ثعلب الصحراء  لا كوسوفو 2

"ثعلب الصحراء" ... لا "كوسوفو 2"

"ثعلب الصحراء" ... لا "كوسوفو 2"

 لبنان اليوم -

ثعلب الصحراء  لا كوسوفو 2

عريب الرنتاوي
لم يعد السؤال الأهم في الأزمة السورية يبدأ بـ “هل": هل تضرب الولايات المتحدة سوريا؟ ... السؤال الأهم بات يبدأ بكيف ومتى ... وفي هذا السياق، ثمة ما يكفي من المعلومات المتقاطعة التي تجعل الإجابة المبدئية على هذه الأسئلة أمراً ممكنا. تجمع تقديرات المراقبين والمحللين، على أن الولايات المتحدة، ليست بصدد إعلان حرب شاملة على سوريا، كما تشتهي بعض الأطراف العربية والإقليمية (وربما الدولية)، لذا انصبت أنظار المراقبين نحو "سيناريو كوسوفو"، حيث شنت الولايات المتحدة وحلف الأطلسي في العام 1999، سلسلة من الغارات الجوية والصاروخية على صربيا، ولمدة 78 يوما، انتهت بهزيمة صربيا ووضع كوسوفو تحت الوصاية الدولية حتى استقلالها. لكن إسقاط النظام السوري، أو حتى إلحاق هزيمة نكراء به، ليس على أجندة الولايات المتحدة، كما تشير لذلك أكثر القراءات جدية، سيما في ظل تشتت المعارضة وهيمنة التيارات الأصولية والجهادية عليها، وفي ضوء ما استخلصته واشنطن، من دورس وخبرات، بعد حربي العراق وليبيا، حيث تحول الجهد الأمريكي الحربي المكلف، إلى خدمة مجانية لخصوم الولايات المتحدة بالذات والغرب عموماً. الولايات المتحدة، ستخرج إلى "معاقبة الأسد" وليس إسقاطه، وستضرب بعض مؤسسات الدولة ومراكزها ونقاط قوتها، من دون أن تقوّضها وتتكرها نهباً للفراغ ... وإن صحّت الترجيحات والتحليلات، بأن للضربة العسكرية الأمريكية أهدافاً من هذا النوع، فأنها ستقتضي بلا شك، الأخذ بـسيناريو "ثعلب الصحراء" في ديسمبر عام 1998، حين شنت الولايات المتحدة غارات جوية وصاروخية على العراق، ولمدة أربعة أيام، بدعوى عدم امتثاله لقرارات مجلس الأمن وعدم تعاونه مع المفتشين الدوليين عن أسلحة الدمار الشامل. في مطلق الأحوال، فإن اهتزاز قبضة النظام، وتعرض منظومته العسكرية والقيادية للزعزعة، سيشجع أطرافاً في المعارضة السورية، وداعميها الإقليميين والعرب، على التفكير باستغلال اللحظة المنتظرة طويلاً، من أجل توسيع دائرة سيطرتهم، وبالذات في شمال سوريا (معركة حلب) وجنوبها (درعا وريفها)، وربما بهدف خلق ملاذات آمنة للمعارضة، من دون حاجة لغطاء جوي أو قرار أممي، وإحكام فكي الكماشة، الشمالي والجنوبي على العاصمة دمشق. بهذا المعنى لن تُنهي الضربة الحرب الدائرة في سوريا وعليها، وسيكون بمقدور النظام وحلفائه، امتصاص الضربة واستئناف القتال ضد خصومه ومعارضيه وحلفائهم ... وربما يمهد ذلك لمعاودة الجهد الدبلوماسي من أجل عقد مؤتمر "جنيف 2"، بعد أن تكون واشنطن وحلفاؤها، قد نجحوا في "استعادة التوازن" الذي تحدثت الإدارة الأمريكية عن ضرورته بعد معركة القصير قبل شهرين، ومن أجل التمهيد لمفاوضات سلام. لكن في الحرب، أنت تستطيع أن تطلق الرصاصة الأولى، بيد أنك لا تستطيع أن تطلق الرصاصة الأخيرة دائما، وقد تفلت العمليات الحربية وتداعياتها عن السيطرة والتحكم، وقد يفضي التدخل الصاروخي إلى أشكال أخرى من التدخل، وقد يشجع ذلك أطرافاً إقليمية على استثمار الموقف من أجل تنفيذ أجنداتها وتحقيق مراميها. ليس للولايات المتحدة مصلحة فورية في إسقاط النظام دون التأكد من وجود بدائل ذات صدقية له ... وليس لها مصلحة في تسليم سوريا إلى القاعدة وحزب الله، كما حصل حين سلمت العراق لإيران والقاعدة قبل عشر سنوات ... وليس من مصلحة الولايات المتحدة، التي طلبت الوساطة العمانية مع إيران، أن تضع الدولة الإقليمية الأكبر في أضيق الزوايا، وأن تقامر باستدراج ردات فعل إيرانية غير محسوبة ليس في مصلحة الولايات المتحدة، أن تحشر روسيا في أضيق الزوايا، حتى بوجود خلافات مع موسكو وتحسبات من دورها المتنامي على الساحة الدولية ... لكن المؤكد أن الولايات المتحدة، بدأت تدرك أن دورها وصورتها وهيبتها، والأهم مصالحها، ستتضرر إن هي لم تقم بتنفيذ "ضربة عسكرية ما" ضد نظام الأسد، وهذا ما ستفعله، وستفعله قريباً، وربما في الأسبوع المقبل ... حمى الله سوريا.
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثعلب الصحراء  لا كوسوفو 2 ثعلب الصحراء  لا كوسوفو 2



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon