لماذا قال «انتظرني يا نشيدي»

لماذا قال: «انتظرني يا نشيدي» ؟

لماذا قال: «انتظرني يا نشيدي» ؟

 لبنان اليوم -

لماذا قال «انتظرني يا نشيدي»

حسن البطل

الآن، يعزفون في عواصم «المارسيلياز» ومن قبل رفعوا يافطات «أنا شارلي». بعد مقتلة صحيفة «شارلي إبدو» الكاريكاتورية الساخرة، حصل في وقفة تضامن برام الله أن رفع صحافي فرنسي «أنا شارلي». قيل له بلطف أن يطويها.. وتعرفون الأسباب.

لصديقي التونسي محمد علي اليوسفي أسباب دفعته للكتابة على صفحته هذه العبارة: «كنتُ أحبّ أعلام البلدان في القواميس وفي كتب الجغرافيا. اليوم، أكرهها كلها؛ ما من علم إلاّ ويرفرف بالسلام ويخفي حرباً»!
أعلام الدول ثلاثة: علمانية، جمالية.. ودينية، ولعلّ صديقي يكره بالخصوص الشكل الثالث، وتعرفون الأسباب.

الداعشية وأضرابها، وجذورها في أعلام تقحم لفظ الجلالة صراحة، أو ترسم الهلال والصليب، علماً أن العلم الفرنسي ثلاثي الألوان صار قاعدة أعلام أوروبية، وعلم الثورة العربية قاعدة أعلام عربية.

عندما يرفعون في بروتوكول الاحتفالات العلم الوطني يرفقونه بالموسيقى الحماسية وليس بالكلمات، ومعظم كلمات الأناشيد الوطنية لا تخلو من عزّة نفس زائدة تقترب من الفاشية والعنصرية. احزروا لماذا قال درويش: «انتظرني يا نشيدي»!

العلم الفرنسي علماني، وشعارات الدولة علمانية ـ إنسانية : حرية. إخاء. مساواة، لكن هذا المارسيلياز ليس كذلك، فهو دموي وعنيف، وربما عنصري وفاشي.

لما فاز جيرمي كوربن برئاسة حزب العمال البريطاني، رفض الوقوف للسلام الملكي. لماذا؟ لأن النشيد يتعرض للاسكتلنديين و»يحفظ الله الملكة» دون ذكر الشعب. هل تذكرون فيلم «قلب شجاع» عن الاسكتلنديين؟

قاض عربي هو سالم جبران في المحكمة العليا الإسرائيلية رفض أن يردد نشيد «هاتكفا» لماذا؟ لأن كلمات النشيد تقول: «النفس اليهودية بمائة نفس».

تعرفون عنف النشيد الجزائري «قسماً بالنازلات الماحقات/ نحن ثرنا فحياة أو ممات» مع أن العلم الجزائري، علم ثورة عبد القادر الجزائري، هو أقدم أعلام الدول العربية، ويتوسطه هلال الإسلام.

العلم اللبناني جميل، لكن ماذا عن النشيد الوطني؟ «كلنا للوطن/ للعلا وللعلم/ ملء عين الزمن/ سيفنا والقلم» ومنذ الحرب الأهلية سخر لبنانيون «كلنا ع الوطن»!

العلم السوري علماني، كما يرفعه النظام أو المعارضة، ومشتقة ألوانه من علم الثورة العربية، لكن كلمات النشيد الوطني تقول: «حماة الديار عليكم سلام/ أبت أن تذلّ النفوس الكرام/ عرين العروبة حمى لا يُضام» وتعرفون ماذا حلّ بـ «حماة الديار» و»عرين العروبة»!

لا أعرف النشيد الوطني الروسي، مع أن العلم الوطني يشابه في ألوانه العلم العلماني الفرنسي، لكن «القيصر» بوتين أبدله إلى العلم السوفياتي الأممي، ولا أعرف كلماته، لكن أعرف الأسباب.

لـ «داعش» علمها الذي تعرفون، وكذا «النصرة ـ القاعدة» لكن هذه «الدولة الإسلامية» بلا مطار أو ميناء، حتى الآن، وبلا نشيد، ربما لأن الموسيقى حرام في نظر الأصوليين، وسك عملة ذهبية إسلامية هو حلال!

شعارات داعشية ونصرية متشابهة كما تتشابه الكتابة على أعلامهما، لكن هذه «النصرة» تفوّقت في تعريف «الجهادية» بعد أن قام انتحاري ـ جهادي بتفجير نفسه، ما أسفر عن مقتل قائد سابق فيها أعلن الولاء الداعشي في ريف درعا الجنوبي، على حافة الجولان المحتل. ينقصنا حرب مذهبية ـ مذهبية!
بيان «النصرة» وصف العملية كالآتي: «عملية انغماسية بطولية». لماذا «انغماسية»؟ ليس لأننا نغمس الخبز بالزيت والزعتر، بل لأن الجهادية هي تغميس الدم باللحم.. بالبارود.

في الأعراس؛ في مجالس التعازي؛ في المساجد، في المسيرات؛ في شتى أشكال الحياة العادية، مثل المسرح وملاعب الكرة، تقوم الفصائل الجهادية الأصولية بغمس الدم واللحم بالبارود، أو تتفنّن في جزّ الرقاب، أو دوس الخصوم أحياء بجنازير الدبابات.. إلخ من الفظاعات.

حسناً، في المعارك القديمة كان حَمَلة الأعلام يتقدمون الصفوف، ويليهم قارعو الطبول والأصناج والموسيقى الحماسية.

ستظل لكل دولة وشعب خرقة قماش ملوّنة ومقدّسة.. لكن هل فكرت «اليونسكو» مثلاً بمراقبة الأناشيد الوطنية وكلماتها المحشوة بالدم والحديد والنار، والعزّة القومية الشوفينية، وهل لعلم الأمم المتحدة، أو «غرين بيس» مثلاً نشيد يرافق احتفالات رفعها؟

نحن نقول داعش ودعشنة وتدعيش لسهولة تصريفها مثل «جحشنة».. لكن Isis و»الدولة الإسلامية» صعب تصريفها!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا قال «انتظرني يا نشيدي» لماذا قال «انتظرني يا نشيدي»



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon