خيارات أردوغان الصعبة

خيارات أردوغان الصعبة

خيارات أردوغان الصعبة

 لبنان اليوم -

خيارات أردوغان الصعبة

بقلم :عريب الرنتاوي


ليس من حل سهل للاستعصاء التركي في إدلب ... إن ذهب الرئيس رجب طيب أردوغان إلى خيار المواجهة الشاملة مع الجيش السوري لدفعه إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية، جازف بمواجهة ساخنة مع روسيا ... وإن قبل بالخرائط الروسية الجديدة لخفض التصعيد، وارتضى بالأمر الواقع الذي رسمه الجيش السوري وحلفاؤه، قامر بانهيار مكاسبه السورية التي دفع ثمنها غالياً، والأهم بما تبقى من رصيد شعبيته في الداخل والإقليم.
وحده حل سياسي توافقي، يمكن أن يشكل مخرجاً «لائقاً» لسلطان تركيا الجديد، علماً بأن الطريق إلى مثل هذا الحل، ليس معبداً أبداً، سيما مع اتساع شقة الخلاف بين موسكو وأنقرة، دع عنك كلا من سوريا وإيران وحلفائهما... في هذا السياق، يمكن تفسير الحماسة التركية للقمة الرباعية المنتظرة في الخامس من آذار المقبل (ستحضرها ألمانيا وفرنسا إلى جانب تركيا وروسيا)، إذ ربما توفر شبكة الأمان المنشودة.
الخيار الأول، خيار المواجهة مع روسيا، ليس قراراً سهلاً، بل هو من «وزن استراتيجي» بالنظر لشبكة المصالح المعقدة والمتشابكة التي نسجها «السلطان» و»القيصر» بين بلديهما خلال السنوات الفائتة (السيل التركي، محطة نووية، صواريخ إس 400 وتبادل تجاري وسياحي في تزايد مستمر) ... ثم إن اللعب مع بوتين في إدلب ليس مضمون العواقب أبداً، فالكرملين لم يترك مناسبة تمر، من دون أن يؤكد من خلالها دعمه لدمشق ووقوفه خلف عمليات الجيش السوري في الشمال الغربي.
والأهم أن السيد أردوغان يدرك من دون شك، أنه يقترب من المواجهة المباشرة مع موسكو، من دون أن يحظى بالدعم الكافي من واشنطن أو «الناتو»، ولعل شبح «توريط» تركيا في مستنقع الشمال السوري، بات اليوم مخيماً على كثيرٍ من القراءات والتحليلات التي تتناول المسألة ... على أن الأهم من كل هذا وذاك، أن معارضة هذه الحرب داخل تركيا تتنامى باطّراد على وقع تصعيد حدة التوتر، بدلالة الانتقادات والتحذيرات التي أطلقها عبد الله غول قبل أيام.
لكن الخيار الثاني في المقابل، خيار ابتلاع الهزيمة والقبول بالأمر الوقع، ليس خياراً سهلاً على أردوغان، فالرجل مسكون بصورة «الزعيم القوي» سليل الإمبراطورية العثمانية وورثيها، مع أنه سجل تراجعات وعمليات «هبوط عن الشجرة» أكثر من مرة في سياقات الأزمة السورية وتداعياتها.
ثم، أن أردوغان الذي يقف على رأس حزب حاكم ومؤسسة رئاسية، لا شك يدرك تحولات المزاج التركي العام حيال مسألة اللاجئين ... الرجل الذي وعد بإعادة توطينهم في «مناطق آمنة» في الشمال السوري، يواجه اليوم احتمال تدفق مليون لاجئ إضافي منهم، إلى عمق بلاده ... مثل هذا التحدي يجعل مهمة ابتلاع «صفعة إدلب» صعبة عليه وهو الذي تعهد ذات يوم، بالصلاة فاتحاً في المسجد الأموي بدمشق.
ليست أمام السلطان من خيارات كثيرة، وحده الحل السياسي يمكن أن يكون طوق النجاة للجميع، وربما توفر القمة الرباعية سلماً لأردوغان للنزول مرة جديدة عن قمة الشجرة ... وربما يجد قدراً من المرونة من قبل الكرملين تساعده على حفظ ماء وجهه ... فروسيا بدورها لا تريد الانزلاق إلى مواجهة شاملة مع تركيا، وآخر ما يريده بوتين هو أن يرى منجزاته في تركيا وقد انهارت دفعة واحدة ... لكن أي خطأ تركي في الحساب، أو المبالغة في تقدير مستوى المرونة الروسية، قد يفضي إلى «السيناريو الأسوأ»، ليس بالنسبة للطرف التركي وحده... وليس على المستوى السوري فحسب، بل وفي ليبيا وشرق المتوسط كذلك.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيارات أردوغان الصعبة خيارات أردوغان الصعبة



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon