«الإنساني» و«السياسي» في أزمة كورونا

«الإنساني» و«السياسي» في أزمة كورونا

«الإنساني» و«السياسي» في أزمة كورونا

 لبنان اليوم -

«الإنساني» و«السياسي» في أزمة كورونا

عريب الرنتاوي
بقلم - عريب الرنتاوي

الكلف الإنسانية الباهظة لجائحة كورونا، لم تكن كافية على ما يبدو، للشفاعة لشعوب منكوبة بالحصار والعقوبات وحروبها الداخلية وحروب الآخرين عليها، فالمسافة بين «السياسي» و»الإنساني» تبدو هائلة عند قادة الدول والأطراف المسؤولة والمشتبكة مع هذه الأزمات.

ونبدأ بإسرائيل، التي تُقرر حكومتها تبييض سجونها من المجرمين والقتلة وتجار المخدرات اليهود، وتُبقي على الموقوفين إدارياً والأسرى من مقاتلي الحرية وسجناء الرأي والضمير من الفلسطينيين ... تأبى العنصرية إلا أن تفعل فعلها، حتى في زمن الكورونا... الأمر ذاته، ينطبق على قطاع غزة، السجن الأكبر في التاريخ، حيث يُترك مليونا فلسطيني نهباً للحصار والعقوبات الجماعية، حتى بعد أن تم الكشف عن دخول الفيروس إلى القطاع المحاصر ... الحال مع الضفة الغربية، لا يختلف كثيراً، وإن كان أقل تفاقماً.

كورونا، لم توقف الحرب المنسيّة في اليمن، البلد المنكوب بالمجاعة والأمراض ومئات ألوف القتلى والجرحى والمشردين، يبدو مكشوفاً تماماً أمام هذا التحدي الكارثي لصحة أبنائه وبناته، وسلامتهم العامة ... «الإنسانية» التي سقطت في «اختبار اليمن» من قبل، تبدو معرضة للسقوط المدوي مجدداً، فيما يقف الفيروس اللعين على عتبات البلاد المنكوبة، بحروب أبنائها وحروب الآخرين عليه.

لا يبدو الوضع مختلفاً في ليبيا، فثمة تقارير تقول أن الجنرال حفتر يسعى في تحقيق اختراقات ميدانية، مستغلاً انشغال العالم بكورونا، إن صحت هذه الأنباء، وليس ثمة ما يشي بغير ذلك، فإن «السياسي، سيكون قد انتصر على «الإنساني» في الأزمة الليبية كذلك، وسط صمت العالم وانشغالاته الطارئة والضاغطة.

من حسن حظ السوريين، سيما في الشمال الغربي، أن جائحة كورونا تفشت بعيد التوصل إلى «برتوكول موسكو» بين بوتين وأردوغان ... مستوى المواجهات انخفض كثيراً ضمن الحدود الجديدة لمنطقة خفض التصعيد، وانتهاكات البرتوكول تتناقص، أو لا تجد لها مطرحاً في التغطيات الإعلامية على أقل تقدير .... وأنباء الأمس تحدثت عن نجاح الوحدات العسكرية الروسية – التركية في إنجاز دوريات كاملة على امتداد الطريق الدولي “M4”، الواصل بين حلب واللاذقية، بعد الإعاقة التي تعرضت لها في محاولاتها الأولى من قبل جبهة النصرة وأنصار التوحيد وحراس الدين.

الكارثة الأكبر، كارثة العقوبات غير المسبوقة في التاريخ ضد إيران، ما زالت على حالها، وهي أفضت من دون ريب، إلى زيادة الكلفة الإنسانية لانتشار الفيروس في إيران ... دول صناعية متقدمة، بكامل استعداداتها وطاقاتها الإنتاجية، عجزت عن احتواء الجائحة، فما بالك في بلد منكوب بالعقوبات، وبحروب الآخرين عليه، وحروبه على الآخرين كذلك ... إدارة ترامب، تدير ظهرها لكل النداءات الإنسانية التي تستحثها على رفع ولو جزئي لهذه العقوبات، لتمكين الحكومة الإيرانية من تطويق الوباء، وبدلا من ذلك، ما زالت الإدارة تجد متسعاً من الوقت، لفرض المزيد من العقوبات، وإدخال كيانات إضافية إلى لوائحها السوداء ... ثمانون مليون إيراني، يدفعون ثمن هيمنة «السياسي» على «الإنساني» في إدارة الأزمات، حتى وإن كانت الأزمة بحجم «وباء عالمي»، لا يعرف حدوداً وطنية، ولا يميز أحداً عن أحد.

«أنسنة» النظام العالمي ونظام العلاقات الدولية، يجب أن يتصدر قائمة مطالبات شعوب الأرض، أقله في زمن الكوارث والجوائح، سيما بعد أن كشف «كورونا» أكثر الجوانب أنانية في منظومة العلاقات الدولية، حيث تُركت كل أمة «تقلّع أشواكها بأيديها» ... والمفارقة أن الدول التي مدّت يد العون والتضامن لغيرها، هي ذاتها الدول التي تُتهم في الغرب، بأنها «متوحشة» و»دكتاتورية» و»شمولية»، أقصد روسيا والصين وكوبا.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الإنساني» و«السياسي» في أزمة كورونا «الإنساني» و«السياسي» في أزمة كورونا



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon