واشـنطــن وحلفاؤهــا

واشـنطــن وحلفاؤهــا

واشـنطــن وحلفاؤهــا

 لبنان اليوم -

واشـنطــن وحلفاؤهــا

عريب الرنتاوي

الخلاف الأمريكي – الخليجي (السعودي أساساً) يتجاوز بكثير برنامج إيران النووي و”اتفاق فيينا” ... تصريحات الرئيس الأمريكي المتكررة منذ مؤتمر كامب ديفيد، تشف عن أبعاد أعمق لهذا الخلاف، وتكشف البون الواسع في قراءة التهديدات والفرص التي تواجه دول المنطقة وشعوبها، ومصائر الصراعات المحتدمة فيها، وسبل الخروج من الاستعصاءات القاتلة التي تعصف بأمن المنطقة واستقرارها.

يبدأ الخلاف بين الجانبين من إيران، التي أظهر الرئيس الأمريكي مبكراً، إصراراً واضحاً على معالجة الخلافات معها، بوسائل دبلوماسية، وكل حديث عن “خيار عسكري” صدر عن إدارته، لم يكن أكثر من مجرد “ورقة ضغط” جرى التلويح فيها لغايات دفع المفاوضات صوب اتفاق أكثر توازناً ... أما دور إيران الإقليمي، فالرئيس أوباما يتبنى وجهة نظر تقترح إدماج إيران في معالجة أزمات المنطقة، والرهان على إشراكها في جهود حل النزاعات الإقليمية بطرائق سلمية، ودائماً على أمل أن تصبح طهران جزءاً من الحل لا سبباً في المشكلة فقط.

قبل كامب ديفيد وبعده، تبنى الرئيس وإدارته مقاربة، لا تتفق مع حالة القلق التي طبعت مواقف إسرائيل ودول خليجية من إيران ... هو قالها بالحرف الواحد، أنه لا يجوز تحويل إيران إلى مشجب تعلق عليه مشاكل المنطقة وأزماتها، فثمة الكثير من الأسباب والظواهر الداخلية والبينية التي تستدعي القلق وتستوجب المعالجة والاهتمام ... وبصورة تعيد للذاكرة، فصولاً من الخطاب (أو السرد) الأمريكي في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر / أيلول 2001.

في “فقه الأولويات”، تبنى الرئيس وإدارته شعار “محاربة الإرهاب أولاً”، وفي مختلف ساحات الصراع الإقليمي المتفجرة ... في سوريا والعراق، قدّم الخطر الذي تمثله “داعش” على شعارات “إسقاط الأسد” و”محاصرة النظام الجديد في العراق” ... ونجح بعد فترة طويلة نسبياً من الجمود، في فرض أولوياته على حلفائه ... تركيا اليوم، تعلن الحرب رسمياً على “داعش”، ودول الخليج تتبارى في الحديث عن خطرها، مع أن بعضها ما زال يضع إيران ومحورها في موضع التهديد الأول والأخطر... وفي اليمن، وبرغم من التأييد اللفظي الذي منحه الرئيس الأمريكي لعملية “عاصفة الحزم”، إلا أن الجهد الأمريكي الفعلي ينصب على وضع حد لهذه الحرب، التي سمحت للقاعدة والسلفية الجهادية وكافة قوى التطرف في المنطقة، بالانتعاش والتمدد من جديد.

في “فقه الخيارات”، دعم الرئيس خيارات الحل السياسي لكل هذه الأزمات، فيما أبدى حلفاؤه الإقليميون ميلاً جارفاً للحلول العسكرية وخيارات الحسم ... حتى إنه اضطر للقفز عن بعض “خطوطه الحمراء” في سوريا، فيما خص استخدام القوة، وآثر توقيع “اتفاق الكيماوي” مع سوريا، على اللجوء إلى خيار القوة ... ولم تنجح ضغوط تركيا وإسرائيل والسعودية وقطر بشكل خاص، في دفع الإدارة للذهاب في مغامرة “الحسم العسكري” و”إسقاط الأسد”، أو حتى مجرد إنشاء مناطق آمنة وممنوعة على طيران النظام وقواته.

واللافت للانتباه أن الرئيس كلما اقترب من لحظة مغادرة البيت الأبيض، كلما بدا أكثر جرأة ووضوحاً في التعبير عن مواقفه وأطروحاته، التي تضرب على “وتر حساس” عند بعض حلفائه ... تحدث عن “التحديات الداخلية” التي تستوجب المعالجة في دول الخليج، واظهر ميلاً واضحاً لدعم الحركة الكردية في العراق وسوريا، ضارباً عرض الحائط، مخاوف حليفه في أنقرة وحساسيته تجاه هذه المسألة، بل ومتحدياً وجهة النظر الإسرائيلية، في عدة مواضيع، تدرجها تل أبيب في قلب دائرة أولوياتها: الملف النووي الإيراني والملف السوري.

وفيما رأى البعض في عواصم الحلفاء، أن البيت الأبيض يتخلى عنهم، ويتجه لنقل البندقية الأمريكية من كتف إلى كتف آخر، حرصت إدارة أوباما على عرضالضمانات و”مظلات الحماية” من التهديدات الخارجية للدول الحليفة، قدم السلاح بغزارة لإسرائيل ودول الخليج، والتزم سياسة “الصبر الاستراتيجي” حيال تركيا في ملف “داعش”، وتعهد بأن يكون أكثر رئيس أمريكي تجسيداً لمبدأ الالتزام بأمن إسرائيل وتفوقها، بل والأهم، أنه لم يظهر حتى الآن، أي مؤشر جدي لاستعداده ممارسة ضغط على تل أبيب للجنوح لخيار “حل الدولتين”... بيد أن الذين اعتادوا أن يأخذوا من واشنطن “كل شيء”، لا يبدو أنهم قادرون على تجاوز “صدمة واشنطن” وحساباتها الكونية الأبعد والأوسع من حساباتهم الأمنية والأنانية الضيقة ... الذين اعتادوا استمراء دور “الابن المدلل” لا يريدون للراعي الأمريكي أن يظهر نوعاً من التوازن في علاقاته الإقليمية، أو حتى أن يقرأ خريطة المنطقة من منظور حسابات واشنطن، بدلاً عن حسابات عواصمهم.

لكن المؤكد أن هؤلاء الحلفاء، سيجدون أنفسهم مرغمين على تكيّف مقارباتهم لتوائم المقاربة الأمريكية في نهاية المطاف ... إسرائيل ابتلعت “الطعم الإيراني”، وكل ما يصدر عنها من ضجيج إنما يندرج في سياق الابتزاز لتعظيم العوائد والفوائد و”جوائز الترضية” ... تركيا بعد حادثة سروج الإرهابية، تبدو كمن قرر الاستدارة وشرع في رحلة “التكيف” مع أولويات سيد الأبيض، أما الدول العربية المعنية، فهي تعرف ألا ملجأ إليها من واشنطن إلا إليها، وربما يكون اليمن، برغم اشتداد ضراوة الحرب الدائرة فيه وعليه، أولى الخطوات على هذا الطريق.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشـنطــن وحلفاؤهــا واشـنطــن وحلفاؤهــا



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 10:12 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 00:18 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 24 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:00 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 03:08 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض قياسي في عدد الوافدين الأجانب إلى تركيا

GMT 18:58 2022 السبت ,12 شباط / فبراير

طُرق استغلال المساحة في الحمام الصغير

GMT 11:57 2013 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

أمسية للشاعر أحمد الصويري في اتّحاد كتّاب الشارقة

GMT 13:59 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:04 2023 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان سامو زين يعود للسينما بعد غياب 17 عاماً

GMT 10:33 2013 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيراري" تعلن عن المحركات القادمة للسيارات الفائقة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon