عن مأساة يهود العراق «هجرة أو تهجير»

عن مأساة يهود العراق: «هجرة أو تهجير» ؟

عن مأساة يهود العراق: «هجرة أو تهجير» ؟

 لبنان اليوم -

عن مأساة يهود العراق «هجرة أو تهجير»

حسن البطل

حظيتُ، بالأمس، من الباحث عباس شبلاق بنسخة من كتابه الطازج: «هجرة أو تهجير/ ظروف وملابسات هجرة يهود العراق». طازج؟ فالإصدار من «مؤسسة الدراسات الفلسطينية» في أيار (مايو) من عامنا هذا.

.. أو أقول إن طبعته العربية، هي المزيدة والمنقّحة، بعد طبعتين بالإنكليزية عام 1985، والثانية، المنقحة قليلاً 2005.
مهم، أن يُصدر مثقف عربي كتاباً عن اليهود والعرب، والأهم، أن يكون بقلم باحث فلسطيني في جامعة أكسفورد، وهو، أيضاً، مهجّر من حيفا، ويزور البلاد، بين الفينة والأخرى، بجوازه البريطاني.

فوراً، تصفحت الكتاب لماماً أو قلبت أوراقه (380 ص من القطع المتوسط، منها 185 صفحة للبحث والباقي للملاحق والمراجع).
كما في كل كتاب قيم و»ريادي» في موضوعه، سأعكف على قراءة متأنّية ومتملية، لكن الكتاب أثار «كوامن الشجن» كما يقال، أو تذكرت قصيدة الشاعر لقيط بن يعمر الأيادي، وبخاصة قوله: «يا لهف نفسي إن كانت أموركم شتّى/ وأُحكم أمر الناس فاجتمعا» فقد اجتمعت على الفلسطينيين، من طبعة الكتاب الأولى بالإنكليزية 1985 إلى طبعته الثالثة 2015 ما تعيشون من حال عربية وإسلامية وفلسطينية، وخلاصتها: شتّان بين ما كنّا ندعوه دولة «شذاذ الآفاق» في وصف إسرائيل، والتشظّي العربي والإسلامي والفلسطيني.

كم هو البون كبير بين العام 1974 وما بعد الربيع العربي 2011، أي بين قرار الجامعة العربية، بطلب من م.ت.ف، بعودة اليهود العرب إلى أوطانهم، واسترجاع أملاكهم فيها، وبين حال العراق وسورية وسواهما، حيث الاحتراب المذهبي والطائفي والديني والقومي، لا يغري أي يهودي عربي بالنكوص إلى بلده الأصلي.
في تسعينيات القرن المنصرم، حدثني فلسطيني لاجئ من طيرة ـ حيفا، أنه التقى فيها بلحام من أصل عراقي، وسأله أن يقنع صدام حسين بعودته للعراق، مقابل أن يعود الفلسطيني اللاجئ إلى مسقط رأسه. هذا كلام على عواهنه.

أيضاً، في ذلك العقد من السنوات، التقى صديق لاجئ من يافا بيهودي سوري، هو يعقوب عزرا، على هامش مؤتمر في العام 1998 حول مفاوضات «الوضع النهائي» مابعد أوسلو. المسألة أن الفلسطيني «انقهر» لأن عزرا يحكي اللهجة الشامية تماماً كما سمعتموها لاحقاً في «باب الحارة» وفوق ذلك هو خريج لغة عربية من جامعة دمشق.

كتاب عباس شبلاق لاقى تقريظاً من أكاديميين في جامعات إنكليزية وأميركية، لأنه «يعزّز على نحو كبير فهمنا لتاريخ يهود العراق المعقّد والمضطرب».
صحيح، أن المؤلف يستند إلى مراجع وافرة، بالعربية والإنكليزية، لكنه، أيضاً، يعزّز كتابه بعلاقات حوار مع يهود عراقيين في إسرائيل وبريطانيا بالذات، ويذكرهم بأسمائهم، بل وأهدى كتابه إلى صديق راحل منهم هو سامي دانيال، وايضاً ترجمات من العبرية لكتب ألفها مبعوثون صهيونيون إلى العراق في حينه، وهم أساساً أوروبيو الأصول.

أتاح تعدد الأديان والأعراق في العراق تنفيذ بريطانيا سياسة لئيمة، نتيجة غموض وهشاشة التركيبة الطائفية والقومية، وتابعت أميركا سياسة بريطانيا، وكذا إيران وتركيا سابقاً ولاحقاً. وكم هو بعيد بيان لجنة الثورة العربية 1915، قبل عامين من صدور وعد بلفور: «أيها العرب من ذوي الديانة اليهودية والمسيحية انضموا إلى صفوف إخوانكم المسلمين، ولا تستمعوا إلى أولئك الذين يدعون أنهم يفضلون الأتراك بلا دين على العرب أصحاب المذاهب الدينية المختلفة. إن هؤلاء جهلة ولا يعرفون المصالح الأساسية للأمة العربية».

يتناول الكتاب خلفيات وأسباب ما عاشه العراق 1936ـ1941، حيث صار يهود العراق في عين العاصفة و»أحداث الفرهود» التي قُتل فيها مئات من يهود العراق، وتبرع حكومة البلد بـ 70 ألف دينار للجنة الإغاثة اليهودية.

المهم، أن العراقي اليهودي مير بصري يقول: «لولا قيام إسرائيل لما كان سيحدث شيء لليهود العراقيين، وكان في إمكانهم البقاء هناك كأقلية دينية أخرى».. هذا قبل الزمن الداعشي!

لم تكن وجهة يهود العراق الذهاب إلى فلسطين في الأساس، لأنه في العام 1948 كان يعيش في الهند يهود عراقيون أكثر ممن كان يقطن منهم في فلسطين.

يحتاج الفصل الثالث «تهيئة المشهد للهجرة والتمسك بالبقاء» إلى قراءة متمعنة لأنه يشمل تداعيات قيام إسرائيل، وكذلك الفصل الرابع عن «قانون إسقاط الجنسية» عن يهود العراق، بحيث هاجر إلى إسرائيل (1948ـ1952) حوالي 123 ألف يهودي عراقي، مقابل حوالي 327 ألف يهودي من أوروبا وأميركا.

***
ذكرت قصيدة للشاعر الأيادي، وكان عربياً يعرف الفارسية، وحذّر العرب من طموح كسرى.. الذي قتله جراء ذلك (ما أشبه اليوم بالبارحة؟) أيضاً، العرب كانوا تراجمة للإغريق ـ والفلسطينيون أكثر من تراجمة للإسرائيليات.
نعم، شتّان ما بين إسرائيل والعالم العربي.. سوى أن حكيماً يونانياً، لعلّه بيتاكوس قال: ويل لأمة رأي مثقفيها خلاف رأي عسكرييها.. وهذا ينطبق على العرب الآن وعلى إسرائيل!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن مأساة يهود العراق «هجرة أو تهجير» عن مأساة يهود العراق «هجرة أو تهجير»



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon