جريمة مكتملة الأركان

جريمة مكتملة الأركان

جريمة مكتملة الأركان

 لبنان اليوم -

جريمة مكتملة الأركان

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

أن تكون عارفاً بإصابتك بفيروس كورونا الخبيث ... وأن تكون مدركاً لحقيقة أن مخالطتك لأشخاص آخرين قد يتسبب بنقل الفيروس الخطير إليهم ... وأن تكون عالماً، بأن انتقال العدوى  إلى أشخاص غير محصنين مناعياً، قد يتسبب بموتهم ...و أن تخالط الناس عن سبق الترصد والإصرار، وأن تخفي عنهم حقيقة أنك مصاب ... أليست هذه هي عناصر الجريمة الموصوفة وأركانها؟

النيابة العامة في الأردن، حرّكت بالأمس، أول قضية ضد مصاب قرر عن سبق الترصد والإصرار مخالطة الناس، وهو يدرك سلفاً أنه مصاب، وأن العدوى قد تنتقل لمخالطيه ... فعل ذلك، عن قصد وعمد، بصرف النظر عن الحجج والذرائع ... هي جناية بكل معنى الكلمة، طالما أنها تستبطن أكثر الاحتمالات سوءاً: وفاة مواطنين أبرياء والمساهمة في نشر الوباء.

لا أعرف ما هو التكييف القانوني لحالات من هذا النوع، تكررت في الأردن، من موظف الصيدلية المشهورة، إلى بائع الخضار العابر للمحافظات... إلى طبيب الشمال ... آن أوان وضع حد لهذا الاستهتار، حان الوقت لتسمية الأشياء بأسمائها.

قبل ثلاثة أسابيع، استمعت لرجل دين إيراني يفتي بوجوب إلزام المتسبب عن معرفة مسبقة، بنقل الفيروس إلى آخرين، بدفع «الديّة» لذوي المتوفى أو المتوفين، في حال تسببت العدوى بإزهاق روح أو أرواح ... رأيت في الفتوى قدراً من المبالغة والتطيّر... لكن مع اتضاح صورة الخسائر الفادحة المترتبة على الاستهتار وثقافة «إذا بُليتم فاستتروا»، يبدو أن فتوى رجل الدين كانت في محلها، فما نحن بصدده هنا، هو «شروع في القتل»، على أقل تقدير.

دعونا من «حكاية» الغرامات التي يمكن فرضها على المخالف، تلكم عقوبة ليست من طبيعة الجرم ولا بمستوى الجريمة، وانظروا في حجم الجهد والمال والوقت الذي تبذله الدولة بمؤسساتها المختلفة، وهي تقوم بمطاردة «المُستهتر» بحياة الناس، وملاحقة مخالطيه، ومخالطي مخالطيه ... أي غرامة مالية يمكن أن تعوض هذه التبعات والنفقات، سيما إن انتهت هذه «المسرحية الهزلية» بالتسبب بوفيات أو نشر الوباء على نطاق واسع.

الرهان على «الوعي العام»، مهم وضروري، وقد أثبت الأردنيون بغالبيتهم الساحقة، أنهم جديّون وملتزمون ومسؤولون ... لكن «القلة غير القليلة»، يمكن أن تقلب المشهد والصورة رأساً على عقب ... لا يجب أن يُسمح لهؤلاء بـ»ثقب القارب» من حيث يجلسون، يجب ألا نسمح لهؤلاء بتهديد «الأمن الصحي» لعشرة ملايين مواطن ومقيم، يجب ألا تُعاقب الأغلبية بما تفعله الأقلية، ولا أن تؤخذ بجريرتها ... الطريق إلى ذلك واضح ومعروف: معاقبة المتسببين بهذه الثغرات والثقوب، معاقبتهم وحدهم دون سواهم، وتحميلهم وزر ما ارتكبوا وما قارفوا.

يكون ذلك بالحزم في إجراءات العزل، ومطاردة من يخفون إصابتهم أو مخالطتهم لمصاب، والملاحقة القانونية والجنائية لكل المخالفين والمتمردين على التعليمات ... يكون ذلك بالإسراع في إجراءات التقاضي، وإصدار الأحكام الرادعة، سجناً وغرامة ... بخلاف ذلك، سنبقى في هذه الدوامة، وسيخرج علينا كل يوم، أشخاص متمردون وعابثون، نعرفهم بوظائفهم وأماكن سكناهم: «طبيب الرمثا»، «خضري كريمة»، «موظف فارمسي ون»، وغير ذلك من أسماء ومسميات، باتت ترتبط في أذهاننا بكل مواطن الخلل في جدراننا الدفاعية والوقائية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جريمة مكتملة الأركان جريمة مكتملة الأركان



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon