«ترامب» وفن صفقة «الابتزاز للجميع»

«ترامب» وفن صفقة «الابتزاز للجميع»

«ترامب» وفن صفقة «الابتزاز للجميع»

 لبنان اليوم -

«ترامب» وفن صفقة «الابتزاز للجميع»

بقلم : عماد الدين أديب

ما هى الرسائل التى يحملها مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكى الجديد، فى أول زيارة له إلى المنطقة، عقب إقرار «الكونجرس» ترشيح الرئيس «ترامب» له وقبول تعيينه؟

يمكن ملاحظة عدة أمور شكلية وأخرى موضوعية ترافق هذه الزيارة، يمكن تحديدها على النحو التالى:

أولاً: أن الزيارة بدأت بالرياض، وتشمل إسرائيل والأردن فحسب.

ثانياً: أنها تأتى عقب الضربة الأمريكية بـ120 صاروخاً «توماهوك» لأهداف مختارة فى سوريا، وقُبيل تاريخ 12 مايو الحالى الذى يحدد فيه الرئيس «ترامب» اتجاهات موقفه من الاتفاق النووى مع إيران.

ثالثاً: أن الزيارة تأتى عقب استقبال واشنطن لكل مِن ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، واتخاذ الرئيس ترامب موقفاً «ودياً محايداً مع كل منهما»، دون أن يبدو منحازاً لأحدهما فى أزمة «السعودية والإمارات والبحرين ومصر» مع قطر.

رابعاً: أن الزيارة تأتى بعد اتفاقات وتعهدات بصفقات تجارية وعسكرية مع طرفَى النزاع «الخليجى - القطرى».

أما من ناحية الموضوع، فيمكن ملاحظة الآتى:

1- أن مايك بومبيو هو الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الأمريكية، وهو «رجُل ترامب»، جاء بمحض اختياره، وهو يعبر عنه مباشرة على خلاف ريكس تيللرسون المرتبط شخصياً وعضو بلوبى الغاز والنفط وبعلاقة مصالح قوية مع الدوحة.

إذن ما يقوله الرجل هو من عقل ولسان وتكليف دونالد ترامب شخصياً.

2- قال «بومبيو» وهو فى الرياض: «إن أمن المملكة هو مسألة ذات أولوية للولايات المتحدة».

3- بعث «بومبيو» برسالة واضحة للجميع حول «أعتقد أن الجميع سوف يوافق على أنه من مصلحة كل الأطراف (يقصد أطراف النزاع الخليجى - القطرى) أن تكون معاً، لأن لدينا تحدياً مشتركاً فى إيران، وأعتقد أنهم جميعاً يدركون ذلك، ونأمل أنهم -وعلى طريقتهم الخاصة- يمكن أن يتعرفوا على أسلوب لعلاج هذا الخلاف».

وكأن «بومبيو» يقول: «أسرعوا بحل الخلاف بينكم، لأن الأولوية هى عدونا المشترك (إيران) وحلّوا هذا الخلاف بطريقتكم وليس بطريقتنا».

وفى حقيقة الأمر، فإن التعمق فى السلوك الأمريكى تجاه أزمة قطر وأزمة تمدّد الدور الإيرانى لم يكن أبداً معبّراً عن موقف مبدئى، لكنه يعبر عن «سلوك انتهازى مرتبك يستخدم تكتيكات متضاربة من أجل استراتيجية واحدة هى ابتزاز كافة الأطراف للحصول على صفقات اقتصادية وعسكرية».

إن دونالد ترامب يطبّق حرفياً فكره وسياساته التى جاءت فى كتابه «فن الصفقة»، الذى يستعرض فيه أسلوبه فى النجاح فى الصفقات العقارية، والقدرة على الضغط على الشريك الآخر للحصول على أكبر مغانم ومكاسب مالية.

فن الصفقة عند «ترامب» استدعاه أن يتحدث عن مسئولية قطر فى دعم الإرهاب بعد ساعات من مغادرته للرياض، وحصوله على وعود بـ460 مليار دولار من الصفقات.

وفن الصفقة عند «ترامب» جعله يبعث تيللرسون وهو «صديق قطر القديم»، لتوقيع اتفاق تعاون ضد الإرهاب، والإشادة بدور قطر فى مكافحة التطرف ومواجهة الإرهاب بعد وعود بـ77 ملياراً من الدولارات فى صفقات طائرات مقاتلة وأخرى للركاب. وفن الصفقة عند «ترامب» هو فى لعبة التلويح بالحديث السلبى فى وسائل الإعلام عن تصرفات مالية لشركات كبرى فى الرياض وأبوظبى والدوحة على حد سواء لابتزاز الجميع أكثر وأكثر.

السياسة الأمريكية الآن فى قمة ارتباكها وتحوّلها إلى منطق «تاجر الشنطة» الذى على استعداد للبيع إلى مَن يشترى.

والتشدد الحالى مع إيران ليس دفاعاً عن مبادئ، ولكن لتحسين شروط التفاوض للوصول إلى جزء من كعكة إعمار إيران، بعد الإفراج عن أرصدتها المجمّدة، وبعدما اكتشفت الإدارة الأمريكية أن الحصص الكبرى فى هذا الملف كانت -مبدئياً- مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا! وليس من الصدفة أن يكون ثلاثى «ميركل - ماكرون - ماى» هم مَن يحاولون إقناع «ترامب» بعدم تفجير الاتفاق النووى.

باختصار.. نحن فى قاموس «ترامب» السياسى لسنا أنظمة أو دولاً، ولكن «مغانم مالية» يجب ابتزازها لأقصى حد وعصرها مثل الليمونة لآخر قطرة.

الشريك الأمريكى ليس شريكاً، وليس صديقاً، وليس حليفاً، وصدق السياسى اللبنانى المخضرم كميل سمعون حينما قال: «لا تصعد مع الأمريكان فى مصعد إلى الدور العاشر، لأنهم سيوقفونه فى الدور الثامن ويتركونك وحدك».

أخطر التطورات الأخيرة هو إعلان «نتنياهو» عن وجود 55 وثيقة رسمية أمنية لدى إسرائيل تدّعى «أن إيران لا تلتزم بتعهداتها فى الاتفاق النووى، وأنها خدعت الجميع، لأنها -حسب كلام نتنياهو- لديها قدرة تحضير 4 قنابل نووية».

هذا الكلام بصرف النظر عن مدى دقته وصدقه هو نوع من صاروخ إسرائيلى «أرض - أرض» تجاه الممانعة الإيرانية لتعديل شروط الاتفاق، حسب مطالب ترامب التى هى فى الحقيقة مطالب إسرائيل.

لا يفوت على الجميع أن وزير الخارجية الإسرائيلى ليبرمان الذى يزور واشنطن الآن، التقى وزير الدفاع ماتيس ومستشار الأمن القومى جون بولتون ونسقوا تحركات واشنطن وتل أبيب لمواجهة إيران حتى النهاية.

المصدر : جريدة الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ترامب» وفن صفقة «الابتزاز للجميع» «ترامب» وفن صفقة «الابتزاز للجميع»



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon