عقول غائبة وأفئدة تستعر

عقول غائبة وأفئدة تستعر

عقول غائبة وأفئدة تستعر

 لبنان اليوم -

عقول غائبة وأفئدة تستعر

بقلم:أسامة غريب

يتكون لبنان من طوائف متعددة، وهذا فى حد ذاته ليس عيباً، إذ إن الولايات المتحدة الأمريكية تتكون من بشر أتوا من كل أصقاع الأرض لا يجمعهم غير الرغبة فى حياة أفضل. سويسرا أيضًا يتحدث أهلها ثلاث لغات مختلفة، والأمر نفسه فى بلجيكا، ومع ذلك فإن سيف القانون هو ما يوفر السلام للسكان المتنافرين ويمنع احتكام الطوائف والعناصر المختلفة إلى السلاح. أما فى لبنان فلا يوجد قانون منذ إنشاء الدولة، لكن توجد ضغينة واستعلاء وخوف متبادل يخبئونه تحت ستار من النفاق والتقية. لذلك ما إن تضعف إحدى الطوائف لأى سبب حتى تبرز الأنياب مستعدة لطحن الجار الذى يعانى بدلاً من أن تمد له يد العون. من أجل هذا كانت الحرب الأهلية اللبنانية تعبيراً صادقاً عن مجتمع موتور تريد كل طوائفه أن تجهز على الأخرى. حتى الدين لم ينجح فى تهدئة السعار الذى يتملك العقول والأفئدة، فكثيراً ما واجه المسيحيون بعضهم بعضاً أثناء الحرب الأهلية، والأمر نفسه بالنسبة للمسلمين حيث تعلو الطائفة ورموزها فوق الدين الواحد. وبسبب كل هذه المرارة فقد وجدت كل طائفة لنفسها حامياً خارجياً يلوذون به وينفذون تكليفاته مهما بلغ شططها وفجورها. ففى لبنان نجد أنصاراً لإيران كما نجد أعواناً للولايات المتحدة وأحزاباً تمنح ولاءها لفرنسا قبل لبنان، هذا غير من صاروا عبيداً لبعض الدول العربية الغنية. وفى هذه التقسيمة من الممكن أن نجد مجموعات وطوائف تتبع إسرائيل وأمريكا وفرنسا والسعودية معاً حينما تجتمع مصالح الجهات الخارجية بشكل مرحلى!.

هذه المقدمة الطويلة أردت بها الوصول إلى سؤال هام هو: لماذا تريد الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله وحده بينما سائر الطوائف والأحزاب تملك ميليشيات مسلحة، بل إن أسماء بعض الأحزاب هناك تعبر عن مخبرها دون شرح، فهناك مثلاً حزب القوات اللبنانية، وهو اسم ذو طابع عسكرى، فهذه القوات لن تكون فرق موسيقى عسكرية، وإنما قوات مسلحة، وكذلك حزب الكتائب اللبنانية، فهذه الكتائب ليست فرقاً مسرحية وإنما الاسم يدل على تنظيمات عسكرية مسلحة، وحتى لو اتشحت بوشاح سياسى وتقدمت بمرشحين فى الانتخابات، فهى فى النهاية مزج للسياسة مع السلاح. لماذا لا يتحدث أحد عن هذا السلاح الذى يموله بعض العرب وتقوم بتوريده فرنسا وإسرائيل؟ الإجابة لأن هذا السلاح لا يوجه للعدو لكنه موجود لاستخدامه فى يوم معلوم ضد المقاومة التى تتصدى لاعتداءات إسرائيل.

إذا أراد القارئ كلاماً واضحاً يخلو من الرطانة السياسية فإن الحكومة اللبنانية قد أوضحت أنها تريد أن تنزع سلاح حزب الله وهى تعلم أن هذا فى حال حدوثه سيترتب عليه حتماً اندلاع حرب إبادة ضد ثلث السكان (الشيعة) وهذه المجزرة ستقوم بها إسرائيل بمعاونة أعوانها فى الداخل وسوف تماثل صبرا وشاتيلا. بعد ذلك سوف تنعم الطوائف الأخرى بالهدوء مؤقتاً فى انتظار فرصة أخرى يقضى فيها الموارنة على المسلمين السُنّة أو يتخلص الدروز من الموارنة أو العكس.

هذا هو لبنان ببساطة.. عقول غائبة وقلوب مسعورة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقول غائبة وأفئدة تستعر عقول غائبة وأفئدة تستعر



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon