ملف السودان

ملف السودان

ملف السودان

 لبنان اليوم -

ملف السودان

بقلم: مصطفي الفقي

تراجعت منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ أخبار الوضع المتفجر فى السودان وأصبح الخبر تاليًا لمأساة غزة المروعة وذلك رغم تزايد عدد الضحايا وشيوع جرائم الحرب وفى مقدمتها التعذيب والاغتصاب والعنف الجسدى بدلالته الهمجية وسقوطه الأخلاقى، وشعر المصريون أن السودان بركان انفجر كما يحدث له عبر تاريخه الحديث بشكل دورى جعل من الاستقرار فيه حالة طارئة وليست وضعًا طبيعيًا، وفكرت فى شخصيات سودانية لها دور فكرى ودبلوماسى وثقافى مشهود ودقت أبواب ذاكرتى أسماء ثلاثة، أولها منصور خالد لكفاءته وتاريخه وصلاته المتميزة بكل الأطراف السودانية على المسرح السياسى وذكائه الحاد وقدرته على الانتقال بين المواقع الفكرية والمواقف السياسية، وفكرت أيضًا فى إبراهيم طه أيوب رحمه الله هو الآخر والذى كان فى ظنى شخصية يباهى بها السودان ويفاخر فى ميادين الدبلوماسية الإقليمية والدولية، ولقد عاصرته عندما كان سفيرًا لبلاده فى الهند، واستطاع أن يشد الانتباه وأن يحظى بالاحترام اللائق به وببلده، أما الاسم الثالث فكأنما استجابت الظروف الإقليمية لأسلوب تفكيره أخيرًا، فجاء ابن السودان كامل إدريس رئيسًا للوزراء بعد رحلة عطاء حافلة فى المنظمات الدولية حيث عرفته عندما كان مديرًا لمنظمة الملكية الفكرية وتوابعها وكان مقرها فى مدينة جنيف، وقد زرته عدة مرات وتوطدت صلتى به، وكنت أتساءل بينى وبين نفسى كيف لا يستفيد السودان من مثل هذا الرجل الذى كان يخشاه ويتندر عليه عمر البشير قائلاً له كلما دفعت المصادفة بلقاء بينهما يناديه البشير قائلا: (أهلا بكرزاى السودان) قياسًا على كرزاى الذى نصبه الأمريكان رئيسًا لأفغانستان، وفى أتون الحرب الأهلية الضارية والنيران المشتعلة فى مدن السودان وقراه ومعظم أنحائه هذه الأيام شكل كامل إدريس حكومته، وصدقت نبوءتى الصامتة ليصبح رئيسًا لوزراء بلاده، لكن فى أصعب الظروف وأحلك اللحظات وأكثرها توترًا على الإطلاق، وها أنا أطالب بتكريس الأفكار والأقلام والرؤى والكتابات للواقع السودانى المؤلم الذى لايزال يرسل الشظايا سعيرًا لا ينطفئ، وبغض النظر عن موقفنا من الطرفين المتحاربين إلا أننا نرى أن الانقسام الحادث فى جنوب الوادى هو جريمة نكراء لا يدفع ثمنها السودانيون وحدهم بل يشترك معهم فيها كافة الأطراف الإقليمية ودول الجوار تحديدًا

وفى مقدمتها مصر التى لم تتورط فى الصراع، لكنها أمسكت بجهاز إطفاء الحرائق تريد للسودان الشقيق بردًا وسلامًا، ومن العجيب والمدهش أن هناك دولا اختارت الانحياز لأحد الجانبين على حساب استقرار السودان وسلامة أراضيه وجاهر البعض بإلباس أحد الطرفين ثوبًا عقائديًا مرفوضًا فى الظروف التى تمر بها المنطقة كلها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن دعمًا عسكريًا وجد طريقه من بعض العواصم تجاه أحد الطرفين، ونحن هنا لا نعبر عن انحيازٍ لأيهما، لكننا نؤكد انحيازنا التام لوحدة السودان وتمساك كيانه، وكم تمنيت لو أن صديقى الراحل الإمام الصادق المهدى كان حيًا بيننا لكانت رؤيته محل تقدير واحترام، فقد طالعت مؤخرًا مجمل كتاباته عن نهر النيل وسد النهضة، ولاحظت انحيازه التام للحقيقة الموضوعية دون التواء أو تزييف، إن السودانيين بحاجة إلى نفوس صافية وعقول مزدهرة، خصوصًا أن شعب السودان هو مصدر الفكر والثقافة والأدب والفن منه خرج الشعراء العظام والروائيون الكبار. وهو شعب سيظل منارة إفريقية عربية على الدوام، فلنفتح جميعًا ملف السودان من جديد ليأخذ حقه الكامل من الأهمية والاهتمام والدعم الصادق.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملف السودان ملف السودان



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon