جولة ترامب… وقمّة بغداد

جولة ترامب… وقمّة بغداد

جولة ترامب… وقمّة بغداد

 لبنان اليوم -

جولة ترامب… وقمّة بغداد

بقلم: خير الله خير الله

تطرح زيارة الرئيس دونالد ترامب للمملكة العربيّة السعودية ودولة الإمارات العربية المتّحدة وقطر أسئلة وتحدّيات عدّة، إضافة إلى أنّها زيارة ذات أهمّية استثنائية جعلت القمّة العربية المتوقّع أن تنعقد في بغداد قريباً حدثاً هامشيّاً وحسب.

باتت القمّة حدثاً هامشيّاً على الصعيد الإقليمي، خصوصاً لدى اكتشاف أنّ رئيس الوزراء العراقي محمّد شيّاع السوداني يستطيع كتابة مقال طويل في الزميلة “الشرق الأوسط” من دون الإتيان على ذكر إيران وممارساتها في المنطقة، بما في ذلك العراق. ألا يستحقّ ما فعلته “الجمهوريّة الإسلاميّة” في العراق وسوريا ولبنان، حيث لا تزال تحرّك الحوثيّين، ما يستأهل أن يكون موضع اهتمام الشخص الأهمّ في تركيبة النظام العراقي الذي قام بعد عام 2003… ولو عبر إشارة عابرة؟

في مقدَّم التحدّيات التي تواجه الرئيس الأميركي في السعودية والإمارات وقطر سؤال في غاية البساطة والوضوح: من رئيس أميركا، دونالد ترامب أم بنيامين نتنياهو؟

في انتظار الإجابة عن السؤال، يمكن القول إنّ أهمّية الجولة الخليجية لترامب تعود إلى الأحداث التي يمرّ فيها العالم والمنطقة، وهي أحداث لا سابق لها من زاوية حدوثها في الوقت ذاته. تستمرّ حرب أوكرانيا التي مضت عليها ثلاث سنوات في وقت يُخشى اندلاع حرب هندية – باكستانية بين دولتين تمتلكان السلاح النووي. تستمرّ أيضاً حرب غزّة في ظلّ إصرار إسرائيلي على تكريس الاحتلال للقطاع أو لجزء منه. فوق ذلك كلّه ليس معروفاً بعد هل استسلام الحوثيين في اليمن، كما يقول الرئيس الأميركي، ستكون له انعكاساته على موقف إيران في المفاوضات التي تجريها مع “الشيطان الأكبر”؟
توفّر زيارة ترامب للسعوديّة فرصة كي تمارس الولايات المتّحدة دورها القيادي على صعيد المنطقة

دور السّعوديّة المحوريّ

تؤكّد جولة ترامب أوّلاً اعترافاً أميركيّاً بالدور المحوري للمملكة العربية السعودية والإمارات وقطر إقليمياً ودولياً. ظهر ذلك بوضوح من خلال استضافة الرياض للمفاوضات الأميركية – الروسيّة من أجل إنهاء الحرب الأوكرانية المستمرّة منذ ثلاث سنوات وأكثر. يشمل ذلك الأزمة الناجمة عن الدور الإسرائيلي الهادف إلى تعطيل أيّ تقدّم في سوريا التي نفضت عنها النظام العلويّ. أمّا بالنسبة إلى قطر، فلا تزال، مع مصر، بين الأطراف القليلة التي تستطيع إفهام “حماس” أنّ كلّ ما تقوم به هو استمرار للدور الذي لعبته الحركة، منذ قيامها، في خدمة مشروع اليمين الإسرائيلي.

ترامب


الأهمّ من ذلك كلّه: هل تستطيع إدارة ترامب تأكيد أنّ لديها أجندة خاصّة بها غير الأجندة الإسرائيلية، خصوصاً في شأن حرب غزّة؟ صحيح أنّ “حماس” تتحمّل مسؤوليّة اندلاع هذه الحرب عندما شنّت هجوم “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ اليمين الإسرائيلي، عبر حكومة بنيامين نتنياهو، يستغلّ حرب غزّة من أجل تصفية القضيّة الفلسطينية. هذا أمر لا يمكن أن تقبل به السعودية والإمارات وقطر. تمتلك كلّ من الدول الثلاث وجهة نظر خاصّة في شأن كيفية التعاطي مع إسرائيل. لكنّ لدى الدول الثلاث نظرة موحّدة من قضيّة فلسطين تقوم على أنّ الشعب الفلسطيني موجود على الخريطة السياسية للمنطقة ولا يمكن تصفية قضيّته التي هي قضيّة حقوق مشروعة معترف بها من الأمم المتّحدة.
تضع الجولة الخليجية لترامب السياسة الإقليميّة للولايات المتّحدة على المحكّ

توفّر زيارة ترامب للسعوديّة فرصة كي تمارس الولايات المتّحدة دورها القيادي على صعيد المنطقة. لا يقتصر الأمر على الموقف من إيران وملفّها النووي وصواريخها وميليشياتها المذهبية المنتشرة في المنطقة فحسب، بل لا بدّ أيضاً من موقف يتّخذه الرئيس الأميركي من حلفائه الإقليميين أيضاً. بكلام أوضح سيكون مفتاح النجاح للزيارة سؤالاً آخر في غاية البساطة والوضوح، على غرار سؤال من هو رئيس أميركا: هل أميركا تابعة لإسرائيل أم لا؟ هل تستطيع أن تأخذ في الاعتبار مواقف حلفائها الإقليميّين، الذين وقفوا معها تاريخياً وأن تقيم وزناً لما سيطرحونه على الرئيس الأميركي؟

الاعتراف بالواقع المؤلم

من سوء حظّ القمّة العربيّة، المتوقّع أن تستضيفها بغداد، أنّ موعدها يأتي مباشرة بعد الجولة الخليجية لترامب. ما قيمة أيّ قمّة عربيّة، على الرغم من كلّ النيّات الطيّبة التي عبّر عنها رئيس الوزراء العراقي، من دون موقف جريء يضع الأمور في نصابها؟ من المفيد أن يتحدّث محمّد شيّاع السوداني عن “نهج عربي جديد” وعن آفاق التعاون بين الدول العربية بقوله: “في لحظةٍ يغيب فيها الانخراط الدولي الفاعل لمصلحة شعوب المنطقة، تزداد أهميّة امتلاكنا استراتيجية تنموية عربية شاملة”. ولهذا يدعو العراق إلى اعتماد نهج اقتصادي تكامليّ يعالج التفاوت التنمويّ، ويعزّز القدرة الجماعية على مواجهة أزمات الغذاء والطاقة وسلاسل الإمداد. ونؤكّد في هذا السياق أنّ مشروع “طريق التنمية” الذي أوشك على الاكتمال هو نموذج عمليّ لهذا التوجّه، ويمكن أن يكون ركيزة لشراكات عربية حقيقيّة.
تؤكّد جولة ترامب أوّلاً اعترافاً أميركيّاً بالدور المحوري للمملكة العربية السعودية والإمارات وقطر إقليمياً ودولياً

لا شكّ أنّ الكلام الجميل الصادر عن رئيس الوزراء العراقي كلامٌ في محلّه، لكنّه كيف يمكن إعطاء هذا الكلام معنى ما من دون التطرّق إلى ما يؤرق العالم العربي بسبب رفض إيران أن تكون دولة طبيعية من دول المنطقة، ومن دون موقف واضح من ممارسات “حماس” المصرّة على احتجاز رهائن إسرائيليّين، خصوصاً أنّ ذلك يسهّل على بنيامين نتنياهو استكمال تدميره للقطاع؟

قبل الخوض في مشروع “طريق التنمية”، توجد حاجة إلى طرح أسئلة بديهية من نوع: ما يفيد دعم إيران الحوثيين بالصواريخ ووسائل القتال بحجّة “إسناد غزّة”، فيما لا ضرر حقيقيّاً يلحق بإسرائيل، بل إنّ الضرر الحقيقي يلحق بالاقتصاد المصري في ضوء هبوط عائدات قناة السويس؟

تضع الجولة الخليجية لترامب السياسة الإقليميّة للولايات المتّحدة على المحكّ. في المقابل تكشف قمّة بغداد منذ الآن أنّ الحاجة، قبل الحديث عن “شراكات عربية حقيقية”، إلى الاعتراف بالواقع الإقليمي المؤلم الذي جرّت إيرانُ إليه المنطقةَ واتّخاذ موقف واضح وصريح منه.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جولة ترامب… وقمّة بغداد جولة ترامب… وقمّة بغداد



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon