الأخطر من تسجيل عبد الناصر

الأخطر من تسجيل عبد الناصر

الأخطر من تسجيل عبد الناصر

 لبنان اليوم -

الأخطر من تسجيل عبد الناصر

بقلم:بكر عويضة

ضُحى الاثنين الماضي، كنتُ أتابع إذاعة «إل بي سي»، إحدى أشهر إذاعات بريطانيا المتخصصة في التحاور مع الجمهور، وكذلك مع كبار السياسيين، وبث مواجهات مباشرة بينهم، أعني الناس والمسؤولين. لاحظت أن المذيع أطال في الحديث عن معاني احتفالات ذكرى يوم يُعرَف، اختصاراً، بالحرفين «VE»، أي «انتصار أوروبا»، في الحرب العالمية الثانية قبل ثمانين عاماً من غد، الخميس، ثم سرعان ما تحول الصوت الهادئ إلى غضب مفاجئ، وطفق المذيع يصيح متسائلاً بما مضمونه: أليس غريباً ألا نتعلم من دروس الماضي؟ لقد هزم آباؤنا ألمانيا النازية، ويمين إيطاليا الفاشي، وها هي تيارات التطرف اليميني المعاصر تكتسح الانتخابات في البلدين معاً، وفي غيرهما من المجتمعات الأوروبية، ألا يدعو هذا للقلق حقاً؟

بالطبع، هو تراجع إلى الوراء يدعو للقلق فعلاً، لذا سارعت مراكز أبحاث عدة في غير مجتمع من مجتمعات «القارة العجوز»، كما توصف أوروبا منذ بضع سنين، إلى تدارس سبب ما يحدث، وما الذي يدفع جيل الشبان والشابات إلى أحضان تيار اليمين المتطرف. بيد أن صيحة مذيع «إل بي سي» الغاضبة ذاتها، أثارت التساؤل ذاته لدي، ونبشت مجدداً زوابع الجدل الذي أثاره الكشف عن تسجيل رئيس مصر الراحل جمال عبد الناصر بشأن التحول من رفض الحل السلمي مع إسرائيل، إلى القبول به، بل والسعي إليه. فجأة، عرض أرشيف الذاكرة أمامي صورة أول اجتماع عقدته الهيئة الإدارية لفرع الاتحاد العام لطلاب فلسطين في مصر بعد خطاب اعتراف عبد الناصر بالهزيمة، وإعلان تكليف زكريا محيي الدين بملف التعامل مع الولايات المتحدة الأميركية، ما أوحى بتوجه جديد محتمل للحكم المصري آنذاك.

كنتُ يومذاك في العشرين، الأصغر سناً بين الأعضاء الذين كانوا يضمون تيسير قبعة، عضو الأمانة العامة للجبهة الشعبية فيما بعد، وسعيد كمال، الأمين المساعد للجامعة العربية، لاحقاً، وشريف الحسيني، وحسين أبو النمل، وآخرين لم أعد أتذكر أسماءهم. فوجئتُ في ذلك الاجتماع بأن «حركة القوميين العرب»، التي كان لها الثقل الأساسي في قيادة الاتحاد، حتى ذلك الحين، دخلت طور التحول من الفكر القومي إلى الماركسي، وأنها بصدد حَل تنظيمها وتأسيس «حزب العمل الاشتراكي». لم أصدق يومها أن حركة نشأتُ في صفوفها عروبياً تريدني ماركسياً، هكذا بين صدمة حرب وعشيتها، لمجرد الزعم بأن كارثة 1967 كانت هزيمة لما يُسمى «البُرجوازية الصغيرة»، وبالتالي فإن النصر سوف يتحقق على أيدي طبقة «البروليتاريا»، وفق كليشيهات ذلك الزمن. لم أتردد في رفض ذلك الانقلاب الصادِم، وقلت إنني أغادر الحركة مُسبقاً، وفي حِل من أي التزام بتوجهها الماركسي.

يوصلني ما تقدم إلى القول إن الأخطر من تسجيل عبد الناصر، بل ومِن الهزيمة ككل، رُبما يتمثل، ضمن جوانب عدة، في أن الحركات والأحزاب والتنظيمات العربية، خصوصاً في مشرق العالم العربي، فشلت تماماً في التعامل مع قضية فلسطين عندما أصرت على أن تجرها إلى صراعات واقع عربي ممزق. ذلك الفشل لم يبدأ بكارثة 1967، ولم ينتهِ معها، لكن التفاصيل الموجعة توجب مقالاً آخر.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأخطر من تسجيل عبد الناصر الأخطر من تسجيل عبد الناصر



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon