الأردن وعتبة مجلس الأمن

الأردن و"عتبة" مجلس الأمن

الأردن و"عتبة" مجلس الأمن

 لبنان اليوم -

الأردن وعتبة مجلس الأمن

عريب الرنتاوي
أياً كانت الظروف والملابسات التي سبقت ورافقت اختيار الأردن لشغل معقد غير دائم في مجلس الأمن، فإن الحصيلة التي انتهى إليها التصويت في الجمعية العامة، والغالبية العظمى من الأصوات التي حصل عليها الأردن، تستحق الاحتفاء والترحيب. لكن الأمر الذي لا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا، أن المكان و"المكانة" الجديدان، يستولدان المزيد من الضغوط والتحديات، فالمسؤولية جسيمة بكل ما للكلمة من معنى، سيما وأننا أمام عامين قادمين، حافلين بالأحداث والتطورات، التي يثير كل واحدٍ منها المزيد من الانقسامات والاستقطابات في العالم العربي والإقليم من حولنا، ووحدها الإدارة الرشيدة لملفات السياسة الخارجية، هي التي ستجعل من "عتبة مجلس الأمن"، ميزة للأردن لا عبئاً عليه. للعرب سلسلة من القضايا المنظورة أمام المنتظم الدولي، والأردن من أعلى موقع في هذا المنتظم، سيكون مطالباً باتخاذ مواقف، بيد أن العرب منقسمون على أنفسهم حيال معظم هذه القضايا، وأية مبالغة في الانحياز لصالح هذا الفريق أو ذاك، سوف يستجرُّ على الأردن غضب الفريق الآخر. تستطيع السياسة الأردنية أن تناور في الهوامش المتاحة لها الآن، لكن منصة مجلس الأمن، لا تبقي مساحات واسعة للمناورة والمداورة ... سيتعين عليك أن ترفع يدك في كل مرة تطرح فيها الأزمة السورية أو أزمة البرنامج النووي الإيراني، على محك الاقتراع والنقاش والتصويت، دع عنك أم القضايا والصراعات في المنطقة: القضية الفلسطينية. ولأن الأردن سيأخذ مقعده على رأس الهرم الدولي، فسيكون في دائرة الضوء والاهتمام ... وستلقى أضواء كاشفة على سياستيه الداخلية والخارجية ... في الحقل الداخلي، سيكون هناك اهتمام دولي أعلى بملفات الإصلاح والحريات وحقوق الإنسان، وفي الحقل الخارجي، ستتجه الأنظار إلى عمان، لخطب ودها قبل التصويت على أية قضية مطروحة على جدول الأعمال الدولي. هذا جيّد من جانب، وقد يساعد الأردن على تطوير شبكة تحالفات ومصالحه مع مختلف الدول والمجموعات الإقليمية والدولية، بيد أنها "مسؤولية" جسيمة، ستُلقى على كاهل صنّاع السياسة الخارجية. وسيتعين على الخارجية والبعثة الأردنية، وفي زمن قياسي قصير نسبياً، أن ترفع منسوب إلمامها بمختلف القضايا الدولية ... وفي العادة، فإن الدول تبدأ مبكراً، وأحياناً قبل سنوات، بإعداد فرق عمل خاصة، تتابع عن كثب أبرز الملفات الإقليمية والدولية، قبل أن تحين ساعة جلوسها إلى مائدة المجلس ... الأردن لم يحظ بمثل هذه الفرصة، وهو لم يكن ينتظرها، ولولا "الاستنكاف السعودي" لما كنا بصدد تحول كهذا ... وعلى الدبلوماسية الأردنية، أن تنجز في وقت قصير، ما أنجزته دبلوماسيات أخرى، في وقت طويل ومريح ... لكن الأردن مع ذلك، لا ينطلق من فراغ، ولا يبدأ من نقطة الصفر، فالدولة الصغيرة في مساحتها وسكانها، منخرطة في كثير من قضايا العالم، ومشتبكة معها عبر بوابات ومنافذ عديدة، بدءاً من التجارة والدبلوماسية وانتهاء بقوات حفظ السلام وغيرها. هو تحدً كبير، بحاجة لدرجة كبيرة من "الاستقرار" في الخارجية والبعثة الأردنية، وبحاجة إلى أطقم وروافد بشرية ومعرفية، سيكون بالإمكان تأمينها، طالما أننا سنأخذ الأمور على محمل الجد، كما يتبدى من ردات فعل مختلف مستويات صنع القرار في الدولة الأردنية. وصول الأردن لمجلس الأمن، إنجاز يحسب له، والمأمول أن يكون عامل تقريب و"تجسير، لا بين الأردن وأشقائه وجيرانه وأصدقائه فحسب، بل وبين جميع هؤلاء، بعضهم مع البعض الآخر، والله وليّ التوفيق.  
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن وعتبة مجلس الأمن الأردن وعتبة مجلس الأمن



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon