حلم سمير قصير الذي صار حقيقة

حلم سمير قصير الذي صار حقيقة

حلم سمير قصير الذي صار حقيقة

 لبنان اليوم -

حلم سمير قصير الذي صار حقيقة

بقلم: خير الله خير الله

جاء رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام إلى ساحة سمير قصير في ذكرى مرور عشرين عاما على اغتياله في بيروت. يؤكّد ذلك حجم التحول الذي طرأ على سوريا ولبنان ومدى إنسانية نواف سلام وصدقه مع نفسه، هو وزوجته السيدة سحر التي كانت زميلة سمير قصير في صحيفة “النهار”. كان اغتيال سمير قصير الصحافي والأستاذ الجامعي والمؤرّخ اللامع جزءا من حملة استهدفت كلّ صوت حرّ في لبنان مع تركيز خاص على “النهار” التي أبت الخضوع  للتدجين الذي مارسته الأجهزة السورية بتفاهم وتنسيق مع “حزب الله” الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني.

لا يزال صوت سمير قصير اللبناني – الفلسطيني – السوري يصدح. كان سمير على حق عندما اعتبر أن الحرية في لبنان مرتبطة بالحرية في سوريا وأن العكس صحيح. كان سمير قصير أوّل من تحدث عن “ربيع دمشق” وعن تأثير ذلك على لبنان بشكل إيجابي. يغيب سمير قصير عن لحظة تاريخيّة كان من بين الأوائل الذين توقعوا حدوثها. إنّها لحظة التغيير في سوريا التي طال انتظارها. إنّها لحظة فرار بشّار الأسد من دمشق مع ما يعنيه ذلك من نهاية للنظام العلوي الذي كان يعمل على تخريب سوريا ولبنان بالتفاهم مع إسرائيل.

يتبيّن، كلّما مرّ يوم، كم كان بعيد النظر ذلك الأخ والصديق والزميل الذي كان مقاله الأسبوعي في “النهار” يهز البلد ويستفزّ النظام السوري الذي انتهى مع فرار رئيسه إلى العاصمة الروسية… ولكن بعد ارتكاب كمية لا تحصى من الجرائم في حق سوريا ولبنان في آن.

كان مقال سمير قصير في “النهار” يزعج خصوصا أركان النظام الأمني السوري – اللبناني الذي كانت لديه علاقة عضوية بالجهاز الأمني لـ”حزب الله”. من هذا المنطلق، يبدو واضحا أن الجريمة الأولى التي تلت اغتيال رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط – فبراير 2005، كانت جريمة اغتيال سمير قصير. لا يمكن الفصل بين جريمة اغتيال رفيق الحريري، وهي جريمة معروف من ارتكبها في ضوء صدور حكم في هذا الصدد عن محكمة دوليّة نظرت في القضيّة بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

باختصار شديد، كان لا بدّ من اغتيال سمير قصير وآخرين وصولا إلى اغتيال محمّد شطح كي تسكت كلّ الأصوات المعترضة على حلول الوصاية الإيرانيّة مكان الوصاية السوريّة. لا مفرّ من الاعتراف بأنّ تظاهرة 14 آذار – مارس 2005، وهي التظاهرة المليونية التي أخرجت الجيش السوري من لبنان، كانت حدثا فريدا من نوعه. جاءت التظاهرة، التي شارك فيها لبنانيون من كلّ الطوائف والمذاهب والمناطق والطبقات الاجتماعيّة، في وقت كان مطلوبا فيه إسكات كلّ صوت معترض على الوصاية السوريّة والإيرانيّة.

 لم تستطع الوصاية الإيرانيّة التي مورست عبر “حزب الله” إلغاء دور لبنان وإخراجه من الحضن العربي طوال سنوات فحسب، بل وجدت لنفسها غطاء مسيحيا، عبر الاتفاق الذي وقّعه حسن نصرالله الأمين العام الراحل للحزب وميشال عون في السادس من شباط – فبراير 2006 والذي سمّي “وثيقة مار مخايل”. بلغ النفوذ الإيراني درجة سمحت لحسن نصرالله بإيصال ميشال عون إلى قصر بعبدا بعدما نفّذ عون وصهره جبران باسيل بين2006  و2016 كلّ ما هو مطلوب منهما ليصبح زعيم ما يسمّى “التيار الوطني الحرّ” مرّشّح “حزب الله” للرئاسة. وضع “حزب الله” وقتذاك البلد أمام خيار واضح واحد: إمّا ميشال عون أو لا رئيس للجمهوريّة في لبنان.

تكمن عبقرية سمير قصير في أنّه فهم باكرا أهمّية نسج علاقات مع مثقفين سوريين عانوا من دكتاتورية حزب البعث الذي شكل منذ العام 1966 غطاء لاستيلاء الأقلّية العلويّة على سوريا تمهيدا لسيطرة عائلة معيّنة على البلد بكلّ قطاعاته. حصل ذلك بعدما نفّذ حافظ الأسد انقلابه في 16 تشرين الثاني – نوفمبر 1970 تحت شعار “الحركة التصحيحيّة”. مهّد بذلك كي يكون أول رئيس علوي للجمهورية السوريّة. كشف في الوقت ذاته مدى حقده على سوريا والسوريين وعلى كلّ مدينة سوريّة كبيرة مثل دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية…

يؤكّد ما شهده لبنان، في مرحلة ما بعد تفجير موكب رفيق الحريري، من اغتيالات شملت كل صوت حرّ فيه، خصوصا صوت جبران تويني، رغبة واضحة في السيطرة على البلد. ترافق ذلك مع الضغوط التي مورست على سعد الحريري بسبب رفضه الانصياع الكلّي لرغبات “الجمهوريّة الإسلاميّة” الإيرانية. كانت الضغوط على سعد الحريري دليلا على إصرار إيراني على التفرّد بلبنان.

كان لا بدّ من التخلّص من سمير قصير ثمّ من جبران تويني وآخرين، بمن في ذلك بيار أمين الجميل ووسام الحسن كي تزول كلّ عقبة في طريق المشروع التوسّعي الإيراني في المنطقة من جهة وإخضاع لبنان كلّيا وتدجينه من جهة أخرى.

نفتقد هذه الأيام سمير قصير ونفتقد زوجته جيزيل خوري، المرأة الفريدة من نوعها، التي استطاعت إبقاء ذكراه حيّة طوال سنوات.

 في ذكرى مرور 20 عاما على اغتيال سمير قصير من الواجب إعطاء الرجل حقّه. المؤسف أنّ هذا المفكّر الذي عشق بيروت غائب عن لحظة تاريخية تتمثل في عودة سوريا إلى السوريين ولبنان إلى اللبنانيين. كان حلم سمير قصير بعيد المنال. هذا ما خيّل للبعض. لكنّ هذا الحلم صار في نهاية المطاف واقعا.

من كان يتصوّر أن لبنان سينتخب رئيسا للجمهورية، هو جوزيف عون، لم يكن مرشّح “حزب الله”، أي إيران؟ من كان يتصور نواف سلام، الرجل الحرّ، في موقع رئيس مجلس الوزراء وأن في استطاعته، من هذا الموقع، الجزم أنّ أيام كانت إيران تصدر ثورتها انتهت؟ من كان يتصوّر أن الحكم في سوريا سيعود إلى الأكثرية السنّية التي عرف سمير قصير باكرا أنّه لا يمكن إزالتها من المعادلة السياسية في المنطقة؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلم سمير قصير الذي صار حقيقة حلم سمير قصير الذي صار حقيقة



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 00:05 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 20:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 08:41 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أحمد في ورطة؟

GMT 18:57 2025 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

موديلات عبايات لصيف 2025 ستجعلك تبدين أصغر سناً

GMT 13:03 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

زاهى حواس يكشف طلب الرئيس السادات عندما زار المتحف المصرى

GMT 14:57 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حريق داخل بسطة خضار بداخلها غالونات بنزين ومازوت في بعبدا

GMT 23:57 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

5 نصائح تمكنك من الانسجام والتفاهم مع شريك حياتك

GMT 22:53 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:11 2022 الجمعة ,20 أيار / مايو

لبنان يوجه ضربة مزدوجة لطهران
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon