من يتضامن مع جنودنا

من يتضامن مع جنودنا؟

من يتضامن مع جنودنا؟

 لبنان اليوم -

من يتضامن مع جنودنا

عمرو الشوبكي

صادم أن يحول البعض تضامنه مع غزة إلى فرصة لإهانة وسب الجيش المصرى والهتاف ضده، متصورا أن على رأسه ريشة لأنه ناشط غالبا لا علاقة له بالناس، بل يكرههم ويتهمهم بالجهل، لأنهم لم يختاروا أمثاله لقيادة مصر، أو حقوقى يختار وفق مصالحه وحساباته من يتضامن معهم، والذين لم يكن بينهم ولو مرة واحدة على سبيل الخطأ أو السهو جندى مصرى شهيد يسقط حتى يذهب (أو نذهب) إلى مكاتبنا المكيفة.
سقط 22 جنديا شهيدا برصاص الإرهاب الذى يحاصر مصر من كل حدودها، الإرهاب الذى استهدف 500 رجل شرطة وجيش منذ ثورة 25 يناير، ولم يجد منظمة حقوقية تنعيهم وتتألم لموتهم، إنما وجد شماتة من قِبَل بعض المأجورين، وتجاهلا من قِبَل بعض المغيبين، وتضامنا مؤكدا من قِبَل ضمير هذا الشعب ونبضه الحى.
البعض أصابه خلل نفسى وليس فقط سياسيا حين تحدث عن جيش بلاده بالشتائم والشماتة، وتكلم عن الدولة الوطنية (المأزومة) بلغة أقرب إلى لغة المستشرقين، يشعرك فيها كأنه مستورد من الخارج، فهناك حالة من الاستعلاء والاحتقار لكل ما هو وطنى وكل ما بنى فى مصر، لأن وظيفته تتطلب منه أن يعتبر دائما الداخلية قاتلة، والجيش يجب أن يكون «عسكر»، فهو لا يعنيه إصلاح مؤسسة واحدة من مؤسسات الدولة، لأنها لو انصلحت فربما لن يجد عملا، فهو لم يحاول أن ينقد مرة بغرض الإصلاح أو تطوير الأداء، إنما هو صراخ من أجل المزايدة والهدم على رؤوس الجميع.
فى مصر سقط ضباط مرور شهداء وجنود بسطاء من كل نجوع مصر، ولم يسأل عنهم كثير من المتضامنين مع رابعة وغزة ومع شهداء الثورة، صحيح أن أبرياء غزة يحتاجون إلى تضامن، وكل مدنى سقط فى رابعة أو فى غيرها، ولم تعرف أسباب وفاته يحتاج أيضا إلى تضامن، بل إلى تحقيق وقصاص عادل يعيد له حقوقه، ولكن جنودنا الشهداء يحتاجون إلى نفس التضامن، وربما أكثر، ولكن بالنسبة لهؤلاء هم عسكر لا يستحقون أن يتضامن معهم أحد.
صحيح أن دولتهم الفقيرة تكرمهم، وصحيح أن بعضهم يسقط نتيجة ضعف التدريب وسوء الأداء، وصحيح أن الشعب المصرى يشعر بأن النقيب الشهيد محمد درويش (صورته نشرتها الصحف بصحبه ابنه الطفل) والملازم أول الشهيد محمد إمام ومعهما باقى الجنود هم قطعة منهم، لأنهم شبه الناس العادية البسيطة، ونالوا الشهادة.
البعض اختار أن يكون تضامنه مع غزة فى مواجهة جيش بلده، والبعض الآخر تضامن مع كل مخاليق الأرض إلا شهداء الجيش والشرطة، حتى أصبحت القضية وكأنه ينفذ مخططا لا علاقة له بانتقاد سلطة وحكم، وتجاوز حدود النقد المشروعة لمسار 30 يونيو ومؤشرات كثيرة مقلقة للحكم الجديد إلى حالة كراهية داخلية لكل ما هو وطن ودولة.
نعم، الدفاع عن كرامة الجيش وعن جنوده وضباطه هو ليس فقط جزءا من مشاعر وطنية طبيعية غابت عن البعض، إنما هو إنقاذ لهذا البلد من مستقبل مظلم يخطط له مندوبو الفوضى الخلاقة وحلفاؤهم الإخوان، وهو أمر لا علاقة له بالدفاع عن الديمقراطية المتعثرة، ولا رفض انتهاكات وأخطاء مؤكدة تجرى كل يوم، إنما له علاقة بمشروع وقلة من البشر يكرهون المصريين ويحولون التضامن مع أشقائنا إلى مناسبة للشماتة فى شهدائنا.
سيظل هناك ملايين المصريين الفقراء والبسطاء يتضامنون مع شهدائهم، ولا يشمتون فى شهداء غزة، وهؤلاء هم من سيعوضوننا خيرا فى شهدائنا الأبرار.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يتضامن مع جنودنا من يتضامن مع جنودنا



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon