التنظيم الانتقامى

التنظيم الانتقامى

التنظيم الانتقامى

 لبنان اليوم -

التنظيم الانتقامى

بقلم: عمرو الشوبكي

  فى 29 يونيو من عام 2014، أعلن أبوبكر البغدادى عن تأسيس تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، كواحد من أكثر تنظيمات التطرف عنفًا وإرهابًا ودموية، وقد خرج كثير من التقارير العربية والأجنبية منذ بدايات هذا الشهر تحلل ما جرى للتنظيم وتحولاته وإطاره العقائدى.

والحقيقة أن أى مقارنة بين كتاب «داعش» الأساسى، الذى يُعتبر أقرب إلى مانفستو عقائدى، وهو «إدارة التوحش»، وكتابات تنظيمى الجهاد والجماعة الإسلامية فى سبعينيات القرن الماضى مثل «حتمية المواجهة» و«الفريضة الغائبة» ستكتشف من عنوانه حجم الدموية والكراهية التى تضمنها كتاب «داعش».

وقد كتب وثيقة «إدارة التوحش» أحد قادة تنظيم القاعدة السابقين، وهو أبوبكر ناجى، واعتُبرت من النصوص اللافتة فى تاريخ تنظيمات التطرف والإرهاب، حيث وضع فصلًا تمهيديًّا حمل عنوان «النظام الذى يدير العالم منذ حقبة سايكس بيكو»، فعادة ما تبدأ هذه التنظيمات بمقدمة فقهية أو دينية تمثل تفسيرًا منحرفًا للنصوص الدينية.

وقد تضمن هذا الكتيب فقرات طويلة تحدثت عن «فن الإدارة والسياسة»، دون أن ينعكس ذلك بأى صورة من الصور على شكل بناء الدولة الوهمية التى سعى التنظيم لبنائها، وظل الخوف والقتل والتعذيب هو أداة الإدارة فى كل المناطق التى سيطر عليها التنظيم قبل تحريرها.

والحقيقة أن مساحة «التصديق الغيبى» بالنسبة لتنظيم داعش هى التى دفعته إلى الدخول فى مواجهات حربية خاسرة طوال العقود السابقة، بصورة لم يستفِد فيها شيئًا من علم الإدارة الحديثة، وهو ما جعل تحرير مدنه ليس بالأمر الصعب عقب انقلاب البيئة الحاضنة عليه، والتى سبق أن دعمته، بعد أن عاش الناس لسنوات تحت سطوة التنظيم.

ورغم أن «داعش» أعطى أولوية قصوى للقادة العسكريين الموجودين فى ميادين القتال، خاصة فى المدن التى سبق أن سيطر عليها فى سوريا والعراق، واعتبر أن «القرار السياسى يجب أن يكون صادرًا من القائد العسكرى»، فمع ذلك انهزم لأنه لم يَعِ فى أى مرحلة فروقات القوى العسكرية بينه وبين القوات النظامية، فقد أصر التنظيم على الترويج لرواية ضعف الجنود الذين يواجههم التنظيم، وشجع عناصره على القتال والقيام بعمليات انتحارية، دون أن يهتم بنتائج المعارك التى كان أغلبها غير متكافئ.

الخطاب الإعلامى لـ«داعش» أعلن الحرب على الجميع نظمًا حاكمة وشعوبًا، مسلمين ومسيحيين، سُنة وشيعة، وفى نفس الوقت بثَّ روحًا حماسية فى صفوف أعضائه مملوءة بخطاب تحريض وكراهية ليُدخلهم فى معارك خاسرة محسومة نتيجتها سلفًا، فهو لم يحاول أن يُحيِّد خصومًا ويحارب أعداء، أو يتحالف مع البعض ويواجه البعض الآخر، إنما حارب وقاتل الجميع، فكانت الهزيمة.

سيبقى «داعش» خطرًا، وخاصة أن لديه قدرة على الكمون والتحول، ولكن خطره تراجع وانكسرت شوكته فى مناطق كثيرة، وباتت المعركة مع بيئته الحاضنة التى أفرزته.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التنظيم الانتقامى التنظيم الانتقامى



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon