انطباعات من واشنطن

انطباعات من واشنطن

انطباعات من واشنطن

 لبنان اليوم -

انطباعات من واشنطن

عريب الرنتاوي
لا تكاد تعثر، وأنت الزائر للولايات المتحدة، على أثر للشرق الأوسط بأزماته المتفجرة، في وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية، ومن باب أولى فإنك لن تعثر على شيء، إن انت تنقلت بين ثنايا وسائل الإعلام المحلية ... في الأسبوع الأول للزيارة، طغى خبر أوكرانيا على كافة نشرات الأخبار والبرامج والتغطيات المباشرة والخاصة، غاب الشرق الأوسط برمته، لم أعثر على شيء عن استرجاع قرية الزارة في ريف تلكلخ أو عن معارك يبرود الاستراتيجية (؟!)، كما لم أعثر على ما يشفي غليلي المعرفي، لمتابعة السجال المحتدم في الأردن حول الحكومة والمعاهدة وجريمة اغتيال القاضي زعيتر. فجأة اختفت أوكرانيا عن صدارة الأخبار، تحولت إلى خبر سريع ومقتضب، يجري ذكره في نهاية التغطيات الموسعة والمملة لحادثة اختفاء الطائرة الماليزية، حتى أننا بتنا نعرف كل شاردة وواردة عن الطيار ومساعده وغرامياتهما ... الشرق الأوسط، يظل غائباً ومغيباً، لا أحد يكترث بما يجري هنا، سوى "قلة" من الساسة والبيروقراطيين المنشغلين بهذه الملفات ... عليك أن تنبش في العمق، لكي تعرف وجهة المواقف واتجاهات هبوب الريح الأمريكية حيال هذه المنطقة المشتعلة على الدوام. جديد المواقف والسياسات الأمريكية، وهنا يأخذ حديثنا شكل "تسجيل الانطباعات"، يتعلق بإيران تحديداً، هنا يبدو أن واشنطن تتحضر لإحداث الانعطافة المنتظرة منذ أزيد من ثلث قرن في مواقفها ... وثمة من يحدثك عن تعويل كبير على "تطبيع" العلاقات مع طهران، بعد حل مشكلة برنامجها النووي، وثمة اعتقاد راسخ أن كافة ملفات المنطقة ستتأثر بالتطورات التي ستطرأ على مسار "جنيف النووي"، وواشنطن ليست بعيدة عن الانفتاح الأوروبي عالي المستوى على طهران، فالبارونة أشتون، لم تذهب إلى هناك بصفتها الأوروبية وحدها، فتحت "الحجاب" الإيراني الذي تلفعت به سيدة الدبلوماسية الأوروبية، كانت تُخفي قبعة "الكاوبوي" الأمريكي. إلى جانب الخلافات الشائكة بين طهران وواشنطن، وما تثيره من انقسامات داخل مراكز صنع القرار الأمريكي، ثمة عقبتان يتعين على إدارة أوباما التعامل معهما إن هي قررت المضي في طي صفحة الصراع مع إيران: الرفض الإسرائيلي والتحفظ السعودي، وفي كلتا الحالتين، فإن الإدارة تواجه دولاً لها نفوذ مهم، وإن متفاوت بالطبع، في واشنطن ومراكز صنع القرار فيها ومجموعات المصالح المؤثرة، وليس بمقدور الإدارة أن تدير ظهرها هكذا ببساطة لمواقف هاتين الدولتين وحساباتهما المعقدة. إسرائيل باتت تتحول إلى "مشكلة" للسياسة الخارجية الأمريكية ... أنت تسمع ذلك بأصوات مرتفعة وغير مسبوقة ... هي من يعطل احتمالات التقارب الاستراتيجي مع إيران ... وهي من يعطل عملية السلام مع الفلسطينيين وينغص على جون كيري وسيد البيت الأبيض حياتهما ومسعاهما لإغلاق هذا الملف، الذي عجزت إدارات متعاقبة عن إغلاقه ... لكن الإقرار بهذه الحقيقة شيء، وقدرة على الإدارة التعامل معها شيء آخر، والمسألة من قبل ومن بعد، ستحتاج إلى وقت طويل نسبياً، حتى تتحرر السياسة الخارجية الأمريكية من قيود تل أبيب واشتراطاتها، هذا إن أمكن لها أن تتحرر في يوم من الأيام. أما السعودية، الدولة العربية الأكثر نفوذاً في واشنطن، فثمة ما يشي بأن صفحة التوتر في العلاقات بين البلدين قد طويت، أو هي في طريقها إلى ذلك ... ثمة ارتياح في واشنطن للخطوات الأخيرة التي اتخذتها المملكة في الحرب على الإرهاب، وهو ارتياح يمهد لزيارة ناجحة سيقوم بها الرئيس أوباما إلى الرياض بعد أيام ... ثمة خلافات ما زالت قائمة بين الجانبين حول العديد من الملفات، بيد أنها من النوع القابل للاحتواء والتنظيم، وهنا يبدو الموقف المتباين من جماعة الإخوان المسلمين، تفصيلاً تكتيكياً، لا يقدم ولا يؤخر، واشنطن ما زالت على موقفها المنفتح على الجماعة، وهي لا توافق على وصفها بالجماعة الإرهابية. الجميع بانتظار رؤية الضوء في نهاية نفق مهمة كيري المريرة والمديدة ... الرئيس الفلسطيني سيحل ضيفاً على الرئيس الأمريكي بعد أيام، والقمة بين الرجلين في السابع عشر من الجاري ... لكن الجولة التمهيدية التي أجراها أوباما مع نتنياهو لم تنته إلى نتائج صلبة، تُمَكّن الرئيس الأمريكي من محاولة إقناع الرئيس الفلسطيني أو الضغط عليه، للقبول بها ... هنا في واشنطن، وربما لأول مرة، هناك من يحدثك عن مسؤولية إسرائيل في إحباط مسعى كيري، من دون إغفال الاستطرادات الضرورية في هذا المقام، كأن يشار إلى مسؤولية الفلسطينيين أيضاً في هذا المجال، ولكن شتان ما بين صورة الموقف الراهنة في واشنطن وما كانت عليه بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد قبل سنوات. الكثير من الأمل يحيط بمسعى كيري، والكثير من الرهانات تعلق على ما يمكن وصفه "المسعى الأخير" للإدارة الأمريكية لحل هذه المعضلة ... لكن الشكوك والتحفظات، تحيط دائماً بأحاديث أكثر المراقبين تفاؤلاً بمصائر مهمة كيري ... وسط "فراغ الصمت" الذي يقع فيه المتحدثون عندما يجابهون بسؤال: ماذا لو؟ ... ماذا بعد فشل مهمة كيري؟
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انطباعات من واشنطن انطباعات من واشنطن



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon