كرة واشنطن بين السيسي والإخوان

كرة واشنطن بين السيسي والإخوان

كرة واشنطن بين السيسي والإخوان

 لبنان اليوم -

كرة واشنطن بين السيسي والإخوان

عريب الرنتاوي
تصر جماعات الإخوان المسلمين في مصر وعدد من الدول العربية، على القول بأن ما جرى في الفترة من 30 يونيو حتى 3 يوليو، لم يكن سوى انقلاب أمريكي نفذه الجنرال عبد الفتاح السيسي، أما الهدف منه فهو منع الإخوان من بناء دولة الإسلام "المنيعة والممانعة"، القادرة على إنفاذ مشروع "نهضة الأمة" وتمكينها، ودائما خدمة لمصالح إسرائيل وأمنها. لكن ردود الفعل الأمريكية منذ اليوم الأول لـ “الثورة/ التغيير/ الانقلاب"، لم تتغير ولم تتبدل ... رفضت ما حصل، ونددت في تصريحات علنية بسلوك الجيش، وسيّرت الوساطات والوسطاء، ومارست ضغوطاً منسقة مع الاتحاد الأوروبي ضد "الانقلابيين" وصولاً إلى تقليص جذري للمساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر دولة ومؤسسة عسكرية، منها قرابة 300 مليون دولار مساعدات اقتصادية، فضلاً عن تجميد صفقة طائرات مقاتلة وعامودية ودبابات متطورة. المنطق يقول إن "الانقلاب الأمريكي" كان جديراً بدعم واشنطن ومساعدتها، وكان يُرتب على البيت الأبيض بعد أن نجح "رجالاته" في مصر في تنفيذ مآربه ومراميه، رفع الدعم لا أن الهبوط به إلى ما دون "شعرة معاوية" ... بيد أن هذا لم يحصل، بل لقد حصل نقيضه، ورأينا بعض حلفاء واشنطن في المنطقة من أطلسيين "تركيا" وعرب "قطر"، يهبون لنجدة نظام الإخوان، فيما تجشمت السعودية، ولأسباب خاصة بها، وأهداف متربطة باستراتيجيتها في المنطقة، عناء المجازفة بإغضاب واشنطن وتحدي سياساتها "المصرية"، وهذا ما قاله علناً، وبانفعال شديد، سعود الفيصل وزير الخارجية على أية حال. "الأمركة" في القاموس العربي المعاصرة، هي رديف "الشيطنة" وأداتها الأكثر رواجاً ... رأينا إسلاميين ويساريين وقوميين ينعتون خصومهم بأنهم عملاء لواشنطن وأدوات بيدها ... ورأينا النظام المصري الجديد يسعى في نسج قصص تقترب من الخيال، تصف عمق التواطؤ والتبعية والزبائنية التي تميز علاقات الإخوان بواشنطن ... ورأينا إعلاماً عربياً ومصرياً هابطاً يذهب إلى ما بعد حدود الجموح والخيال. وسنسمع غداً، مثلما سمعنا بالأمس، عن محاولات أمريكية لـ"تبييض" وجه الانقلاب والانقلابيين، وسيخرج علينا من سيقول أن واشنطن بقرارها تقليص المساعدات، إنما هدفت إلى "تلميع" صورة السيسي وتبييض صفحة الانقلاب، توطئة لتسويغه وتسويقه ... أما تحت الطاولة وفي القنوات الخلفية، فإن العلاقات بين الجانبين تمر بـ"شهر عسل" مديد، ودائما باستحضار أدوات ومفاعلي "نظرية المؤامرة" ذاتها، التي تدفع بأصحابها إلى الترويج بغباء لحكايات من نوع أن "الجيش يقتل جنوده" و"الأقباط يحرّقون كنائسهم" والهدف تلطيخ سمعة الإسلاميين والإمعان في "شيطنتهم". والحقيقة أن السياسية الأمريكية حيال مصر، واضحة وضوح الشمس ... ومصالح واشنطن فيها "مُعرّفة" تماماً ... وأي نظام يتعهد هذه المصالح ويحفظها، هو صديق بالضرورة لواشنطن ... الإخوان كسبوا صداقة واشنطن منذ اللحظة الأولى لإعلانهم الاستعداد لحفظ كامب ديفيد والوفاء بالتزاماته واستحقاقاته ... وازداد ولع واشنطن بهم، منذ أن تحدثوا عن "وقف الأعمال العدائية" تجاه إسرائيل، وتدخلوا بقوة لتثبيت "التهدئة المستدامة"، وأخذوا على عاتقهم حفظ أمن إسرائيل ... وهي ذاتها الأسباب التي دفعت واشنطن إلى الاستمرار في دعم نظام مبارك الفاسد والقمعي لثلاثين عاماً، ومن قبله نظام السادات الذي لا يقل فساداً ولا قمعاً عن نظام مبارك. واشنطن هذه، مستعدة أن تدعم السيسي إن هو فعل ذلك، وستقاتل في سبيل عودة مرسي أو "أي مرسي آخر" إن وفّر البضاعة المطلوبة ... ولقد كان لافتاً أن كافة المساعدات الأمريكية المخصصة لمحاربة "الإرهاب" وحفظ أمن إسرائيل في سيناء ومنها، لم تنقطع، ولم تلوّح واشنطن بقطعها ... مكتفية بمعاقبة الاقتصاد المصري وساعية لتجريد الجيش من عناصر قوته العسكرية لصالح تعزيز قوته الأمنية ودوره "الشرطي". والمؤسف حقاً أن الذي يتبارون في إطلاق الاتهامات لبعضهم البعض بـ “العمالة" تارة، و"الاستتباع" تارة أخرى، هم أنفسهم الذين يتبارون في خطب ود واشنطن، وطريق العرب إلى "قلب واشنطن" كما هو معروف، يمر بـ “معدة إسرائيل" المنتفخة بفعل الشهية التوسعية والعدوانية، والتي يصح فيها القول: كلما نقول لها هل امتلأت تقول هل من مزيد. نقلا عن موقع القدس للدراسات السياسية  
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كرة واشنطن بين السيسي والإخوان كرة واشنطن بين السيسي والإخوان



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon