وإن نسينا أو أخطأنا

.. وإن نسينا أو أخطأنا؟

.. وإن نسينا أو أخطأنا؟

 لبنان اليوم -

 وإن نسينا أو أخطأنا

حسن البطل

تغيظني مقولة ومقارنة بين حال نضالنا وما انتهت إليه نضالات شعوب أُخرى. المقولة تقول: لماذا انتصرت كل (في الحقيقة معظم) حركات التحرر الوطني، ولم تنتصر، بعد، حركة التحرر الوطني الفلسطينية!
أما المقارنة، فهي من نوع «إن اخطأنا أو نسينا» وفحواها: لماذا لم تنتصر فلسطين في تل أبيب، بينما انتصرت الجزائر، اولاً، في باريس، وانتصرت فيتنام في واشنطن قبل أن تنتصر في هانوي وكذا جنوب أفريقيا، وكذا «حزب الله» انتصر في تل ابيب، اولاً، بمظاهرة «الأمهات الأربع» المطالبة بالانسحاب من جحيم جنوب لبنان.

يعني؟ أين «معسكر السلام الاسرائيلي»، الآن، من مظاهرة الـ ٤٠٠ ألف بعد مجزرة صبرا وشاتيلا.
.. وهل خاف «هجوم السلام» الفلسطيني من ضبع التطبيع، كما فسّر الأمر الاستاذ أكرم عطا الله في مقالة له بـ "الأيام" «لم ننتصر في تل أبيب..؟».

بالنسبة للمقولة، أعتقد أن مقارنة حالات بالحالة الفلسطينية يتجاهل أن لكل حالة حالاتها (الظرف. المعطيات. اختلال القوة المضادة).

فالفرنسيون لديهم بلادهم فرنسا إن انسحبت من احتلال الجزائر، والاميركيون لديهم بلادهم إن انسحبت من ورطة فيتنام، واحتلال اسرائيل لجنوب لبنان غير احتلال اسرائيل للضفة (يهودا والسامرة) وليس قطاع غزة!

أعجبني كلام رئيس دولتهم، رؤوبين ريفلين، في قوله: لن يذهب الفلسطينيون الى أي مكان من هنا، ولن يذهب الاسرائيليون إلى أي مكان من هنا.

... أيضاً، قول صحافي اسرائيلي بالأمس: لاسرائيل قدرة على ابادة نووية لايران، لكن ليس لها طاقة ومقدرة على ابادة المشكلة الفلسطينية، وجعلها تختفي.

فيما أرى، ففلسطين تدفع ضريبة التعقيد الخاص للصراع مع اسرائيل (اليهودية مشكلة عالمية مزمنة)، وفوقها ضريبة ظرف الزمان، حيث كان نضال الجزائر وفيتنام مثلاً، في مرحلة حركات التحرر الوطني.

عندما باشر الفلسطينيون كفاحهم الجديد في العام ١٩٦٥ كانت المرحلة آخر مرحلة تحرر وطني و«حق الشعوب تحت الاحتلال بالنضال بكافة الوسائل» كما يقول ميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي ايضاً.
أما مظاهرة الـ ٤٠٠ ألف في العام ١٩٨٢، فكانت لأن المذبحة وقعت ضد مدنيين، وحدثت خارج اسرائيل، وكان «معسكر السلام» الاسرائيلي في حال غير حال اليوم.

في الانتفاضة الأولى، تضامن العالم مع مطالبها بإنهاء الاحتلال، ومع اسلوبها الفريد والشجاع ومفرداتها، ما أجبر اسرائيل على التسليم بهزيمتها السياسية.

التضامن الدولي مع الانتفاضة الثانية كان أقلّ، لأن تكرار العمليات الانتحارية الفلسطينية ضد المدنيين أمر صَدَم العالم، وبدرجة أقل لأن القيادة الفلسطينية رفضت مشروع حلّ رآه قسم من الرأي العام العالمي معقولاً .. حتى «ضربة نيويورك» العام ٢٠٠١ في ذروة الانتفاضة المسلحة.

من ضربة البرجين صار هناك خلط بين «الارهاب العالمي» و«الارهاب الفلسطيني»، لكن سياسة دول العالم لم تنحرف عن «الحل بدولتين» لا من قبل ولا من بعد.

ماذا أيضاً؟ إن تقبّل العالم (واسرائيل) لصعود حركة اسلامية فلسطينية الى حكم غزة، غير تقبّله النسبي لصعود اليمين القومي - الديني الى الحكم في اسرائيل، ولأسباب أهمها أن الديمقراطية الفلسطينية «طازجة» والاسرائيلية «عريقة»، بالطبع لأن «الاسلام فوبيا» صار هاجساً عالمياً.
ليس صحيحاً أن فلسطين لم تنتصر. لماذا؟ لأن هذا صراع بقاء في جوهره، والفلسطينيون كسبوا معركة البقاء (اسرائيل قادرة على ابادة ايران، وغير قادرة على ابادة المشكلة الفلسطينية).

خلاف الاعتقاد السائد، فإن هذه الهبة أكثر نجاحاً، حتى الآن، من الانتفاضتين الشعبية والمسلحة، فهي تجري على «نار هادئة»: صدام على خطوط التماس، وحياة عادية ايضاً في المؤخرة.

من المهم جداً، ان يبقى العالم ينتقد سياسة الاحتلال وقمع التمرد الفلسطيني، وأن تظلّ سياسة السلطة مقبولة من العالم، وان لا يجري الخلط بين مقاومة الاحتلال و«الإرهاب» وبين «داعش» والنضال الفلسطيني.
يقول المسلم في صلاته : «ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا». الفلسطينيون لا ينسون، شعباً وقيادة، لكن يحاسبون النفس على أخطاء، ومنها المقارنة بين نضالهم الذي ينتصر بالتراكم، ونضال شعوب انتصرت «نحن وإياهم والزمن طويل». -

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 وإن نسينا أو أخطأنا  وإن نسينا أو أخطأنا



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon