهم عن فحوى الديمقراطية باعتبارها مزيجًا فريدًا من الحرية والمسئولية. فلكل من يشارك فيه الحرية فى طرح ما يراه ويسعى إليه. ولكن عليه أيضًا أن يتحلى بالمسئولية الوطنية وإدراك المصلحة العامة والاستعداد لوضعها فوق المصالح الخاصة والحزبية والأيديولوجية.

أما السبب الثانى فهو أن أى ممارسة ديمقراطية تفتقر إلى التوافق الوطنى تكون صعبة المنال أو قابلة للتعثر أو الانتكاس. فالديمقراطية لا تُمارس فى الهواء، بل على أرض محددة. وإذا لم تكن هذه الأرض ثابتة بمقوماتها وركائزها ففد تميد بمن يقف عليها، مثلها فى ذلك مثل المبنى الذى يرتفع دون أساس كاف ينهض عليه.

وأخطر ما يواجه أى تطور نحو الديمقراطية أو ممارسة لها أن يظن البعض أنها تنافس منفلت من أى قواعد أو معايير، وأنه يحدث بمنأى عن إطار ينظمه ويحدد ما هو ثابت وما هو متغير. فالممارسة الديمقراطية التى لا يتوافق أطرافها على قواسم تجمعهم ومقومات وركائز تلزمهم ربما تضع كلاً منهم فى مواجهة الآخر، وتُقوَّض الجامع الوطنى الذى يتعين أن يجمعهم مهما يكن الاختلاف بينهم.

والديمقراطية بهذا المعنى ليست غاية فى ذاتها، وإنما وسيلة للارتقاء بالوطن الذى يجمع من يمارسونها بكل ما بينهم من اتفاق واختلاف. فلا فائدة تُرجى من أن نكسب ما قد نظن أنها ديمقراطية ونخسر الوطن، فلا نجنى إلا قبض الريح.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا ديمقراطية دون توافق لا ديمقراطية دون توافق



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon