يوم لن يتكرر

يوم لن يتكرر

يوم لن يتكرر

 لبنان اليوم -

يوم لن يتكرر

مصطفي الفقي
بقلم: مصطفي الفقي

إنه الخامس من يونيو/ حزيران 1967 عندما قامت إسرائيل بغارات جوية على المطارات المصرية حيث امتدت العمليات العسكرية إلى جبهتى سوريا والأردن وأطلت الهزيمة النكراء بوجهها الكئيب على الفضاء العربى كله لكى تنال من مكانته الدولية والإقليمية على نحو غير مسبوق، ثم يتحول ذلك اليوم إلى صفحة حزينة فى التاريخ العربى المعاصر، لذلك فنحن لا نريد له أن يتكرر مرة أخرى، خصوصًا أننا نعتقد إن الهزيمة لم تكن عسكرية فقط، ولكنها هزيمة حضارية وإنسانية بالمعنى الواسع للكلمتين، فهى هزيمة للتواكل العربى وقتها والتسيب المصرى حينذاك عندما أخضعتنا مشاعرنا الجياشة وشدتنا الشعارات البراقة وحشدنا الجموع لمواجهة الدولة العبرية دون تخطيط علمى مسبق أو رؤية واعية وشاملة، لقد ظننا أنها مظاهرة سياسية نحشد لها العدد الأكبر وليس النوعية الأفضل لذلك اغتالت إسرائيل فى ذلك اليوم التعيس قدرًا كبيرًا من مشاعر الزهو العربى والحماس القومى، ولكى لا يتكرر ذلك اليوم فى المستقبل العربى فإننا نضع الأمر فى إطار المحاذير الآتية:

أولًا: إن الاهتمام بنظام التعليم والتقدم فى البحث العلمى هما ركيزتان تمثلان عاملًا أساسيًا للتفوق الفكرى والحضور الثقافى، ولذلك فإننى أظن بصدق أن هزيمة 1967 كانت بحق هزيمة للعقل العربى بل والروح القومية ذاتها حيث أسرفنا فى الآمال والأحلام وبالغنا فى الحديث عن التوقعات وأدمنا ترديد الشعارات، وأنا أقول صراحة: إن الانكسار الذى عرفناه فى ذلك اليوم لا تزال مرارته فى حلوقنا وآثاره فوق أرضنا ولن ترحل تلك الأيام الكئيبة عن الذاكرة إلا إذا أحرزنا من التقدم العلمى وتطوير التعليم وملحقاته الثقافية والاجتماعية ما يرفع من قيمتنا ويعزز مكانتنا، وأنا أقول صراحة: إن الدور المصرى انكمش فى الفترة من 1967 إلى 1973 حتى تمكن الجيش المصرى الوطنى الجسور من اقتحام حائط بارليف ومد الجسور المصرية على أرض سيناء فى يوم لا يكاد يبرح خيالى أبدًا، ورغم كثرة المحاضرات والندوات عن ذلك اليوم وتداعياته فإننا نركز على حقيقة مؤداها أن العرب يملكون ولا يحكمون ولقد اعتمدوا فى ذلك على أهل الثقة ولم يركنوا إلى أصحاب الخبرة بل وفرطوا بغير وعى فى كثير من القضايا المصيرية متصورين أن القطار السريع للحياة يقف انتظارًا لهم فى أى وقت.

ثانيًا: تثبت هزيمة 1967 أهمية الديمقراطية فى حياة الشعوب وتأثير الرأى والرأى الآخر فى القرار السياسى المنتظر فى كل مناسبة، ولذلك فإننى ممن يعتقدون عن يقين أن الرأى الجماعى يجُبُ قرار الفرد وتكون له الكلمة النهائية، خصوصًا عندما يتصل الأمر بمقدرات الأمم ومصائر الشعوب، ولاشك فى أن هزيمة يونيو 1967 كانت أمرًا كاشفًا لحقائق غابت واستقرت فى وجدان الوطن بعد ذلك عندما أدركنا جميعًا أن الجيش القوى هو عماد أمته، لأننا نعيش عالم التكنولوجيا وعمالقة الفكر ولا جدوى من غير ذلك، فالقوة المسلحة ركيزة الوطن سواء خاضت الحرب أم ابتعدت عنه، إلا أنها تظل ذلك الإنذار الدائم لكل من تسول له نفسه العدوان على أرض ذلك الوطن، إننا نرى أن هزيمة 1967 كانت خطيئة ألمت بالبلاد والعباد على نحو غير مسبوق ولا يخالجنى شك فى أن الكبرياء القومية والعناد الوطنى يرفضان معًا تكرار مثل ذلك اليوم الذى شاخت له رءوس الشباب واهتزت أمامه أعناق الرجال حتى استرد الوطن وديعته واستعاد أرضه بعد سنوات شاحبة من الضوء الخافت، إلى أن سطعت شمس السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 1973، فاستعاد العرب كرامتهم وكبرياءهم، وكانت مسيرة السلام بكل ما لها وما عليها إلا أنها تظل نقطة مضيئة فى تاريخ الحروب العربية منذ البداية حتى النهاية.

ثالثًا: لقد تعلمنا من درس النكسة أن وضوح الرؤية ودقة الالتزام، والبعد عن التسيب والإهمال والتدقيق فى البيئة المحيطة فكريًا وثقافيًا والمناخ السائد اجتماعيًا وشعبيًا، هى كلها عوامل شاركت فى النصر والخروج من ضائقة الهزيمة، خصوصًا أن الشعوب تتعلم من انكساراتها، وربما تكون لوعة الهزيمة هى صفعة الإفاقة لأصحاب الأرض والقادرين على المضى بها إلى آفاق مضيئة ورحبة، كما أنه ينبغى علينا أن ندرك أن الشعوب لها ذاكرة الفيل فهى لا تنسى أبدًا، كما أنها لم تبق بعيدًا عن رفاق السلاح وشركاء المعارك، وهم الذين يمثلون الدرع الوطنية للمصريين والعرب.

تحية لأبطال مصر فى الحرب وفى السلام، فهم عنصر الاستقرار الإستراتيجى فى بلادنا بل وفى المنطقة حولنا.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم لن يتكرر يوم لن يتكرر



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon