بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
حين فقد طه حسين البصر عوّضه الله بالبصيرة وأصبح عميد الأدب العربى .. وحين لم يُكمل العقّاد تعليمه أصبح جامعة يطوف حولها كل عشّاق العلم والمعرفة . وحين ضاقت على أحمد زويل الفرص فى وطنه هاجر إلى أمريكا وأصبح من أبرز علماء العالم وحصل على جائزة نوبل .. وحين تنكر النقاد لإبداعات نجيب محفوظ حصل على جائزة نوبل.. وحين وجد فاروق الباز أن آخر أحلامه لن يتجاوز مدينة السويس أخذ حقيبة أحلامه ورحل وأصبح رمزًا من رموز الكشف عن الفضاء .. وحين لم يجد مجدى يعقوب الفرصة فى وطنه سافر إلى إنجلترا وأصبح من أشهر أطباء القلب فى العالم . وحين فقد سيد مكاوى البصر انطلق مع عوده وأطرب العالم بأجمل ألحانه . وحين سافر رفاعة الطهطاوى إلى باريس لكى يؤمّ البعثة فى الصلاة عادت البعثة وأصبح الشيخ رفاعة أول من قاد مشروع النهضة فى مصر . وحين غنّت أم كلثوم سكت العالم لكى يسمعها . وحين تبرّعت الأميرة فاطمة إسماعيل ابنة الخديو بمجوهراتها لتبنى لمصر جامعة القاهرة كانت تحيى أمة .. وحين ظهر الشيخ محمد عبده أعاد للأزهر أمجاده. وحين شهدت مصر انتفاضة ثقافية وفكرية فى الأربعينيات كانت تبنى وطنًا جديدًا. وحين ظهر طلعت حرب شهدت مصر أكبر نهضة اقتصادية فى تاريخها .. كل هذه الرموز والأحداث هى التى منحت مصر المكانة وجعلتها سيدة العالم بالفكر والثقافة والإبداع الجميل.
أعيدوا لمصر أمجادها القديمة بالإنسان أغلى ثرواتها.. أسوأ ما يصيب الشعوب أن تفقد ذاكرتها وتفرّط فى مواهبها وتنسى مستقبل أجيالها.. فى أحيان كثيرة تصل إلى البشر رسائل سماوية تؤكّد قيمة العدل والحق والتميّز، وتحذّر من أن يضلّ الإنسان الطريق وينساق وراء هفواته، ولا يفرّق بين الغثّ والسمين، بين ما يستحق البقاء وما تخجل منه الحياة..