حيثما تكون حماس تكون «الشـريعة» و«الشـرعية»

حيثما تكون حماس تكون «الشـريعة» و«الشـرعية»!

حيثما تكون حماس تكون «الشـريعة» و«الشـرعية»!

 لبنان اليوم -

حيثما تكون حماس تكون «الشـريعة» و«الشـرعية»

عريب الرنتاوي

هو أول اختراق علني لجدار “اللاءات الثلاثة” التي نهض عليها خطاب حركة حماس : لا صلح لا تفاوض ولا اعتراف ... سبق لهذا الجدار أن تعرّض لمحاولات اختراق وتفلت سابقة، بيد أنها ظلت في حدود “جس النبض” وصادرة عن أوساط هامشية في الحركة، وليس من قبل أحد أعضاء “الترويكا” التي قادت حماس على امتداد سنوات طوال.

يخبرنا أبو مرزوق ، بألا “فيتو” على التفاوض مع إسرائيل، بل أن هذا التفاوض بات مطلباً شعبياً يكاد يكون اجماعياً في قطاع غزة ... والأهم من هذا وذاك، أن المفاوضات تنسجم مع تعاليم “الشريعة” ... إذن، نحن أمام تحوّل في خطاب، تجيزه الشريعة وتمليه الشرعية الشعبية.

سبحان الله، حيثما تكون حماس، أو غيرها من الجماعات الإسلاموية، تكون الشريعة والشرعية، لكأنهما تسيران دوماً  في ركابهما، وحتى حين تتخذ هذه الحركات، أبشع القرارات، يتدخل “فقه الضرورات” لتوفير الغطاء للسياسة والتكتيك وأضيق المصالح الفئوية ... عندما قاطعت حماس انتخابات 1996، دعمت مقاطعتها بفتاوى شرعية لا يأتيها الباطل عن يمين أو شمال، وعندما قررت المشاركة في انتخابات 2006، كفّر فقهاؤها كل من يقاطع الانتخابات، ومن باب أولى كل من لم يصوت لمرشحي حماس ... الدِّين جاهز تماماً و”بحسب الطلب” لتلبية احتياجات السياسة وخدمة قضية “التمكين” ... والسماء ستمطر في أية لحظة، لإرواء ظمأ هؤلاء للسلطة وخدمة المصلحة.

مكتب حماس السياسي يسارع إلى نفي تصريحات أبو مرزوق جملة وتفصيلاً، مع أن الرجل قالها بالصوت والصورة لفضائية حماس (قناة القدس)، وتبرأ من مضمونها ... هذا المشهد المسرحي سبق لنا أن شاهدنا مثله في سبعينيات القرن الفائت، عندما شرعت فتح بفتح قنوات التفاوض السري والمعلن مع إسرائيل ... هي “أول الرقص الحنجلة” كما يقولون.

في تفسير هذا “الانقلاب” في موقف حماس، نرى ويرى غيرنا مستويين اثنين للقراءة والتحليل: المستوى الاستراتيجي، ويقترح أن حماس تتحضر لمرحلة جديدة في تجربتها، برعاية قطرية – تركية، كنا أشرنا في مقالات ومناسبات عديدة سابقة لبعض من ملامحها، عنوانها الرئيس: دولة على الضفة والقطاع، مفاوضات مباشرة، صلح أو تهدئة طويلة الأمد، أسوأ من معاهدة الصلح ذاته ... أما المقاومة، فقد تصبح شعبية سلمية على طريقة ما يجري في الضفة لا أكثر ولا أقل.

أما على المستوى التكتيكي، بلا بأس من “مناكفة” فتح التي شنَّ رئيسها أشرس هجوم سياسي وإعلامي على حماس بعد وقف إطلاق النار في حرب “الجرف الصامد” ... تصريحات أبو مرزوق تبعث برسائل لكل من يعنيهم الأمر: للسلطة، لسنا بحاجتكم كوسيط تفاوضي مع إسرائيل، سنذهب إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل ... إلى إسرائيل، لسنا “داعش” فلسطينية، نحن أعقل مما يُظن وتظنون، وكذا الحال بالنسبة للمجتمع الدولي الذي يتحضر لشن حرب كونية ضد الإرهاب الإسلاموي.

لهذا رأينا الناطقين باسم حركة فتح يتهافتون للرد على تصريحات أبو مرزوق و”تخوينه”، بدل أن يرحبوا بالرجل الذي يمهد طريق حماس للالتحاق ببرنامج واتفاقاتهم المبرمة ويقترب من تبني أشكال “نضالهم” ... لقد رأوا في منافساً لهم على موائد التفاوض مع إسرائيل، واستتباعاً على التمثيل و”الشرعية الدولية” ... بالنسبة لهؤلاء تطرف حماس مفيد أكثر من اعتدالها.
تصريحات أبو مرزوق تنطوي على بعض المفاجأة لجهة توقيتها، فالدماء في غزة لم تجف بعد ... لكأن هناك نفرا في قيادة حماس (لا ندري حجم تأثيره)، يريد أن يجعل من “العصف المأكول” آخر الحروب الفلسطينية الإسرائيلية، هل تذكرون ما قاله السادات عن حرب أكتوبر وما ترتب على هذه النظرية بعد سنوات من ظهورها؟ ... هل يمكن أن يعيد التاريخ نفسه على شكل مهزلة هذه المرة؟

لكن هذه التصريحات، في سياقها “الإخواني” العام ليست مفاجئة ... فما حصل بعد وصول الإخوان للحكم في مصر، وما كشف عن مسلسل الاتصالات الأمريكية – الإخوانية السرية، وما تمخضت عنه من تفاهمات حول العلاقة مع إسرائيل ومصير الاتفاقيات المبرمة وغيرها، يلقي بظلال كثيفة من الشك حول “صلابة” الخطاب الإخواني فيما خص الصراع العربي – الإسرائيلي، وضعف المكون “الوطني/ القومي” في هذا الخطاب لصالح المكوّن “الدِّيني”، وأولوية مصلحة الجماعة الإسلامية على مصلحة الجماعة الوطنية.

ولدينا كثير من الشواهد التي تعزز هذا التحليل، إذ في الوقت الذي تشن فيه أوسع حملات التحريض ضد الحكومة الأردنية تحت شعار “رفض التطبيع”، نرى إشادة منقطعة النظير لمواقف تركيا من إسرائيل، من دون أية ملاحظة انتقادية “أخوية” لحجم التبادل التجاري بين البلدين يناهز الخمسة مليارات دولار، في حين لا يتعدى التبادل الأردني – الإسرائيلي “القروش والملاليم” ... الفارق، أن في تركيا حكومة “شبه إخوانية” أما في عمَّان فحكومة “ليست صديقة” للإخوان.

على أية حال، فإن تصريحات أبو مرزوق، تشف عن “الأثر” الذي أحدثته تحالفات الحركة القطرية – التركية، وهو الأثر الذي بدأ منذ بضع سنوات، عندما شهدنا محالات لتمويل “بنية تحتية” صلبة للتهدئة المستدامة أشرفت عليها الدوحة وتواصلت في حرب المحاور على غزة وحماس، حين قلنا بأن ما يهم الدوحة وأنقرة، هو أن تظل حماس في الصورة كلاعب رئيس، فإن تطلب الأمر “مقاومة” لا بأس به، وأن تطلب الأمر جنوحاً للمفاوضات “الشرعية” و”المشروعة” فلا بأس به أيضاً، وسترفع قادمات الأيام، الستار عن فصول أخرى في هذه المسرحية المكلفة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حيثما تكون حماس تكون «الشـريعة» و«الشـرعية» حيثما تكون حماس تكون «الشـريعة» و«الشـرعية»



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 10:12 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 00:18 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد السبت 24 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 18:00 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 03:08 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انخفاض قياسي في عدد الوافدين الأجانب إلى تركيا

GMT 18:58 2022 السبت ,12 شباط / فبراير

طُرق استغلال المساحة في الحمام الصغير

GMT 11:57 2013 الأحد ,27 كانون الثاني / يناير

أمسية للشاعر أحمد الصويري في اتّحاد كتّاب الشارقة

GMT 13:59 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:04 2023 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان سامو زين يعود للسينما بعد غياب 17 عاماً

GMT 10:33 2013 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيراري" تعلن عن المحركات القادمة للسيارات الفائقة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon