المفتاح في المنطقة وليس خارجها

المفتاح في المنطقة وليس خارجها

المفتاح في المنطقة وليس خارجها

 لبنان اليوم -

المفتاح في المنطقة وليس خارجها

بقلم : مأمون فندي

إذا كانت أميركا قد فشلت في الشرق الأوسط تحت قيادات ذات خبرات سياسية عالية في الإدارة السابقة بالتحديد٬ فلماذا يتوقع الكثيرون من الإدارة الأميركية الحالية في ٬ أو أن تكون السياسة الأميركية في عهدها أكثر رشداً وعقلانية؟ البيت الأبيض أن تكون أفضل حالاً

الناظر إلى خريطة الدم أو لوحة الأزمات في الشرق الأوسط يدرك ببساطة أن القوة العظمى الوحيدة في العالم ليس لديها المفتاح السحري لحل المشكلات من ليبيا إلى سوريا إلى اليمن والعراق٬ وأزمات كثير من الدول التي تتحرك على رمال السياسة المضطربة. وأن المشكلات المحلية لا يحلها إلا القادة المحليون أنفسهم٬ وهذا هو التحدي وليس الإدارة الأميركية ومدى نجاحها أو فشلها٬ المفتاح هنا وليس في واشنطن.

أدوات الدول العظمى بداية ليست مجهزة للحروب الصغيرة؛ فالولايات المتحدة الأميركية تستطيع أن تكسب حرباً كونية أو عالمية٬ ولكنها لا تنجح في الصومال ويجد جنودها صعوبة على الأرض٬ ليست لأنها دولة ضعيفة٬ ولكن لأن المشكلة صغيرة ولا تليق بتجهيزات دولة عظمى.

أمام الإدارة الأميركية واحدة واحدة ندرك مدى المشكلات التي ستواجهها هذه الإدارة٬ والذي لا يقل عن إذا ما أخذنا المشكلات المحلية في منطقتنا ووضعناها تحدياً معاناة سابقتها.

ففي اليمن ترى ماذا ستفعل الإدارة الأميركية هناك سوى أن تدك القاعدة٬ وهذا ما تفعله بين الحين والآخر٬ لكن الولايات المتحدة الأميركية يبدو أنها لا تريد أن ترسل قواتها خارج حدودها كما كانت تفعل ذلك في الماضي.

أما سوريا٬ فهي كارثة إنسانية في سياق حرب أهلية٬ ورغم أن الولايات المتحدة الاميركية مجهزة للتعامل مع الكوارث الإنسانية٬ إلا أن الحرب في سوريا وتعدد في إرسال قوات لترجيح كفة المعركة لصالح النظام أو الطرائف في تلك البلد والحرب القائمة بين النظام السوري ومعارضيه٬ كل ذلك يجعل الأميركيين يترددون كثيراً المعارضة. ورغم الوجود الروسي في سوريا٬ فهي ليست أفغانستان السبعينات التي كانت وقعت في سياق الحرب الباردة؛ ولذلك كان هناك تدخل أميركي مباشر٬ أما في سوريا فلا يوجد سياق عالمي حاكم للأزمة إلا في إطار المساومة بين روسيا والغرب في معادلة سوريا مقابل أوكرانيا. غير ذلك٬ فإن سوريا لا تعني الكثير للإدارة . فما الجديد هنا٬ وما الذي يدفع الإدارة الأميركية إلى

الأميركية الحالية. قد تعني الكثير في سياق الحرب على الإرهاب٬ ولكنها تشترك في هذا مع كل دول المنطقة تقريباً التدخل؟ مفتاح سوريا في منطقتنا وليس في واشنطن أو موسكو.

أما ليبيا٬ فتلك دولة لا يمكن إعادتها إلى حالتها الأولى؛ فهي مجموعة مناطق جغرافية متباعدة في مساحة شاسعة٬ وهي دولة يصعب حكمها في ظل الظروف الراهنة مهما كان الاستثمار في الجنرال حفتر وجيشه. نعم٬ هناك بترول في ليبيا٬ ولكن أميركا لم تعد كما العهد السابق في الحاجة إلى بترول المنطقة٬ ومن قرأ قريباً عن بالبترول. كما أن وزير خارجيته ريكس تيلرسون هو من أهم خبراء البترول في عالم اليوم٬ اكتشاف أكبر حقل في العالم بالقرب من ألاسكا يدرك أن ترمب لا يهتم كثيراً ويعي القيمة النسبية لبترول ليبيا٬ مقارنة بالدول الأخرى الكثيرة المنتجة للنفط.

في العراق٬ وقد يستمر عدم الاستقرار لجيلين مقبلين٬ فما الذي يجعل الإدارة الأميركية أن أما العراق٬ فهي ستبقى على حالها٬ فمنذ 2003 حتى الآن لم نر استقراراً تتدخل في عراق أثبتت أميركا فشلها فيه رغم تغيير القادة؟!

تزيد من التوتر الداخلي٬ وفي أي لحظة يمكننا لم أتحدث بعد عن دولة مثل إيران في طريقها للفشل بعد تمددها خارج حدود قوتها٬ ولكن تدخلات إيران في الخارج حتماً أن نشهد الإيرانيين في الشوارع٬ كما رأيناهم في مصر وبعض دول الربيع العربي.

كل خريطة الفشل هذه تجعلنا نأخذ منظوراً مختلفاً٬ وهو وضع كاهل المشكلة برمتها تحت أقدام القادة المحليين فلا سحر هناك؛ فالمعادلة هي ولا تزال تدخل إيران في العالم العربي بشكل سافر. فلماذا يتوقع العرب أن تكون الإدارة الأميركية أكثر حصافة من سابقاتها في كل هذه المشكلات المعقدة؟!

صحيح أن الأميركين يمن أن يساعدونا على حلول أزمات منطقتنا؛ لكن لا بد أن نأخذ زمام المبادرة بأنفسنا٬ ولذا بات لزاماً على القادة المحليين أن يفرضوا أنفسهم على أنهم قادرون على حل مشكل منطقتهم بأنفسهم. الحل أو المفتاح ليس في واشنطن٬ وإنما عندنا نحن وفي منطقتنا.

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفتاح في المنطقة وليس خارجها المفتاح في المنطقة وليس خارجها



GMT 20:04 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

حتمية المواجهة الإيرانية ــ الإسرائيلية

GMT 19:56 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

رمضان وفلسفة الجوع

GMT 11:41 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

نقطة انقلاب في واشنطن

GMT 18:19 2024 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

هل شفي الغرب من معاداة السامية؟

GMT 15:58 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

إسرائيل... الإبادة الجماعية ومحكمة العدل

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:25 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 13:01 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 06:15 2023 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023

GMT 22:22 2016 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

عطر Bamboo من Gucci الرقّة والقوّة في مزيج واحد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon