مصطفى وفرحان وعدنان

مصطفى وفرحان وعدنان

مصطفى وفرحان وعدنان

 لبنان اليوم -

مصطفى وفرحان وعدنان

بقلم : حسن البطل

يقولون: يد المنون (وكل نفس ذائقة الموت)، ولي أن أقول: اخترمت أيدي هذا الفاتك الصامت؛ اللئيم الأثيم حياة ثلاثة من صحبي خلال شهور، وكل واحد منهم إلى الرعيل المؤسس ينتمي.

1- مصطفى
لمهندس الكمبيوتر، عمار، سمات والده، وشيء من ميوله إلى الهندسة (درسها مصطفى في جامعة المشاغبين - بيركلي الأميركية). لشقيقه رسمي ميول شقيقه الإبداعية الفكرية.
نصوص رسمي غير التقليدية قد تجدها في سيناريو مصطفى عن رواية «المتشائل» لأميل حبيبي.
أقرأني السيناريو في بيروت، وكان إخراجه آخر نقاشاتي مع مصطفى في «مقهى رام الله». لشقيقته ميسر ميوله المهنية، وقد رأيت بيتها اللطيف - المرتب، قرب المقاطعة، مقلوباً بعد أن كلفوها بكتاب عن السينما الفلسطينية.
شقيقان وشقيقة، ثلاثة إخوة عملوا في المجال الإبداعي، وكانوا نشطاء في مؤسسات الحركة والمنظمة.
هذه ظاهرة حميدة في «مجتمع م.ت.ف» في حله وترحاله. إخوة راديكاليون - ثورويون في أفكارهم وفي حياتهم.
واقفاً في الظل الشحيح أمام الجامع.. وتحت مظلة العزاء في مقبرة البيرة، ومؤدياً الواجب في صالتين، احتضنت بحرارة مشاغب النص الجديد رسمي، ومهندس الرقائق عمار... وواسيت ميسر.
مصطفى هو سينما في السينما أيضاً، بما أن السينما أم الفنون، وبما أن هذا الرائد السينمائي نال قسطاً وأعطى نصيباً في التثقيف الصحي، وكاد يكمل دراسته ويتخرج مهندساً، دون أن يوفر دراسة الموسيقى وتجربة موهبته في الرسم والنحت.. وأخيراً، دراسة السينما في بريطانيا، وفيها وجد نفسه أسير مدارها لا يهبط على القمر ولا يعود للأرض.
خجلت لما ناداني «عمار»: «عمي حسن» لم أره منذ كان طفلاً في بيروت. هو صار له وجه أبيه (قلت لمصطفى: فيك شبه من يوسف شاهين... وفيك عادة سيئة من عاداته: خفف التدخين). إذا ابتسم صار وجهه الحزين أكثر حزناً.

2- «فرحان»
في رثائي ممدوح نوفل، قلت: أخشى أن ينقر واحد على كتفي ويسألني: هل تعرفني؟ أنا فرحان «قناص عين الديك» كما قال أخوك أبو مشهور.
لكن، نقرت على كتفي امرأة، قبل سنتين، قالت: هل تعرفني؟.. أنا زوجة فرحان!
زل لساني «إن شاء الله بعده طيب» قالت: «ولك.. بكير، أما يكفيك أن رثيت خالدا وممدوحا.. والأخ والرفيق.
ثلاثة رفاق فدائيين، فقط، من المجموعة المؤسسة للجناح العسكري (ج.د) عادوا. بقي واحد أمدّ الله في عمره.
لم أر وجه فرحان عقيداً في قوات الأمن الوطني. احتفظت بصورة وجهه شاباً مثل تفاحة «ستاركن» طازجة مرت عليها عاصفة خماسينية حبلى بالغبار.
في قاعدتهم بالجولان المحتل، بعد خروج الأردن، كانوا يكاتبونني وأكاتبهم.. فأعطوني علامة «مثقف برجوازي صغير ليبرالي»، لكنني راجعت كتب ممدوح نوفل.. وغالبته وغالبني في البلاد بلعبة «شيش بيش»، وصار لي أن أرثيه «أخو الحرب أغبرا» وبقيت في قرص الذاكرة صورة فرحان كاكياً شاباً.. بطل الفدائيين في رماية المسدس من نوع: «سميث اند وسن». وداعاً فرحان.

3- عدنان
كأنه «قنديل البحر» يسبح في الهواء، مفرط الحساسية، شديد الشفافية في ما يجب وما لا يجب. إنه عدنان الشريف، أحد مؤسسي مدرسة الإخراج الصحافي في الصحف الفلسطينية بالمنفى، والمخرج الأول للمجلة المركزية.
كنت أنكزه: لو تترك الإخراج الفني إلى رسم الكاريكاتير، فكان يجيب: لو تترك أنت تحرير المجلة إلى رسالة دكتوراه في الجيوبولتيكا.. «حل عنا.. زهقناك».
عملت معه فريقاً ثنائياً (محرراً وكاتباً ومخرجاً فنياً).. وأثمر عملنا إصداراً تاريخياً سنوياً للمجلة المركزية مستهل العام 1982، استحق تنويهاً من اللجنة المركزية/ فتح.
ترك لي عشرات الرسوم الكاريكاتورية. طفل مع ذقن صغيرة. «هكذا أراك» قال: وقبل أوسلو بقليل غادرنا.. لماذا؟ قال: ختيرت أمي وعليّ رعايتها. فنان بار وغير تقليدي.. لكنه في واجب البنوة تقليدي جداً.
كان مرتاحاً مسؤولاً فنياً ومديراً لـ»دارة الفنون» في عمان. كم مرة قلت له: لك سمات غسان كنفاني.. لو تلعب دوره على الشاشة.
***
كان السرطان فاتكاً سريعاً مع مصطفى وفرحان، لكنه كان لئيماً زنيماً سادياً مع عدنان. آه يا عدنان. كيف ركضنا أنت وإميل منعم وأنا نحمل المواد وعدة الإخراج على عجل من مكاتبنا تحت القصف في الفاكهاني، إلى خطوط آمنة.
واحد منا قال: سقطت طائرة إسرائيلية في البحر. واحد آخر قال: هذا خزان وقود.
ثلاثة «أغار» عليهم السرطان، فتك بهم.. لكنهم في حنايا «ديسك» هو دماغي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصطفى وفرحان وعدنان مصطفى وفرحان وعدنان



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:53 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

سعد الحريري يتوقع تشكيل حكومته الجديدة مساء الجمعة

GMT 10:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمبانزي قادرة على تقييم المخاطر وتحذير أقرانها

GMT 20:51 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

طائرة الجزائر يواجه الكاميرون في الالعاب الأوليمبية 2020
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon