مصرع «الآص» الديناري

مصرع «الآص» الديناري !

مصرع «الآص» الديناري !

 لبنان اليوم -

مصرع «الآص» الديناري

حسن البطل

إنها ساعة أخرى لرقصة «هوسة» أخرى. الكفّ اليسرى مفتوحة ومرفوعة، وأعلى منها قبضة تلوّح بالبندقية.. والراقصون يدورون في حلقة هازجين!

ما المناسبة الأخرى لقوات «الحشد الشعبي» في معارك العراق ضد «داعش»؟ إنها مصرع «الآص» الديناري أصهب الشعر: عزت إبراهيم الدوري، نائب صدام حسين التكريتي، أو «الآص» البستوني.

ثلاث «آصات» حسب لعبة أوراق الشدة، مطلع الغزو العراقي، انتهوا إلى أنشوطة المشنقة، أو «أرجوحة الرجال»، وهم علي حسن المجيد «الكيماوي (كوبّا) وطه ياسين رمضان (سباتي)، إضافة إلى صدام والدوري، الذي لاقى مصرعه بالرصاص أو بالقذائف.

كيف انتهى حزب عروبي قومي علماني إلى جماعات مسلحة صوفية نقشبندية حليفة «داعش» ويقودها الأصهب عزت إبراهيم الدوري، وتضم ـ كما يقال ـ ضباطا في جيش العراق المنحلّ (جيش صدام).

من السهل على أتباع النقشبندية، وهي المعتبرة أشرس فرقة صوفية، أن تقول عن مصرعه: «ما قتلوه.. ولكن شبّه لهم»، فأعضاء الفرقة يخزّون خدودهم بالأسياخ أو بطونهم/ ثم يختفي أثر الجرح بخدعة سحرية!

انتهى آخر «الآصات» من منصب نائب الرئيس إلى شيخ الطريقة النقشبندية، وهذه المرة مع صورتين لجثته: الأولى بأسنان في فكّه العلوي والثانية بأسنان مهشّمة.
لا يحتاج الحصيف ليكون خبيراً في التشريح، أو البانثولوجيا، ليقول إن الأسنان المهشّمة هي، على الأرجح، نتيجة ضربة حقد بكعب البندقية.

بدأ عزت الدوري «بيّاع ثلج» كمهنة أولى، كما يقول العراقيون، وانتهى إلى المطلوب الأخير من «آصات» نظام صدام.

مع مصرع الدوري شيخاً محارباً في الثمانين، سيقال إن «الآصات» الأربعة لنظام صدام ولقيادة حزب البعث لاقت حتفها، لكن من المبكر جداً القول إن هذا العراق سيهدأ ولو بعد حين.

منذ العام 1958 والعراق من انقلاب إلى انقلاب على الانقلاب، ومن حرب أهلية مع الأكراد ثم ضد «التمرّد الشيعي» بعد العام 1991، إلى حروب إقليمية مع إيران، وحرب غزو للكويت، وحرب عالمية قادتها أميركا على مرحلتين، وانتهت بسقوط بغداد.

من العام 1963 (حكم عبد السلام عارف وشقيقه عبد الرحمن) إلى سقوط بغداد في مثل هذا الشهر من العام 2005 كانت الحقبة الأكثر فوضى ودموية في تاريخ العراق الحديث، ويمكن القول إن التصفيات الدموية البعثية الداخلية لم تنته مع خلافة صدام للرئيس أحمد حسن البكر في تموز 1979، الذي قاد انقلاب 17 تموز 1968 على عبد الرحمن عارف.

قبل خلافته للبكر، وعندما كان نائب الرئيس، تحدث صدام عن جعل العراق «دولة غير اعتيادية في العالم الثالث» وكان العراق وقتها في ازدهار اقتصادي، وهدنة من الحروب مع الأكراد.

لكن صدام، المولود في تكريت، رأى في نفسه خليفة لناصر، بل خليفة لصلاح الدين الأيوبي، وقاد العراق إلى حروب منهكة، وكان عليه بعد حرب السنوات الثماني مع إيران الخميني، أن يتجنب «الفخّ» الأميركي في غزو الكويت (المحافظة 19 للعراق).. لكنه مثل «الكابورال النمساوي» هتلر لم يتوقف منذ صار «الفوهرر» في الرايخ إلى أن احتل الحلفاء مبنى «الرايخستاغ» في برلين!

هذا ما جناه صدام على بلاده، وقاد العراق إلى احتلال فإلى ديكتاتورية شيعية بقيادة نوري المالكي، فإلى ردة فعل سنّية بقيادة «القاعدة»، ثمّ «داعش».

بدأ صدام جرائمه بإعدام السفاح ناظم كزار، مسؤول سجن نقرة السليمان الرهيب، ثم رئيس مخابرات الأمن القومي، لأنه دبّر انقلاباً هادئاً بينما كان صدام في زيارة لبلغاريا، ثم اغتيال حردان التكريتي، وزير الدفاع، بانفجار مروحيّة، لأنه توهم تواطؤ حردان مع الملا البرازاني، لمجرد أن الأخير عزم حردان على طبخة دولما (كوسا محشوة) فتوهّم صدام أن الموضوع مؤامرة انقلاب.. وأن الدولما هي صدام.

حزب البعث صفحة سوداء في التاريخ العربي الحديث، فقد قاد العراق وسورية إلى دمار وخراب عميم، ومن حزب عروبي علماني إلى حزب طوائفي.. فإلى ديكتاتورية أدت لخراب البلاد والعباد.

في وقت ما، من سنة ما، تحدثوا عن «دولة البعث» من سورية والعراق، بعد فشل الوحدة المصرية ـ السورية ـ العراقية 1963. الآن، هناك تهديد لوحدة العراق ووحدة سورية، ليس بسبب «داعش» لكن «داعش» واحد من الأسباب التي ترتبت على فشل الوحدة القومية العربية.

الأمور بخواتيمها.. وهذه خاتمة حزب قومي عربي.. جماهيري فعسكري فديكتاتوري.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصرع «الآص» الديناري مصرع «الآص» الديناري



GMT 17:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ميلاد مجيد محاصر بالتطرف

GMT 17:16 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكومة العالم

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل انتهى السلام وحان عصر الحرب؟!

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟

GMT 17:13 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل الديموغرافيا

GMT 17:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مبدأ أثير لدى ساكن البيت الأبيض

GMT 17:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 17:10 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظاهرة الأصولية وحالة «التأقلم الماكر»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon