لماذا لا ينتفض الفلسطينيون

لماذا لا ينتفض الفلسطينيون؟

لماذا لا ينتفض الفلسطينيون؟

 لبنان اليوم -

لماذا لا ينتفض الفلسطينيون

بقلم : عريب الرنتاوي

تتجه أنظار العالم إلى الفلسطينيين لمعرفة ما الذي بمقدورهم فعله لإسقاط صفقة القرن وإحباط مراميها، وفي الخلفية، يبرز دائماً السؤال عن الأسباب التي تحول دون اندلاع موجات أكثر جدية واتساعاً من المقاومة الشعبية، وصولاً – ربما – لإشعال انتفاضة ثالثة... سبب هذا التركيز على ضعف البعد الشعبي المقاوم، يكمن في مطرحين: الأول؛ القناعة بأن مصائر صفقة القرن سترتسم على خطوط التماس بين الاحتلال الوافد وسكان البلاد الأصليين... أما الثاني؛ فتستدعيه كلمات نيكي هيلي الساخرة: لم تسقط السماء على الأرض عندما قررنا نقل السفارة إلى القدس ... السماء لم تسقط على الأرض هذه المرة كذلك، أقله حتى الآن.
ثمة الكثير من «الاقتراحات» التي يجري الزج بها لتفسير ضمور المقاومة الشعبية الفلسطينية، خصوصاً في مثل هذه المنعطفات الحادة كـ»صفقة القرن» ... من بينها أن مقاومة الضفة الغربية، بنى وهياكل وثقافة وروحاً معنوية، خضعت منذ العام 2005، لعمليات تجريف وتجويف منهجي منظم، تمت بإشراف دولي مباشر: الجنرال كيت دايتون وطوني بلير، و»نظرية الانسان الفلسطيني الجديد» و»العقيدة» التي أعيد بناء الأجهزة الأمنية عليها، تلك الممارسة التي سارت جنباً إلى جنب مع إخضاع الضفة واقعياً لمفاعيل «السلام الاقتصادي»، بتداعياته الاستهلاكية التي لا تُبقي مطرحاً واسعاً للمقاومة ورمي الحجارة وحرق الدواليب ... والتي ترتب عليها من ضمن أشياء (عوارض أخرى)، تفريغ الأرياف وضرب بنى الاقتصاد المحلي – الزراعي – الحرفي المقاوم، اقتصاد الصمود والثبات، والاستعاضة له بأدوار متضخمة لشبكات المال والمصارف والقروض الاستهلاكية وغيرها من أدوات «تطويع» جيل من الشباب الفلسطيني.
ومن هذه «المقترحات» كذلك، تداعيات الانقسام، التي أفضت إلى تحول السلطتين المتصارعتين إلى سلطتين أمنيتين، حيث تغول الأمن على السياسة، وفقد الشارع الفلسطيني قدرته على الحركة الكفاحية المستقلة، بل وباتت «المقاومة» مكلفة فلسطينياً قبل أن تكون مكلفة إسرائيلياً ... ترافق ذلك، مع عملية تفريغ منهجي منظم لمنظمات المجتمع المدني، التي كلما تكاثر عددها وتعاظمت ميزانياتها، تآكل دورها «المقاوم».
فجوة الثقة المتعاظمة بين النظام السياسي بمؤسساته وفصائل وكياناته والشارع، تبرز دائماً كأحد أهم «المقترحات» التفسيرية لظاهرة الضعف المؤسف للمقاومة الشعبية الفلسطينية ... لا شيء يتغير في السلطة في رام الله، ولا شيء يشي بانتهاء هذا الوضع الشاذ في قطاع غزة ..
وثمة نظرية أخرى تقترح، أن الفلسطينيين ما عادوا يستشعرون الفارق في حياتهم اليومية، قبل نقل السفارة عن بعدها، قبل الكشف عن الصفقة عمّا سيليه ... الاحتلال والاستيطان هما «الثابت» الوحيد في حياتهم اليومية، وأن لديهم شعوراً بأنهم باقون على أرضهم، وما لا يسترد اليوم، قد يسترد غداً، وإن لم يتكمنوا من الحصول على «دولتهم المستقلة» اليوم، فسيحصلون على دولة واحدة خالية من الأبارتيهد» غداً.
أياً يكن تفسير هذه الظاهرة، وبصرف النظر عن حجم كل واحدٍ من العوامل السابقة في تشكيلها ... إلا أن النظرية الأهم من وجهة نظري، تقول: إن الشارع الفلسطيني وبعد مسلسل الخيبات المتعاقبة منذ نهاية الانتفاضة الثانية وحتى اليوم، لن يعود بكبسة زر، أو بضربة واحدة إلى مشروع الانتفاضة، لكن العودة آتية، وإن بتدرج، وقد تأخذ شكل موجات ثورية متعاقبة، فإسرائيل لم تترك للفلسطيني سوى الانتصار لحريته أو الانتظار في مستنقع عبوديته

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لا ينتفض الفلسطينيون لماذا لا ينتفض الفلسطينيون



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon