هل هو حقاً «برلمان»

هل هو حقاً «برلمان»؟

هل هو حقاً «برلمان»؟

 لبنان اليوم -

هل هو حقاً «برلمان»

عمار علي حسن

استوقفنى بالأمس رجل اقترب من نهاية العقد السادس من عمره، وقال لى دون أى مقدمات، بعد السلام والتحية: «أتصور أن الرأى العام غير راضٍ عن هذا البرلمان». قبل ذلك بساعتين كنت فى محل لإصلاح أجهزة الكومبيوتر فى وسط القاهرة، ودار بينى وبين شباب جالسين حوار طويل، تركز للأسف حول سؤالين: هل مجلس النواب الوليد يمثل عموم المصريين حقاً؟ وهل هو أصلاً سيقوم بدور البرلمان أم يكون مجرد قنطرة يجلس عليها حاملو الأختام ليمهروا قرارات وإجراءات السلطة التنفيذية التى تمر لتسقط فوق رؤوس الناس؟ ومثل هذه المسألة تتكرر أمامى كل ليلة على المقهى الذى اعتدت الجلوس عليه.

إن أعقد المشكلات التى تواجه أى مؤسسة هى تحولها إلى مجرد شكل، هيكل فارغ تصفر فيه الريح. وتزداد المشكلة إن تم هذا مبكراً، بل قبل أن تشرع تلك المؤسسة فى ممارسة مهامها أصلاً. فقبل أن ترسب المؤسسات فى أداء مهامها، تسقط فى عيون الناس، وبالتالى لا يعولون عليها، حتى وإن كانت قد خرجت من تحت آباط البعض منهم. فحتى من صنعوها قد يراجعون أنفسهم فيما بعد، ويبدون ندماً على أنهم قد ساهموا فى هذه العملية، وقد تتاح لهم فرصة تصحيح ما وقعوا فيه من خطأ.

مشكلة هذا البرلمان أنه وُلد على غير رضا تام من السلطة التنفيذية، التى كانت قد استمرأت العمل حرة من دون رقابة، فالرئيس يصدر القوانين، والحكومة تفعل ما تريد، ولا يسائلها إلا الرئيس فى الغرف المغلقة، وقد تجد نفسها أحياناً محرجة أمام الإعلام، لكنها بمرور الوقت اعتادت أن كلام الليل فى الفضائيات ما إن تمسسه شمس الصباح حتى يذوب.

ومشكلة هذا البرلمان أنه جاء على غير رضا من جزء كبير ممن لم يذهبوا إلى لجان الانتخاب، وهؤلاء يرسمون من الآن معالم طريق نقده ونقضه، بعضهم بفعل نفوس مصدودة من حياة سياسية تزداد بؤساً، وبعضهم بفضل عقول أدركت أن المقدمات الخاطئة التى وضعت لهذه الانتخابات لن تؤدى إلا إلى نتائج خاطئة. وأتحدث هنا قطعاً عمن يرتضون بالشرعية السياسية الحالية، ووقفوا معها ضد أولئك الذين يرفضونها من الإخوان وأتباعهم، ومع هذا فهؤلاء المتساوقون مع الشرعية لا يروق لهم أن تباع مقاعد البرلمان وتشترى، على النحو الغريب، وبهذا القدر من التبجح، وفى صورة مزرية، وصلت إلى درجة أن صفحات الصحف الأولى كانت تعرض أسعار الأصوات كما تعرض أسعار الخضراوات.

هناك من قالوا فور قيام الثورة: لا تصدقوا النخبة، وكان الهدف هو الاغتيال المعنوى لقادة الرأى والعمل السياسى.

وقبل الانتخابات هناك من قالوا: لا تصوّتوا للأحزاب، وكان الهدف تفريغ الساحة السياسية من جديد أمام حكم الفرد.

والآن يقولون: لا تأخذوا البرلمان على محمل الجد، والهدف هو قصم ظهره قبل أن يقف على قدميه، وللأسف فإن تركيبة البرلمان الحالية قد تجعل هذا المطلب مستساغاً لدى عموم الناس، وتلك هى المشكلة والمعضلة بل والمأساة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هو حقاً «برلمان» هل هو حقاً «برلمان»



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon