القدس المحتلة - لبنان اليوم
بطلبه “العفو” دون إقرار بالذنب أو تعهد بمغادرة الحياة السياسية، يضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس إسحاق هرتسوغ في معضلة. فمن ناحية، تطالب المعارضة الإسرائيلية هرتسوغ برفض طلب نتنياهو (76 عاما)، ما لم يقر بالذنب في ملفات الفساد ويتعهد بالانسحاب من الحياة السياسية.
ومن ناحية أخرى، طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسميا من هرتسوغ العفو عن نتنياهو، الذي يرأس الحكومة الحالية منذ أواخر 2022.
كما أن وزراء الحكومة يعتبرون أن من شأن العفو عن نتنياهو وإنهاء محاكمته إعادة الوحدة بين الإسرائيليين في ظل خلافات عديدة.
وفي ما تبدو محاولة لضبط النفس، سرب مكتب نتنياهو لوسائل الإعلام أن نظر هرتسوغ في طلب العفو سيتطلب أسابيع من البحث.
والأحد، قدّم نتنياهو طلبا رسميا إلى هرتسوغ للعفو عنه ووقف محاكمته في ثلاث قضايا فساد تستلزم سجنه في حال إدانته.
ومنذ بداية محاكمته، رفض نتنياهو الاعتراف بالذنب وتقديم طلب للعفو عنه، بينما لا يتيح القانون الإسرائيلي للرئيس منح العفو إلا بعد الإقرار بالذنب.
و”تفيد أجواء مكتب الرئيس بأن منح العفو لرئيس الوزراء لن يكون بلا مقابل”، وفقا لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية الاثنين.
وأضافت الهيئة أن هرتسوغ “يدرس اشتراط تنحي نتنياهو عن منصبه حتى ولو لفترة ووقف مسار التعديلات القضائية المثيرة للجدل، في حال قرر قبول طلب العفو”.
الهيئة نقلت عن مقربين من هرتسوغ لم تسمهم قولهم إن نتنياهو “لن يحصل على عفو بدون ثمن سياسي واضح”، والرئيس لن يمنحه عفوا “غير مشروط” كما طلب.
وقالت إن “هرتسوغ قد يسمح لنتنياهو بالعودة للحياة السياسية بعد الانتخابات (أكتوبر/ تشرين الأول 2026) إذا فاز فيها، لكن ليس أثناء فترة العفو”.
غير أن ديوان الرئاسة نفى الاثنين صحة التقارير الراهنة، وقال في بيان إنه “لم تبدأ بعد مناقشة الطلب، والملف ما زال في مرحلة جمع الآراء المهنية من الجهات المختصة”.
في المقابل، نقلت الهيئة عن مقربين من نتنياهو لم تسمهم قولهم إن مسألة اعتزاله الحياة السياسية “غير واردة”.
وأضافوا أن تقديم طلب العفو جرى “بتنسيق كامل مع الرئيس ترامب”، وتوقعوا أن يعلن الأخير قريبا دعمه للطلب.
وفي 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعث ترامب برسالة رسمية إلى مكتب هرتسوغ يطلب منه فيها إصدار عفو عن نتنياهو.
ونقلت الهيئة عن مصادر سياسية إسرائيلية لم تسمها إنه منذ هذه الرسالة “لم تُعقد أي محادثات بين البيت الأبيض والرئاسة الإسرائيلية حول الموضوع”.
بدورها، قالت القناة “13” الإسرائيلية، الأحد، إنه لا يُتوقع من نتنياهو الموافقة على مغادرة الحياة السياسية.
واستدركت: “لكنه قد يوافق على العفو مقابل انتخابات مبكرة”.
ومنذ عامين يرفض نتنياهو دعوات المعارضة لإجراء انتخابات مبكرة، على خلفية اتهامات له بالفشل والاستبداد.
وتابعت القناة: “يُعتقد أن هرتسوغ سيوافق على العفو مقابل انتخابات مبكرة”..
و”يقدر أن المفاوضات ستستمر لأسابيع،، لكن مساعدي نتنياهو قالوا الليلة إنهم لن يجروا مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بشأن العفو”، بحسب القناة.
وأضاف مساعدو نتنياهو: “إما أن يكون هناك عفو غير مشروط أو أن يستمر رئيس الوزراء في محاكمته حتى تبرئته”.
القناة نقلت عن مصادر بوزارة العدل لم تسمها إن “طلب نتنياهو ليس طلبا للعفو، بل طلب لإلغاء المحاكمة أو تبرئته من القضايا”.
ووصفت المصادر طلب نتنياهو بأنه “رسالة تهديد، وهو يدعي أنه إذا لم يحصل على العفو، فسيواصل التعديلات القضائية وتدمير الإعلام الحر”.
وتصر حكومة نتنياهو على تمرير تعديلات قضائية تدعي أنها تعزز الفصل بين السلطات، بينما تقول المعارضة إنها تستهدف السيطرة على السلطة القضائية.
في افتتاحيتها الاثنين قالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية إن “الجواب المنطقي الوحيد لطلب نتنياهو العفو هو “لا” مدوية”.
وقالت: “يتميّز طلب نتنياهو للعفو بوقاحةٍ لا تُضاهى، فهو غير مستعد للاعتراف بأي شيء ولا يتحمّل مسؤولية أي شيء”.
وتابعت: “حتى وهو يطلب العفو، يُصرّ على التلميح إلى أن القضايا مفبركة ويُصوّر جهاز إنفاذ القانون بأنه جهاز إجرامي”.
و”هذا الطلب ليس محاولةً لرأب الصدع، بل عمل عدواني يسعى لاستغلال مؤسسة العفو لإلغاء العدالة وهدم مبدأ المساواة أمام القانون”، وفقا للصحيفة.
وحذرت من أن “العفو عن نتنياهو سيُرسل رسالة واضحة إلى الأجيال القادمة من المتهمين ذوي النفوذ مفادها: هاجموا مؤسسات الدولة، مارسوا الضغط السياسي، حطموا كل قاعدة، وفي النهاية ستُكافؤون”.
واعتبرت أنه “إذا وافق هرتسوغ على الطلب، فسيكون استسلاما من الدولة لبلطجة وفساد الرجل الذي يرأس حكومتها”.
وأردفت: “سيكون هذا نصرا تاما لنتنياهو، ومن المرجح أن يُخلّد التاريخ هرتسوغ كشخص تعاون مع الابتزاز”.
ويواجه نتنياهو اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة في 3 ملفات.
ويتعلق “الملف 1000” باتهامات بحصوله وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال، مقابل تقديم تسهيلات ومساعدات لهم في مجالات مختلفة.
وفي “الملف 2000” يُتهم نتنياهو بالتفاوض مع ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية (يمين وسط) أرنون موزيس، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية.
أما “الملف 4000” فيخص تقديم تسهيلات للمالك السابق لموقع “واللا” الإخباري شاؤول إلوفيتش، الذي كان أيضا مسؤولا بشركة “بيزك” للاتصالات، مقابل تغطية إعلامية إيجابية.
وإضافة إلى محاكمته محليا، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 مذكرة لاعتقال نتنياهو، لمسؤوليته عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وبدعم أمريكي شنت إسرائيل لمدة عامين منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 70 ألف شهيد ونحو 170 ألف جريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء.
قد يهمك أيضــــــــــــــا
نتنياهو يلتقي رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية في القدس قبيل محادثات مع إيران بشأن البرنامج النووي