الهجرانإستعادة لتشظّي الحرب السورية وسعي جيل لسُبل الخلاص بالحب
آخر تحديث GMT14:04:47
 لبنان اليوم -

"الهجران"إستعادة لتشظّي الحرب السورية وسعي جيل لسُبل الخلاص بالحب

 لبنان اليوم -

 لبنان اليوم - "الهجران"إستعادة لتشظّي الحرب السورية وسعي جيل لسُبل الخلاص بالحب

رواية "الهجران" للكاتب السوري
روما - دلال قنديل

رواية "الهجران" للكاتب السوري سومر شحادة الصادرة عن دار التنوير تدخلنا في متاهات الحرب السورية وتشعباتها من جهة الفقد واللوعة ودروب الحب الهاربة. بلغة متخففة من التفخيم والتضخيم يمضي الكاتب في روايته التي حازت "جائزة نجيب محفوظ للرواية في مصر والعالم العربي" بنحت دقيق للشخصيات.
يمر عبر مركزية ابطاله زياد وجوري بحارات اللاذقية وتحولاتها خلال الحرب وما قبلها ، بالمعتقلين والفارين وضحايا المعارك مع المجموعات الارهابية، بصراعات اليسار بين مناضليه وانتهازييه.
زياد وُلد يتيماً بعدما اقتيد والده توفيق الى السجن وأعدم.تجمعه الصدفة بأحد سجاني والده.يروي أمامه حادثة الاعدام ليتخفف من عذابات ذكراياته بعد اكثر من ثلاثين عاماً يروي تفاصيل مقتل والده ورفاقه." أتخيلهم في ذلك الشتاء من عام ١٩٨٢ يلاقون الموت وهم يفكرون بالحرية، حرية ارادوها حتى لو أخذت صورة الموت.وأرى سيادة العقيد في صيف ٢٠١٣ يلاقي الموت، هوالذي سكنه الموت حتى وصل اليه...أتصور امامي مشهد ثلاثة عشر رجلاً تحولوا الى ضحايا، واتساءل هل كانت تضحياتهم بطولة؟ أنا الذي وُلدتُ وعشتُ دون أب ، لا أستطيع أن أجد جواباً لهكذا سؤال! لكن وأنا ارى الخوف والبؤس في عيني القاتل، لو خيّرت بين أن أكون قاتلاً أو ضحية ، لأخترت الضحية."
  بهذا التمهيد المفجع يتسلل الكاتب لتناوب شخصيات روايته وهم بمعظمهم ضحايا. زياد إبن توفيق وعزيزة يتلوى بيوميات قاتمة لمعايشة الفقد وتطويعه ،بوهم العشق الذي لا يدوم إلا لأشهر قليلة بعلاقة جمعته مع زميلته بالعمل جوري.
  جوري إنجذبت سريعاً لرسام إستضاف المكتب معرضه بعد عودته من الخارج .ليتبين في السياق أنه نجا من الاعتقال بوضعه قبل سفره لوائح عناوين رفاقه الذين اعتقلوا. الرسام "الدنجوان" يقارب عمر والد جوري ، وهي ربما بتلك العلاقة تحاول تعويض عاطفة الوالد بصورته القاسية.
فيما زيادكان يحاول تعويض فقد الوالد بالإلتصاق بظل والدته حتى اصبحت شبحاً بعد وفاتها ، ترافق يومياته. صورتها ووالده تتنقل بين المطبخ، الصالة، وغرفة النوم الى ان يقرر يوماً فك حداده والعودة لحياته بمحاولةإستعادة جوري .
النهايات السعيدة لم تكن توائم التشظي الذي رافق شخصيات الرواية لذا حسناً فعل الكاتب بترك النهاية معلقة بعد لقاء جمعهما في المقهى بمبادرة من زياد " لقد أصبحت شخصاً آخر غيّرها حبّ عادل.استبدلها من الداخل ، جعلها اكثر معرفة بالبشر.لم تكن تشعر بالاسى ولا بالخذلان، بل اعتبرتها تجربة غنية غيرتها حتى على مستوى نظرتها لنفسها.لكنها ترى نفسها وحيدة بعد انتهاء هذه العلاقة ، وبعد أن غرق بيتهم في الصمت."
خيانات عادل الرسام الذي جمعته علاقة حميمة بجوري، رسمت مسار شخصيات نسائية تحركن على مسرح الرواية بهدؤ خلف صورة بطلتها.
تنكر عادل بعد عودته الى البلاد لطليقته سهى والدة ابنتيه ولم يدعها الى إحتفال إفتتاح معرضه.
ألحت صورة سهى على وجدان جوري بعد تيقنها من خيانة عادل لها هي الأخرى. لكن جوري تمنعت أن تكون سهى اخرى فتركته محطماً بوحدته، ولم تستجب لدعوته بالعودة اليه.
عزيزة والدة زياد التي بدا تعلقها مرضياً بإبنها، في لقاء جمع جوري وزياد وعزيزة كان منفراً لجوري من نظرات والدة زياد لها.مع الوقت توارى هذا الجانب من شخصيتها لتصبح اكثر هشاشة وضعفاً،وتبادر للسؤال عن جوري .
عزيزة التي تخاف عزوبة إبنها، واصلت تكتمها على ذكريات والده الى أن شعرت بإستكانة جسدها واقتراب رحيلها، كانت تنبش تلك الذاكرة عن توفيق زوجها وتفردها امام زياد الذي يتلقفها بتعطش، حتى غابت وبقي ظلها يرافقه في حداد طويل.
اما زينب والدة جوري فهي الصامتة التي تُكال لها الاهانات من زوج غضوب ،فاقم نوبات تبرمه في المنزل تعرض إبنه لصدمة عنيفة. دخل عبدالله شفيق جوري الجيش معافى، عاد من المستشفى الى منزله لا يفقه إلا ضحكاً هستيرياً يهز سكينة  الحي.معارك الأنفاق تلك يقول الراوي إن من ينجو منها لا يكون سوياً حتى لو خرج حياً، لم يلبث عبدالله شقيق جوري أن أنهى حياته عند جامع النور .
بغرائبية إرتسم مشهد إنتحاره.فتحت جوري باب الدار الذي كان موصداً امامه، لم تستطع مقاومة الرأفة في عينيه.خرج حاملاً تنكة الزرع التي منحتها امه له للسبب نفسه ، تلك النظرة المستغيثة ليائس من الحياة ، بعد ان تم تكبيله وسجنه في المنزل. إستخدم تنكة السمن تلك التي كانت تزرع امه فيها زهرة القرنفل لحز شرايينه ومع الصباح شوهدت دماؤه تغطي شوارع اللاذقية.
خلف تلك المآسي وصورة المرأة الغارقة بالآلام، نجت جوري.
" نهضت جوري من سريرها في الصباح.كانت تشعر براحة.أول شيء قامت به أن نظرت الى صفحة زياد، على الفايس بوك لكنه لم يكن متصلاً.
كتبت على  صفحتها: "إنه خجول لكنه يتداوى".تبسمت وقالت بصوتٍ مسموع:
" وسيشفى" وعادت لها ضحكتها الأولى."
عبارة تسدل الستار على زمنين تتحرك فيهما الرواية زمن الاب الذي سُجن وقتل بسبب معارضته، وزمن اللاذقية الجديدة.لاذقية جيل عاش عنفاً مختلفاً يحاول أن يخرج منه عن طريق الحب.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

 

"الولاشي" والإنفصام وواقع مجتمعنا في رواية عباس بيضون " الحائط الخامس"

«دار الآداب» يصدّر مؤخراً الرواية اللبنانية «أعشاب ضارة» بوح الجيل الثاني للحرب الأهلية اللبنانية

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهجرانإستعادة لتشظّي الحرب السورية وسعي جيل لسُبل الخلاص بالحب الهجرانإستعادة لتشظّي الحرب السورية وسعي جيل لسُبل الخلاص بالحب



إطلالات الملكة رانيا في المناسبات الوطنية تجمع بين الأناقة والتراث

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:25 2022 الخميس ,02 حزيران / يونيو

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم

GMT 15:59 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تأجيل أولمبياد طوكيو يكلف اليابان 2 مليار دولار

GMT 14:58 2021 الثلاثاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

هيفاء وهبي تضج أنوثة بملابس كاجوال ناعمة

GMT 10:26 2024 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

قيود لحماية المراهقين على تطبيق "فيسبوك" و"إنستغرام

GMT 05:28 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

نسرين طافش تَسحر القلوب بإطلالة صيفية

GMT 17:42 2022 الأحد ,23 كانون الثاني / يناير

3 فنادق فخمة في روسيا من فئة الخمس نجوم

GMT 07:33 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

ابتكار إطارات ذكية تقرأ مشاكل الطريق وتحذر

GMT 15:41 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

أحذية مسطحة عصرية وأنيقة موضة هذا الموسم

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تسريب صور مخلة للآداب للممثلة السورية لونا الحسن

GMT 08:42 2022 الخميس ,05 أيار / مايو

اتجاهات الموضة في الأحذية لربيع عام 2022
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon