خيارات أخرى بعد لقاء ترامب  عبدالله الثاني

خيارات أخرى.. بعد لقاء ترامب - عبدالله الثاني

خيارات أخرى.. بعد لقاء ترامب - عبدالله الثاني

 لبنان اليوم -

خيارات أخرى بعد لقاء ترامب  عبدالله الثاني

خير الله خير الله
بقلم - خيرالله خيرالله

بدل الكلام الكبير الصادر عن الرئيس دونالد ترامب عن غزّة، وهو كلام من النوع الذي لا مكان له على أرض الواقع الشرق الأوسطي، جاء وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى المنطقة ليتحدث بطريقة أو بأخرى عن بداية تراجع. صحيح أنّ روبيو ما زال يركّز على خطة ترامب المتعلّقة بتهجير أهل غزّة، لكن الصحيح أيضا أنه أبدى انفتاحا على خيارات أخرى يمكن أن تطرح في هذا الشأن، أي في شأن ما له علاقة بمستقبل غزّة.

يضع مثل هذا الكلام الصادر عن روبيو الكرة في الملعب العربي الذي عليه البحث عن خيار واقعي لمستقبل غزّة بعيدا عن "حماس" التي أخذت القطاع إلى كارثة بعدما تحولت غزّة ذات الـ365 كيلومترا مربّعا إلى أرض طاردة لأهلها. هل يتحمّل العرب، والمعني هنا بالعرب، الأطراف التي تستطيع التأثير بشكل إيجابي في مجرى الأحداث، مسؤولياتهم التاريخية تجاه غزّة ومستقبلها بدل تركها ضحيّة لأوهام "حماس"، بكل ما تمثله من فكر متخلف، من جهة وممارسات الوحش الإسرائيلي من جهة أخرى؟

 من هنا كان مفيدا تفادي التسرّع وانتظار بضعة أيام قبل الحكم على اللقاء الذي انعقد في البيت الأبيض بين دونالد ترامب والملك عبدالله الثاني كي تتضح الأمور التي نُوقشت بين الرجلين وكي توضع هذه الأمور في نصابها. فحوى اللقاء الذي سعت جهات معينة إلى تلغيم مضمونه، خصوصا تحريف كلام العاهل الأردني لدى ترجمته إلى العربيّة، أن عبدالله الثاني ابلغ الرئيس الأميركي بلباقة أنّ إقتراحه في شأن تهجير مواطني غزّة لن يمرّ ولا يمكن أن يمرّ. كلّ ما حصل أنّ عبدالله الثاني عمل من أجل كسب الوقت بغية إيجاد بديل معقول ومقبول من خطة ترامب. كان ذلك أيضا ما قصده سفير دولة الأمارات العربية المتحدة في واشنطن يوسف العتيبة الذي دعا إلى البحث عن بدائل من خطة الرئيس الأميركي. وُجد في الفريق نفسه الذي حوّر كلام عبدالله الثاني من يحوّر كلام العتيبة أيضا من أجل الإساءة إلى دور الإمارات ومساهمتها في خلق أجواء جديدة في المنطقة تخدم قضيّة السلام والإستقرار فيها.

لم يكن مطلوبا من عبدالله الثاني، سليل الأسرة الهاشميّة، الدخول في صدام مع الرئيس الأميركي بمقدار ما كان مطلوبا منه استيعابه. كانت محاولة منه تشبه إلى حدّ كبير ترويضا لثور هائج. لذلك قال له في موضوع غزّة وتحويلها إلى مشروع عقاري ناجح: "من الصعب تنفيذ ذلك بصورة ترضي الجميع". لم يقل العاهل الأردني على الإطلاق: "سنرى كيف يمكن تحقيق ذلك (نقل الفلسطينيين) وجعله في مصلحة الجميع". من يعرف ولو القليل من الإنكليزية يستطيع التأكّد من ذلك اعتمادا على النصوص الرسميّة المتوافرة.

الآن، وقد هدأت العاصفة، في الإمكان العودة إلى السؤال الأساسي، أي ما العمل بغزّة التي يمكن اعتبارها فشلا عربيّا أكثر من أي شيء آخر؟ أخذت غزّة منذ سيطرة "حماس" عليها وتحويلها إلى "إمارة إسلاميّة" منتصف العام 2007، المنطقة كلها إلى مكان آخر. توجد، عمليا، منطقة جديدة بعد "طوفان الأقصى" وهو الهجوم الذي شنته "حماس" في السابع من تشرين الأوّل – أكتوبر 2023. لم تكن غزّة في ظلّ حكم "حماس" مجرّد وكر للإخوان المسلمين نشطوا من خلاله في مرحلة معيّنة في اتجاه الداخل المصري، خصوصا في السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الراحل حسني مبارك. كانت غزّة أيضا أحدى الساحات الإيرانيّة في المنطقة أيضا.

 لم يكن هناك في أي وقت ما يكفي من الاهتمام العربي بما يدور في غزّة في ظلّ سلطة وطنيّة فلسطينية تعاني من ضعف الرؤية السياسية في غياب ياسر عرفات منذ تشرين الثاني – نوفمبر 2004. لم يقتصر الأمر على ذلك، بل تورطت "حماس" أكثر، يوما بعد يوم، في استغلال غزّة من أجل تدمير المشروع الوطني الفلسطيني من جهة وتعزيز الوجود الإيراني في المنطقة وترسيخه من جهة أخرى.

كان ذلك كلّه يجري في ظلّ تفهّم إسرائيلي بعدما وضعت "حماس" نفسها في خدمة تكريس الإنقسام الفلسطيني بينها وبين "فتح"، التي أبعدت من غزّة، وبين القطاع والضفّة الغربّية. هذا الإنقسام استثمرت فيه غير جهة مولت الحركة على الرغم من أنّها كانت في الواقع في خدمة اليمين الإسرائيلي والمشروع التوسعي الإيراني في آن.

ما طرحه الملك عبدالله الثاني في مواجهة ترامب يدعو إلى التوقف عنده. بات مطلوبا مواجهة الواقع بدل الهرب منه مع ما يعنيه ذلك من ضرورة قول كلام صريح والإعداد في الوقت ذاته لخطة عمل تأخذ في الإعتبار وجود مشكلة تاريخيّة إسمها غزّة.

 يبدو ضروريا أكثر من أي وقت تحمّل العرب لمسؤولياتهم في حال كان مطلوبا مواجهة الطرح الإستفزازي للرئيس الأميركي. يُفترض أن تتلخّص الخطوة الأولى في هذا المجال بالإعلان أن لا مستقبل لغزّة بوجود "حماس". مثل هذا الكلام الشجاع، وهو الأوّل من نوعه الذي يصدر عن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، يتطلب في نهاية المطاف خطة متكاملة تجعل من غزّة جزءا من الأمن العربي. ثمّة حاجة إلى خطة تفرّغ المنطق الإستعماري الإسرائيلي من مضمونه كما تردّ على منطق ترامب الذي يدعو إلى تهجير شعب من أرضه.

قد تعوّض الشجاعة العربيّة عندئذ سنوات من التقصير تعامى فيها عدد كبير من المسؤولين العرب عن خطورة القنبلة الموقوتة المتمثلة بوضع "حماس"، بجناحيها الإيراني والإخواني، يدها على غزة... وصولا إلى اليوم الذي صار فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يدعو إلى نقل الغزاويين إلى الأراضي السعودية خروجا عن أي منطق أخلاقي على علاقة بالقانون الدولي. لا تعبّر مثل هذه الدعوة سوى عن انحطاط سياسي ورغبة عن الإبتعاد عن أي مشروع ذي علاقة بتحقيق السلام والأمن والإستقرار في الإقليم!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيارات أخرى بعد لقاء ترامب  عبدالله الثاني خيارات أخرى بعد لقاء ترامب  عبدالله الثاني



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد

GMT 13:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

رحلة الى عالم أوميجا رؤية استباقيّة لمستقبل صناعة الساعات

GMT 05:00 2020 الإثنين ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أصوات 20 ألف جزائري تحدد مصير جزيرة قرب أستراليا

GMT 21:50 2014 الإثنين ,02 حزيران / يونيو

"إل جي" تكشف رسميًا عن هاتفها "G3"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon