النصرة والقاعدة وتحدّي الموجة الرابعة

النصرة والقاعدة وتحدّي الموجة الرابعة

النصرة والقاعدة وتحدّي الموجة الرابعة

 لبنان اليوم -

النصرة والقاعدة وتحدّي الموجة الرابعة

حازم صاغيّة
ليس الزواج الأخير بين «القاعدة» و «جبهة النصرة»، على ما شابه من التباسات، بالأمر البسيط. وهو ما لا يفيد في الهرب منه الحديث عن دور النظام السوريّ في صناعة الإرهاب، أو عن تأثير التباطؤ الدوليّ في إنجاد الشعب السوريّ، أو عن الميل الغربيّ إلى تضخيم الارهاب. فكثير من هذه الحجج صحيح، إلاّ أنّ قليلها ما يساهم في الإجابة عن الأسئلة الفعليّة التي يطرحها ذاك الزواج. والحال أنّنا إذا ما موضعنا الثورة السوريّة، وباقي ثورات «الربيع العربيّ»، في سياق كونيّ، افترضنا أنّها الموجة الرابعة التي عرفها عالمنا المعاصر في كسر الاستبداد وكسر العزلة التي ترافقه: فالموجة الأولى انطلقت مع انهيار التوتاليتاريّات الفاشيّة بعد الحرب العالميّة الأولى، ثمّ نشأت الموجة الثانية مع دمقرطة الجنوب الأوروبيّ (إسبانيا، البرتغال، اليونان) في أواسط السبعينات، لتولد الموجة الثالثة مع انهيار التوتاليتاريّات الشيوعيّة بعد الحرب الباردة، وما رافق ذلك من دمقرطة طاولت أجزاء واسعة من أميركا اللاتينيّة وأفريقيا. هذه الموجة الرابعة، المخوّلة هدم نظريّة «الاستثناء العربيّ»، منوط بها، من غير تجميل أو تزويق أو تحايل، أن تكسر الاستبداد، ومعه ما يصاحب الاستبداد من عزلة عن عالمٍ تقع الولايات المتّحدة وأوروبا الغربيّة في قلبه وصدارته. هذا ما قالته الموجات الثلاث السابقة، فهل تقوله الموجة الرابعة بحيث تستحقّ تسميتها هذه؟ نعرف تماماً أنّ واقعنا أشدّ تعقيداً، بحيث تتعايش الثورة على الاستبداد والعزلة مع نوازع أهليّة، دينيّة وطائفيّة وإثنيّة، محتقنة وطاغية. وفي هذا الإطار يمثّل الحيّز الذي يحتلّه أهل «القاعدة» و «النصرة» ومحبّو صدّام حسين في البيئة العريضة للثورة السوريّة، الطرف الذي يريد إبدال استبداد باستبداد وعزلة بعزلة. وفي السياق هذا، ربّما احتلّ الإخوان المسلمون، في ثورات «الربيع العربيّ» عموماً، المكان الوسط بين دعاة التخلّص من كلّ استبداد وعزلة وبين دعاة الاستبدال من راديكاليّين إسلاميّين وقوميّين. فالإخوان ينزاحون مرّة، وقليلاً، إلى هذا الجانب ومرّة، وقليلاً، إلى ذاك. لكنْ فيما يتجرّأ الإبداليّون، يتذبذب دعاة كسر الاستبداد، كلّ استبداد، والعزلة، كلّ عزلة، فيقتصر الأمر على سطرين يكتبهما على تويتر الشيخ معاذ الخطيب! وهذا كلّه لا يخرج عن تقليد عربيّ عريق، كانت الطبقات الحاكمة والبورجوازيّات وفيّة له دائماً. وقد كان من علامات ذلك أنّ ما يقال في الغرف المغلقة لا يقال في العلن، بحيث تنتفي الصفة القياديّة عن القائد وصانع الرأي المفترضين. لكنّ أبرز تجلّياته الوقوف في السياسة «مع الغرب» والتغطية على ذلك بالوقوف في الثقافة والاجتماع مع ما يراه «الشعب» لازماً... واليوم تكشف مصاعب تسليح الثوّار السوريّين كم أنّ البقاء في هذا التذبذب قاتل للثورة السوريّة ولسوريّة نفسها، خصوصاً أنّ الغرب الذي يُفترض به أن يسلّح لا يزال يخوض حرباً ضدّ طرف يعتبر نفسه جزءاً من الثورة السوريّة. وغنيّ عن القول إنّ من يدعمك هنا لا يمكن إلاّ أن تدعمه هناك. وهذا أيضاً يرقى إلى تقليد سياسيّ وثقافيّ عربيّ كانت ترجمته الأكثر شيوعاً تقول: فليدعمنا العالم في فلسطين، ونحن لسنا معنيّين بشؤون هذا العالم! خيارات حادّة وصعبة؟ بالتأكيد. لكنْ هذه هي سوريّة. نقلاً عن جريدة "الحياة"
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النصرة والقاعدة وتحدّي الموجة الرابعة النصرة والقاعدة وتحدّي الموجة الرابعة



GMT 14:55 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدعة النزاهة

GMT 12:21 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

نريد نتائج لا تنظيرًا

GMT 12:20 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مرشحو الرحيل

GMT 12:19 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مادورو على توقيت ترمب

GMT 12:18 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

القزويني والمياه الرقمية المُلوّثة

GMT 12:17 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الفاشر وتغيّر قلوب الرجال

GMT 12:15 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

النشاز الإسرائيلي في الدبلوماسية الأميركية

GMT 12:14 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

الإلغاء لا يحل مشكلة القوائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 13:56 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 13:06 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 12:37 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

ابرز الأحداث اليوميّة

GMT 15:17 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:57 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon