حروب المحاور في غزة وعليها

حروب المحاور في غزة وعليها

حروب المحاور في غزة وعليها

 لبنان اليوم -

حروب المحاور في غزة وعليها

عريب الرنتاوي

غزة أيضاً تتحول إلى ساحة لحروب المحاور وتصفية الحسابات بين المحاور العربية – الإقليمية المصطرعة ... كانت كذلك من قبل، وهي كذلك الآن، والمأمول ألا تظلّ على هذا الحال مستقبلاً، فالكلفة هنا من دم أيضاً، والرابح الأول والأخير في حروب الآخرين في غزة وعليها، هو إسرائيل.
من اللافت أن غزة شكلت نقطة التقاء أولى بين محورين متنافسين: الأول؛ محور المقاومة والممانعة (طهران – دمشق – الضاحية الجنوبية) والثاني؛ محور قطر – تركيا – الإخوان، مقابل محور (القاهرة – الرياض – أبو ظبي) وبدرجة ما رام الله ... الهدف المشترك هنا هو تدعيم حركة حماس ومنع انهيارها، بل وضمان خروجها بما يمكنها من تفكيك أطواق العزلة والحصار، واستعادة مكانتها على الساحتين الفلسطينية والإقليمية.
المحور الأول، محور المقاومة، يسعى بذلك للبرهنة على صوابية خيار “المقاومة”وتاريخيته، مثلما يسعى في استعادة حماس إلى صفوفه، بعد أن تكون قد أيقنت بأن تحولاتها وتنقلاتها الأخيرة، لم تفدها في شيء، من دون أن ننسى أن لهذا المحور تحفظات وعداوات مع المحور الثالث (القاهرة – الرياض).
المحور الثاني، محور (قطر – تركيا – الإخوان)، ويسعى في الأساس إلى مناكفة الدور المصري، ومن خلفه الدور السعودي – الإماراتي، هذا المحور وإن كانت يلتقي مع محور (القاهرة – الرياض) إلى درجة كبيرة أو قليلة على الساحتين السورية والعراقية، ضد نظامي الأسد والمالكي، إلا أنه يفترق عنه افتراقاً حاداً عندما يتصل الأمر بمجريات الوضع على الساحة المصرية منذ الإطاحة بحكم مرسي، واستتباعاً على الساحة الفلسطينية حين يتعلق الأمر بحماس وقطاع غزة.
القاهرة قدمت مبادرتها لإنهاء الحرب الثالثة على غزة، وهي تعمدت إعادة انتاج “اتفاق 2012” الذي أبرمته حماس مع إسرائيل برعاية حكم الإخوان، وأحسب أن الأمر مقصود تماماً، لكي يقال لحماس، ترفضون من نظام السيسي اليوم، ما سبق وأن كبرتم وهللتهم له بالأمس، زمن نظام الرئيس المعزول محمد مرسي ... القاهرة ليست بوارد تمكين حماس من الخروج من هذه “المعمعة” بكثير من الحمص، ومن خلفها يقف محور عربي طويل وعريض، يشترك مع القاهرة في الهدف ذاته، وهو محور مدعوم دولياً على أية حال.
في المقابل تسعى حماس، لـ “فكفكة” أطواق العزلة المصرية المضروبة عليها ... وهي برفضها المبادرة، ركزت بالأساس على الجانب الشكلي والإجرائي المتصل بعدم التشاور معها أو إجراء الاتصال بها قبيل أو بعيد إطلاق المبادرة ... وهي (حماس) في الوقت ذاته، تسعى لاستغلال ثقل ونفوذ حلفائها (تركيا وقطر) من أجل تحسين شروط المبادرة، وإدخال تعديلات إضافية عليها، تمكنها من ادّعاء النصر في الحرب الثالثة على غزة، فهي بحاجة ماسة لمثل هذا “الانتصار” خصوصاً بعد سقوط أكثر من 200 شهيد و1500 جريح
و600 أسير جديد وقديم.
الخلاف المصري – الحمساوي، ومن خلفه صراع المحاور العربية والإقليمية، أدخل غزة والحرب عليها في نفق جديد ... أي تعديل جدي للمبادرة سينظر إليه بوصفه هزيمة مصرية كذلك، وليس هزيمة للعدوان والاحتلال الإسرائيليين، ومن خلف مصر، يقف وزراء الخارجية العربية ومحور طويل وعريض من الدول العربية ... كيف يمكن تفادي الوقوع في شرك كهذا؟ ... سؤال لن تعجز الدبلوماسية عن تقديم الإجابة عليه، إن خلصت النوايا، ووضعت قضية غزة وحصار شعبها في صدارة الأولويات، وليس حسابات الداخل المصري، أو النظرة الفئوية لحماس، أو حسابات الإقليم وضرورات حروبه الطاحنة.
حماس ليس بمقدورها أن تقبل المبادرة كما هي، وأن تجيب عليها عبر الأثير فقط، حماس تريد تطبيعاً مع القاهرة، وحماس تريد مكاسب تسوق بها نتائج الحرب وتسوغها، فالفاتورة التي دفعت باهظة للغاية، ويجب أن يكون الثمن بمستوى فاتورة الدم الفلسطيني ... هذه المكاسب يجب أن تنتزع من إسرائيل أساساً، لأنها دولة الاحتلال والعدوان المسؤولة عن مأساة غزة ومعاناة أبنائها ... لكن الانقسامات الفلسطينية والعربية، تضع هذه المكاسب في مكان آخر، تبدو معه حماس كما لو كانت تريد انتزاعها من جيوب المصريين أو بعض العرب، وليس من “كيس” إسرائيل، ومن يتتبع ردات الفعل المصرية على رفض حماس للمبادرة، يرى أنها أشد قسوة بالمعنى اللفظي على الأقل، من ردات الفعل الإسرائيلية.
إسرائيل تواصل عدوانها وتصعّد اعتداءاتها على غزة، وهي تشعر بهامش واسع من حرية الحركة بعد رفض حماس للمبادرة، أما من يتولى السجال مع حماس، فهم فلسطينيون ومصريون وبعض العرب بالأساس، وهذا نجاح ما بعده نجاح، تسجله إسرائيل في رصيدها، من دون ان تبذل فيه أي جهد أو ثمن.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حروب المحاور في غزة وعليها حروب المحاور في غزة وعليها



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon