الحياة فوق الجماجم

الحياة فوق الجماجم

الحياة فوق الجماجم

 لبنان اليوم -

الحياة فوق الجماجم

بقلم:أسامة غريب

الفارق فى موازين القوة بين إسرائيل وأعدائها يجعلها لا تستطيع أن تهنأ بما كان يمكن تسميته انتصارات. المستوطنون الذين يمتلك جيشهم طائرات إف ٣٥ يقيمون الجنازات الحارة كل يوم نتيجة سقوط قتلى لهم فى غزة والخسائر البشرية اليومية تجعل المجتمع الإسرائيلى لا يعرف الفرح حتى وهو يحصد أرواح الضحايا الفلسطينيين بالمئات كل يوم. القوة المادية الرهيبة للجيش الإسرائيلى لا تكفى لتحقيق السلام والطمأنينة لمستوطنيه. لقد كانوا يظنون بعد الطوفان أن الوحشية المتواصلة والتظاهر بالجنون مع دهس مواثيق الأمم المتحدة وإهالة التراب على القانون وتعقب وتهديد النظام الجنائى الدولى وإراقة بحور من الدماء فى كل اتجاه.. كانوا يظنون هذا كفيلا بإخضاع الأعداء وفرض السلام عليهم بالإكراه. لكن ما حدث أنهم أرعبوا العالم منهم وأظهروا صورتهم الحقيقية التى حرصوا دهوراً على إخفائها، فأصبح المواطن العادى فى أمريكا وأوروبا يعرف أن إسرائيل دولة إرهابية بعد أن كانوا يظنونها حملاً وديعاً يعيش وسط قطعان الذئاب العربية. كل الدمار الذى أحدثوه فى غزة والضفة وفى لبنان وسوريا وإيران كان له ثمن حاولوا تجنبه دائماً وهو انكشاف حقيقتهم كشعب من المجرمين، فضلاً عن أن وحشيتهم جلبت ردود أفعال مدمرة أصابت مدنهم بالخراب وقوضت جانباً من بنيتهم العسكرية وصروحهم العلمية، وغيرت حياتهم فأصبح الهروب إلى الملاجئ جزءاً من الحياة وأصبح إغلاق مطار بن جوريون شيئاً معتاداً بحيث أصبحت شركات الطيران لا تستطيع أن تنشر جداول مواعيد تتضمن تل أبيب، وهذه فى حقيقتها عزلة لم تعرفها أى دولة فى العالم، فالإسرائيلى العادى لم يعد يعرف هل هو اليوم فى حالة سلم بعدما انتصر على أعدائه أم لا؟ وهذه الحالة تشوش العقل الإسرائيلى وتدفع بالبعض إلى الانتحار والبعض الآخر إلى إدمان الأدوية والهروب إلى الخمر والمخدرات.

نعم لقد أحدثت إسرائيل بأعدائها دماراً يفوق مئات المرات ما تعرضت هى له، لكن لم يستسلم لها أحد. الدمار والخراب جلب لها الكراهية دون أن يجلب الاستسلام. المستسلمون بقوا كما هم ولم يزيدوا فصيلاً واحداً، ففى فلسطين ظلت قوات أمن محمود عباس تطارد المقاومين كما كانت تفعل من قبل، وفى لبنان لم يستسلم سوى الأحزاب العميلة التى تمثل إسرائيل فى الدولة اللبنانية، أما المقاومون فما زالوا على مواقفهم رغم الخسائر الكبيرة، وفى إيران أحدثت الحرب ما كان عصياً لعشرات السنين وهو التفاف المعارضة الإيرانية حول المرشد كقائد للجيش والحرس الثورى الذى يحمى الوطن وهو عكس ما كان الإسرائيليون يأملون. وفى سوريا كسبوا وصول حكم طائفى يعادى إيران والمقاومة، ومع ذلك لا يستطيعون الاطمئنان له لأنه يضم جهاديين مختلين عقلياً يسهل توجيه بوصلتهم، فالبوصلة وإن كانت اليوم موجهة لصالحهم فإنها قد تنقلب عليهم إذا ظهر قائد أو خطيب مفوّه أشار نحو إسرائيل مطالباً بالجهاد.

الخلاصة هى أن المستوطنين فى الكيان الشرير يجلسون فوق سجادة تغطى عشرات الآلاف من الجماجم، ومطلوب منهم أن يمارسوا حياتهم العادية بينما السجادة تتحرك وتتقلقل وتصدر أصواتاً!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياة فوق الجماجم الحياة فوق الجماجم



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon