قاع الكوكب

قاع الكوكب

قاع الكوكب

 لبنان اليوم -

قاع الكوكب

بقلم:أسامة غريب

السلطة فى العصور القديمة والوسطى كانت متوحشة فى الدنيا كلها. لم تكن هناك بلاد ديمقراطية وأخرى استبدادية مثلما هو الحال الآن، ولكن الكيانات السياسية والتجمعات البشرية كانت ترزح تحت وطأة الصلاحيات الإلهية للحكام، والسلوك الوحشى لهم فى السلم والحرب.. يستوى فى ذلك الوثنيون والمسلمون والمسيحيون والبوذيون وغيرهم. ديانة البشر لم يكن لها تأثير على نظم الحكم التى اتسمت بالقمع والديكتاتورية، وكان الحكام يأخذون من الأديان ما يتصورون أنه يدعم الاستبداد ويستبعدون قيم الحق والعدل والحرية. وعلى الرغم من وجود وفرة من بعض رجال الدين الزلنطحية الذين أقنعوا الناس عندنا بأن الإسلام يسمح بعد الانتصار فى الحرب بجعل نساء العدو سبايا واغتصابهن، فإن الحقيقة أن هذا السلوك مارسته الدول جميعاً فى الحروب قبل الإسلام وبعده، وكان بمثابة سلوك همجى ظلل الجميع ولا علاقة له بتعاليم أى دين، فلا يعقل أن يوجد دين يحرض الأتباع على اغتصاب النساء!.

بمرور الوقت أخذ العالم فى التطور، واعترى علاقات الإنتاج فى العالم الغربى تغيراً ملحوظاً ترتب عليه نشوء الحاجة لأحزاب سياسية وتنظيمات نقابية وتجمعات عمالية.. بعد ذلك تسللت الديمقراطية شيئاً فشيئاً إلى دول أوروبا، ثم تقوم الثورة الفرنسية ولا يصبح العالم بعدها مثلما كان قبلها. تشرق أنوار الحرية والديمقراطية والتمثيل النيابى على أوروبا.. بينما يظل عالمنا الإسلامى محتمياً بفتاوى الفقهاء الفالصو الذين حرموا الديمقراطية وباركوا الاستبداد واصطنعوا الأحاديث التى تؤكد رفض الإسلام للحرية والعدل!.

مرت بلادنا بنوبة صحيان مؤقتة أثناء الاحتلال الإنجليزى، ترتب عليها تشكيل أحزاب وإجراء انتخابات وصدور صحف اتسمت بالشفافية والشجاعة. حدث هذا فى الفترة الليبرالية، وقد انتهت هذه الحقبة سريعًا وعُدْنا ألف عام إلى الوراء، فبينما كانت الناس تنتقل فى كل بلاد الدنيا من مرحلة إلى مرحلة أعلى على سلم الديمقراطية وحقوق الإنسان كانت البلاد العربية تعود لعصور الظلام وشرائع العصور الوسطى؛ حيث الحاكم الذى يوزع صُرر الدنانير ويقتل الخصوم من خلال الخزوقة والتوسيط والضرب بالسيف وقطع العنق والشنق والقتل بالرصاص وتقطيع الأطراف وفقء العيون.. كل هذا دون عقاب.

والعجيب أنه حتى الحكام العرب العلمانيون مثل صدام حسين والقذافى وغيرهما لم يقصِّروا فى الحفاظ على رجال الدين الذين يحرّمون الخروج على الحاكم، فأصبح الكهنة قوّامين على عقول الناس، لذلك لم يتردد هؤلاء فى الإعلان عن أن الإسلام دين اشتراكى لما كان توجُّه السلطة اشتراكيًا، ثم تحولوا إلى أن الإسلام يميل إلى اقتصاد السوق عندما تبدت النزعات الاستهلاكية فى ميول الحكام، إلى أن أتى على الناس حين من الدهر شعروا فيه من خلال حواديت الكهنة وفتاواهم بأن الإسلام يقبل الواسطة والتمييز والظلم ويرفض الحرية والعدل والمساواة!.

ليتنا نتخلص من وطأة الكهنة على رقاب الناس حتى نُحرِم مَن يستخدمونهم ضدنا، لعلنا نستطيع الخروج بأقل كلفة من قاع الكوكب!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قاع الكوكب قاع الكوكب



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 19:02 2021 الثلاثاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

النجمة يخرج العهد من كأس لبنان

GMT 18:52 2021 الأربعاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجامعة اللبنانية وزعت نبذة عن رئيسها الجديد بسام بدران

GMT 15:33 2021 الإثنين ,05 تموز / يوليو

46 حالة جديدة من متحوّر “دلتا” في لبنان

GMT 18:30 2021 الثلاثاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مالك مكتبي يعود بموسم جديد من "أحمر بالخط العريض"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon