كيف قرأت إسرائيل المعركة مع الجهاد

كيف قرأت إسرائيل المعركة مع "الجهاد"

كيف قرأت إسرائيل المعركة مع "الجهاد"

 لبنان اليوم -

كيف قرأت إسرائيل المعركة مع الجهاد

عريب الرنتاوي

إسرائيل منقسمة في تقييمها لنتائج عملياتها الحربية الأخيرة ضد الجهاد الإسلامي ... معسكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يُطلق صيحات النصر على "الجهاد" بعد أن طالت صواريخها اثنين من قادة الحركة العسكريين، وطاولت عائلة قائد ثالث في دمشق، فيما طيرانها، الحربي والمسيّر، ضرب بقسوة أهدافاً للحركة في مناطق مختلفة من قطاع غزة ... لكن النقطة الأهم التي تتكئ عليها احتفالات النصر التي يروج لها هذا الفريق، إنما تتركز أساساً على نجاحه في "تحييد" حماس وإبقائها خارج ساحات المواجهة ... هذا تطور مهم، وغير مسبوق، في حروب إسرائيل وعملياتها على القطاع وضد أهله. 
 
هو نجاح بكل تأكيد لسياسة "فرق تسد" الإسرائيلية، أو لنظرية "دعنا نأكل الثورين تباعاً، الأسود ثم الأبيض" ... بيد أنه نجاح تكتيكي ... حماس المستمسكة بالسلطة حتى الرمق الأخير، تريد التهدئة، باعتبارها شرطاً للوفاء بالحد الأدنى من التزامات "سلطة الأمر الواقع" حيال سكان القطاع، حتى وإن كان الثمن، السماح لإسرائيل، بالانفراد بالجهاد، كما حصل في مواجهة الساعات الثماني والأربعين الأخيرة.
 
لكن حماس لا تستطيع، من دون المقامرة بإرثها وصورتها ومكانتها (ومستقبلها)، أن تظل جالسة على مقاعد المتفرجين، في حال اتسعت حدة المواجهة وتوسعت رقتها وطال أمدها ... هنا، ستجد الحركة نفسها مرغمة على التخلي عن حذرها وحساباتها المعقدة، وستجد نفسها منخرطة لا محالة في المواجهات الميدانية ... الوسطاء في الجولة الأخيرة، سارعوا إلى طمأنة حماس بأنها غير مستهدفة، وأن المعركة لن تطول، وأنها لن تتخطى الأهداف التي رسمت لها بدقة ... لكل هذه الأسباب آثرت الحركة ابتلاع طوفان الانتقادات والاستنكارات لمواقفها على الدخول في مجازفة واسعة، لا تعرف عقباها.
 
ثم أن حماس التي لم تسقط من حساباتها احتمالات خوض استحقاق انتخابات عامة في الأشهر القادمة، قطعت شوطاً طويلاً كما تقول المصادر، في المفاوضات الرامية لإتمام صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل ... صفقة كهذه، يمكن أن تساعد الحركة في ترميم قواعدها الشعبية عشية الاستحقاق الانتخابي، وهي يمكن كذلك أن تساعد نتنياهو ومعسكر الليكود – اليمين، على حصد عدد أكبر من الأصوات والمقاعد في انتخابات الكنيست الـ"23" المرجحة، فتكون النتيجة: رابح – رابح.
 
ثمة فريق إسرائيلي ثانٍ يرى في نتيجة ما حصل "نصراً مؤزّراً " للجهاد و"هزيمة صافية" لنتنياهو ... فالحركة الفلسطينية استطاعت أن تشل نصف إسرائيل، وان تلزم سكانها الملاجئ أو الجلوس بجوارها، وصواريخها طاولت محيط تل أبيب والقدس... هذا الفريق، يقلل من أثر سياسة الاغتيالات على استتباب الأمن الإسرائيلي واستدامته.
 
هذه التقديرات، وإن انطوت على قدر المبالغة، واندرجت في سياق الصراع السياسي – الحزبي الداخلي في إسرائيل، إلا أنها ترفع من معنويات الجهاد وحلفائه من دون شك، وتثير حنق حماس وقلقها ... لقد صار للحركة منافس قادر على فتح جبهات عريضة، ومطاولة العمق الإسرائيلي، وهو بات اليوم، الأقرب إلى قلب "محور المقاومة" الإقليمي، فيما مواقفها – حماس - ما زالت تخضع للكثير من الطعن والتشكيك والتمحيص.
 
مرة ثانية، تجد حماس نفسها في وضع حرج للغاية ... فلا هي سلطة قادرة على الوفاء بالتزامات السلطة حيال شعبها، وهي لم تجلب له سوى ضنك العيش والحصار والعزلة ... ولا هي مقاومة، قادرة على مواصلة اتخاذ قراراتها متخففة من حسابات السلطة وتعقيداتها ... أنه المأزق الذي يعتصر الحركة منذ أكثر من عقد من الزمان، ويعتصر معها، أهل القطاع جميعاً، بل والشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف قرأت إسرائيل المعركة مع الجهاد كيف قرأت إسرائيل المعركة مع الجهاد



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon