الـفـاضــل

الـفـاضــل

الـفـاضــل

 لبنان اليوم -

الـفـاضــل

حسن البطل

 تحيّرت أن أنتقي نعتاً يفي الدكتور - الطبيب - الحكيم حيدر، حقّه في الوصف، فوجدت أن شيخ جيل التأسيس الفلسطيني تليق به صفة الفاضل.
   في قلب السياسة الفلسطينية وقصيّاً عن رزاياها؛ وفي غمرة منظمة التحرير وبعيداً عن دناياها. يليق به، أيضاً، وصف زميلي حسن خضر بـ (الوطني)، فإن وصفه آخرون بـ (ضمير) الحركة الفلسطينية فقد أصابوا أيضاً.
   القادم من (عصبة التحرر الوطني) في أربعينيات القرن المنصرم، إلى (الجبهة الوطنية) في سبعينيات ذاك القرن، كان، كذلك، البرلماني الفلسطيني الأول. ترأس أول مجلس وطني لمنظمة التحرير، وكان رئيساً أسبق لأول برلمان مُنتَخب في السلطة الوطنية، دون أن نهمل لشيخ جيل التأسيس والبرلمانية كيف اتكأت على مكانته واسمه وسمعته أول منظمة فلسطينية لحقوق الإنسان (الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن).
   لكن، حتى إذا أضفنا الوطني الى الديمقراطي الى البرلماني، يبقى الرجل الراحل على عتبة كمال الرجال. الكمال لله وحده.. فقد كان، أيضاً، رجلاً واقعياً.. كما يليق بالمثقف الحقيقي، الذي لا يتأفف عن القيام بدور المفاوض الأول.. أيضاً.
ليقل التاريخ ما يقوله جواباً عن السؤال الممض: لماذا ذهبت م.ت.ف إلى ثنايا أوسلو؟ لأنها ذهبت، قبل ذلك الى أضواء مدريد الخاطفة؟ ولماذا ذهبت إلى مدريد؟.. لأن حيدر عبد الشافي، شيخنا الجليل، ذهب الى القيادة في تونس، وأطلق نذيره: صار الناس البسطاء إذا سمعوا قرعاً على الباب، آخر الليل، وسألوا: مَن؟ يخافون من (القوات الضاربة) للانتفاضة.. ويخافون أقلّ من القوات الخاصة الإسرائيلية.
   الطبيب الذي خدم مجتمعه وكرّس نفسه وحياته لهذه الخدمة، وأسّس جمعية الهلال الأحمر - غزة، كان مهتماً بأن يبقى النسيج الاجتماعي الفلسطيني على درجة من التماسك، والمؤسسة الفلسطينية على درجة من النزاهة، والسياسة الوطنية على درجة من الأخلاق.. والديمقراطية الفلسطينية على درجة معقولة من الممارسة الديمقراطية السليمة.. فكيف تتحقق هذه المواصفات في مرحلة عكرة جداً؟
  .. لذلك، فضل رجل مؤهل لدور القائد أن يبقى وفياً لدور المرشد، وما يتطلبه المرشد من دور الناقد للاعوجاج.
بدر الرجل لم يتناسب تماماً مع هلال المرحلة العكرة.. منذ أوسلو إلى وعد خارطة الطريق.. لكنه ذهب رئيساً للوفد في مدريد حتى لا ينشق قمر فلسطين بين (الداخل) و(الخارج)، ولتوفير أدنى المقومات السياسية والواقعية للقرار الوطني المستقل.
   بالسليقة البسيطة، فهم الجمهور العادي العلاقة المنطقية بين الذهاب الى مدريد، والذهاب الى أوسلو.. ثم الذهاب الى أول انتخابات تمثيلية ديمقراطية فلسطينية. لذا، حاز الدكتور، الطبيب، الحكيم حيدر، أعلى الأصوات في الانتخابات البرلمانية العام 1996، وكانت وفق نظام الدوائر.. فلو جرت وفق القائمة النسبية، ربما كان البرلمان الأول سيكون مختلفاً، لأن قائمة يترأسها حيدر كانت ستجعل البرلمان برلماناً حقيقياً، مع معارضة وطنية حقيقية.
أفهم لماذا وصفه زميلي حسن خضر بـ (الوطني). لأنه ألغى أول اجتماع بين وفد مدريد الفلسطيني (ظل م.ت.ف في الداخل) والرئيس الأميركي بوش - الأب، احتجاجاً على إبعاد إسرائيل مناضلين فلسطينيين من (حماس) الى جنوب لبنان، والى ثلوج شتاء مرج الزهور 1991.
   إذا كانت لحيدر ملاحظاته القاسية على فريق أوسلو وإعلان أوسلو، وقيود أوسلو، فقد أدرك، أيضاً، أنه لولا تمسك فريق مدريد بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً وحيداً، ما كانت مفاوضات أوسلو.
الآن، لا تحتاج واشنطن ورام الله الى وسطاء، بعدما احتاجتا الى دور الأكاديمية الأميركية - الفلسطينية (ادوارد سعيد، ابراهيم أبو لغد، هشام شرابي.. وآخرين)، ثم احتاجت وإسرائيل الى (وسطاء) بين م.ت.ف الداخل وم.ت.ف الخارج، مثل: حيدر عبد الشافي، وفيصل الحسيني، وحنان عشراوي، وصائب عريقات.. وآخرين.
    يقولون إن هذا الدكتور، الطبيب، الحكيم؛ وهذا اليساري، الوطني، التقدمي، العلماني.. الواقعي، كان يردد أواخر حياته: (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت..).
صارت لفظة (السيد) متاحة مباحة، مثلها مثل لفظة (المحترم)، وانخفضت القيمة الاسمية والفعلية للفظة (الأخ).
..  لذا، تليق بشيخ السياسة الفلسطينية لفظة كانت متداولة. إنه الرجل الفاضل. الفلسطيني الفاضل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الـفـاضــل الـفـاضــل



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon