رمضان إما شهراً وإما عمراً

رمضان إما شهراً وإما عمراً

رمضان إما شهراً وإما عمراً

 لبنان اليوم -

رمضان إما شهراً وإما عمراً

معتز بالله عبد الفتاح

«كل رمضان وإنت بخير يا محمد». بادرت صديقى محمد الميكانيكى. «وإنت طيب يا عمنا، هو فيه سياسة فى رمضان ولا هنأخذ إجازة؟» سألنى صديقى: «بصراحة نفسى نأخذ إجازة، ونركز فى أصل السياسة وهدفها»، قلت له: «يعنى إيه؟» سألنى وأجبت: «أصل السياسة هى الإنسان وهدفها هى الإنسان، وما يميز الإنسان عن الحيوان هو أن يكون على حد أدنى من أخلاق، ولكن هذا الإنسان ضاع فى منتصف المعركة، لأن بعضنا اعتبر أن الإنسان هو نفسه وأسرته الصغيرة، وأصدقاؤه المقربون، وليس الإنسان، كل إنسان، قرب أو بعد، على نفس دينك أو على غير دينك، تعرفه أو لا تعرفه».

«يعنى هتعمل إيه فى رمضان؟» سألنى محمد، قلت له «ما تيجى نغير شوية، ونتكلم فيما هو سابق على السياسة وهى أخلاق الإنسان. يمكن لما نكون على خلق أفضل، نقدر نكون بشر أفضل». قلت له ووافقنى متذكراً كلاماً كنت قلته له من قبل من أن القرآن الكريم حين أمرنا بأن نتفكر فى خلق السموات والأرض وفى خلق أنفسنا كان يقصد أن يعلمنا أن العبادة التقليدية الميكانيكية التى نؤديها أحياناً ليست هى المطلوب من الإنسان. وإنما المطلوب هو العلاقة المباشرة التى يقف فيها الإنسان من خالقه موقف الضعيف الذى هو بحاجة لمن يقويه، الخائف الذى هو بحاجة لمن يطمئنه، الذليل الذى هو بحاجة لمن يعزه، المريض الذى هو بحاجة لمن يشفيه. وهذا هو معنى «لا إله إلا الله» فيما أظن: أن الإنسان يترجمها فى مواقف الحياة المختلفة لتعنى عند النعمة: «لا رازق إلا الله» وتعنى عند المرض: «لا شافى إلا الله» وتعنى عند الضعف: «لا قوى إلا الله» وتعنى عند الضلال: «لا هادى إلا الله»، ومجموع ذلك هو ما جاء فى الأثر من أن معنى «لا إله إلا الله» أنه «لا معبود بحق سواه».

يقول أهل العلم:

«لا تحمدن أحداً على فضل الله، ولا تذمن أحداً على ما لم يعطك الله، فإن رزق الله لا يسوقه إليك حرص حريص، ولا ترده عنك كراهية كاره، وإن الله بفضله وعدله قد جعل الروح والفرج فى الرضا واليقين، وجعل الهم والحزن فى السخط والشك. سبحانه يعطى من يشاء بفضله ويمنع من يشاء بعدله، ولا يسأله مخلوق عن علة فعله ولا يعترض عليه ذو عقل بعقله، سبحانه قد يعطى وهو يمنع وقد يمنع وهو يعطى، وقد تأتى العطايا على ظهور البلايا، وقد تأتى البلايا على ظهور العطايا وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون. ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا فى الأرض، ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير، وهو الذى ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولى الحميد». قلتها لصديقى، ووجدته متأثراً. وقال لى: «هل ممكن تخلى شهر رمضان فرصة لأن تكتب فى هذه الروحانيات والأخلاقيات؟» وعدته بأن أحاول. وجعله الله شهراً مباركاً علينا جميعا.

يقول بعض أهل الزهد:

«يا ربنا ليس لنا من أمرنا إلا السكوت.. يا ليتنا نرضى بما يعطى لنا حتى نموت.. والمبتلى يا ذا العلا لا يبتغى إلا النجاة.. فى يسرها وعسرها ملعونة تلك الحياة.. نبينا إمامنا به نهتدى، وبه نقتدى ورضاه من رضا الإله».

رمضان ليس مجرد شهر، هو نقطة انطلاق لتغيير العمر، ولهذا سأجتهد فى ألا يتحول إلى مناسبة اجتماعية كبيرة، ولهذا أعتذر مقدماً عن معظم العزومات التى تتناقض مع روحانية الشهر ومع الغرض الإلهى منه.

رمضان شهر صوم، وشهر صلاة. صوموا كى تتخلوا عما فى الحياة من أدران، وصلوا لأن الصلاة صلة مع الله سبحانه وتعالى. صلوا فربما نصل، ولو وصلنا إليه فلن نرجع عنه، سبحانه وتعالى.

اللهم قربنا منك واقبلنا فى جنابك وارزقنا متعة ولذة مناجاتك، آمين.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمضان إما شهراً وإما عمراً رمضان إما شهراً وإما عمراً



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:56 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 09:59 2024 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

أبرز العطور التي تتناسب مع أجواء الخريف

GMT 06:09 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تقرير يكشف فوائد السمسم على صحة الجسم والبشرة

GMT 09:33 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 10:11 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

النواب الجدد

GMT 13:30 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

"التكنولوجيا المريضة" آخر ما حرّف في كرة القدم

GMT 06:51 2012 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

700 جهاز كل دقيقة مبيعات "آي فون" في الصين

GMT 12:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

الجمعيات والمرافق الرياضية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon